خلال فعاليات المؤتمر الدولي حول الحكومة المنفتحة والحصول على المعلومات بسلا

بنعبد القادر: الانضمام للحكومة المنفتحة تتويج لمختلف المبادرات التي انخرط فيها المغرب وتعزيز للمنجزات المحققة في مسار التنمية والتحديث والديمقراطية
فعل الانضمام إلى الشراكة من أجل حكومة منفتحة مبادرة مهمة، لكنه ليس غاية في حد ذاته، بل هو تأكيد للخيارات الأساسية التي كرسها دستور المملكة

احتضنت مدينة سلا، أول أمس، المؤتمر الدولي حول الحكومة المنفتحة والحصول على المعلومات، الذي نظمته وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية بتعاون مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وذلك بتزامن مع دخول قانون الحق في الحصول على المعلومات حيز التنفيذ بالمغرب.
حضر هذا المؤتمر الدولي عدد من الوفود المشاركة من لبنان وتونس والأردن واسبانيا وفرنسا، وعدد من الوزراء والخبراء والمختصين، ومدير الحكامة العمومية بمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ورئيس مبادرة الشراكة من أجل الحكومة المنفتحة ورئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ورئيسة الهيئة العليا للسمعي البصري ورئيس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي ورئيس اللجنة الوطنية للحق في الحصول على المعلومات ورئيس المجلس الوطني للصحافة والمدير العام لأرشيف المغرب.
في الجلسة الافتتاحية لهذا المؤتمر الدولي ألقى محمد بنعبد القادر كلمة افتتاحية، بالمناسبة، أعرب فيها عن بالغ الاعتزاز لتفضل جلالة الملك بإسباغ رعايته السامية على انعقاد هذه الندوة الدولية حول الحق في الحصول على المعلومات والحكومة المنفتحة، وهي رعاية تؤكد مرة أخرى إرادة جلالته الراسخة وإرادة الدولة المغربية الثابتة في المضي قدما في ورش تحديث الفعل العمومي المطبوع بالشفافية والنزاهة والانفتاح على المواطن المغربي.
كما استحضر مواكبة منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لجهود المغرب في مختلف الأشواط التي قطعها للانضمام لمبادرة الشراكة من أجل الحكومة المنفتحة (OGP)، حيث لم تدخر أي جهد في سبيل استفادة المغرب من استشارات خبرائها ومن تجارب الدول الأعضاء أو الدول التي هي في طريق الانضمام إلى هذه الشراكة، هذه الجهود التي تكللت بالانضمام الرسمي للمملكة المغربية للمبادرة في 26 أبريل 2018.
وبالموازاة مع ذلك تقدم المسؤول الحكومي بالشكر لجميع الشركاء الذين يقدمون كل أشكال الدعم والمواكبة لتنزيل هذا الورش الهام، وخاصة منهم المملكة الإسبانية، وألمانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
وأشار بنعبد القادر إلى أن المغرب قد انخرط تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، في مسار من الإصلاحات على المستويات المؤسساتية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، مبرزا في نفس الوقت أن المغرب قد سجل خلال العقدين الأخيرين تراكمات ومكتسبات كبرى مكنته من ترسيخ المسار الديمقراطي والبناء المؤسساتي، وتعزيز قيم الديمقراطية التشاركية ومبادئ الحكامة والشفافية والنزاهة واحترام حقوق الإنسان بما فيها حق الحصول على المعلومة.
وتابع نفس المتحدث أنه في إطار تطلع البلاد إلى ترسيخ وتفعيل مبادئ الحكامة الجيدة التي أقرها دستور 2011، فقد انصبت جهود الحكومة المغربية على استكمال إصلاحات الحكامة العمومية التي باشرتها وعلى تفعيل آليات الديمقراطية التشاركية، وذلك من خلال الانفتاح على تجارب دولية رائدة في هذا المجال وكذا الاستعداد لتقييم هذه الجهود في ضوء مؤشرات المعايير الدولية.
وأضاف بنعبد القادر “من هذا المنطلق، ووعيا منها أن مبادرة الشراكة من أجل الحكومة المنفتحة (OGP) تعتبر إطارا لتعزيز مكاسبها من حيث الشفافية والعدالة والنزاهة والمشاركة المواطنة، جاءت مساعي الحكومة المغربية للانضمام إلى هذه المبادرة، لما تتيحه من التزامات إجرائية وممارسات ملهمة لتفعيل قواعد الحكامة الجيدة وتعزيز ثقة المواطن في المؤسسات الإدارية”.
وأوضح أن هذا الانضمام شكل تتويجا منطقيا لمختلف المبادرات التي انخرطت فيها البلاد، وتعزيزا للمنجزات الملموسة التي حققها المغرب في مسار التنمية والتحديث والديمقراطية، وذلك باعتباره بلدا يطمح إلى الاستثمار الأمثل في رأسماله البشري وإلى تعبئة كل طاقاته الذاتية حتى يستمر بلدا صاعدا وآمنا، وشريكا إقليميا ودوليا موثوقا في تحقيق رهانات السلم والاستقرار والتقدم.
وشدد بنعبد القادر على أن “فعل الانضمام إلى الشراكة من أجل حكومة منفتحة إذا كان مبادرة مهمة، فهو بالنسبة لنا ليس غاية في حد ذاته، بل هو تأكيد للخيارات الأساسية التي كرسها دستور المملكة، تلكم الخيارات التي تفتح آفاقا واسعة للمشاركة المواطنة الفعلية والفعالة، ولتعزيز الحقوق والحريات، ولتكريس مبادئ وآليات الحكامة الجيدة. وهو ما يحفزنا أكثر على الانخراط في ما يتيحه التعاون الدولي من إمكانات العمل المشترك والمثمر، ويعزز استعدادنا الدائم للمزيد من الانفتاح ولتقاسم وتبادل تجربتنا الذاتية مع شركائنا في التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف”. ولكسب رهانات هذا المسار الطموح، ذكر الوزير أنه تم اعتماد مخطط عمل وطني للحكومة المنفتحة للفترة 2018-2020، يتضمن 18 التزاما في مجالات الحق في الحصول على المعلومات وشفافية الميزانية والمشاركة المواطنة ومحاربة الفساد وتعزيز قيم النزاهة في المرفق العام.
وفي نفس السياق، تم الحرص على إرساء نظام حكامة لورش الحكومة المنفتحة قائم على شراكة قوية مع المجتمع المدني لضمان تعاون مستدام ودينامية مشتركة تسهم في تفعيل التزامات المملكة المغربية المتضمنة في هذا المخطط الوطني. مشيرا في هذا الإطار إلى أن التمثيلية المتساوية بين المجتمع المدني وممثلي القطاعات العمومية ضمن هيئات الحكامة المسؤولة عن تنفيذ التزامات الحكومة المنفتحة، وكذا التأسيس لنظام للتناوب بالنسبة لتمثيلية المجتمع المدني، من شأنه أن يضمن قيادة ورش الحكومة المنفتحة في إطار من التكامل والتنسيق والتفاعل الإيجابي بين مختلف المتدخلين. وسجل الوزير بنفس المناسبة أن الحديث عن الحكومة المنفتحة لا يستقيم دون تفعيل الحق في الحصول على المعلومات، والذي يعتبر أحد الشروط التي استوفاها المغرب لضمان انضمامه إلى هذه المبادرة، بعد إصداره للقانون المتعلق بالحصول على المعلومات في 12 مارس 2018. هذا القانون الذي يشكل أحد ركائز دعم قواعد الانفتاح والشفافية، يعتبر لبنة أخرى تنضاف إلى سلسلة الإصلاحات التي اعتمدتها البلاد في مسار تعزيز الحكامة الجيدة وترسيخ أسس وضوابط تخليق الممارسة الإدارية وتفعيل المساءلة المسؤولة، وبالتالي ضمان المصداقية والنزاهة في تدبير الشأن العام.
ويذكر أن من أجل التنزيل السليم لمقتضيات قانون الحق في الحصول على المعلومات، فقد تم التنصيص على تحديد أجل سنة لدخوله حيز التنفيذ أي (12 مارس 2019) وسنتين بالنسبة لتدابير النشر الاستباقي (12 مارس 2020)، وذلك بهدف تمكين المؤسسات والهيئات المعنية من اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لضمان حسن تطبيقه. وفي نفس السياق، تم توجيه منشور لرئيس الحكومة يتعلق باتخاذ المؤسسات والهيئات المعنية لإجراءات تتعلق بتعيين وتكوين الأشخاص المكلفين بتقديم المعلومات العمومية للمواطنين.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم تخصيص 6 التزامات من أصل 18 التزاما التي يتضمنها مخطط العمل الوطني للحكومة المنفتحة، لوضع الآليات التنظيمية والتأطيرية والتواصلية والمعلوماتية الكفيلة بضمان حسن تفعيل هذا القانون. وفي هذا الإطار، يتم العمل حاليا على منصة إلكترونية خاصة بالحصول على المعلومات. ولضمان شمولية وتكامل مختلف المنصات التي يتم تطويرها في المجالات ذات الصلة بورش الحكومة المنفتحة بالمغرب، سيتم إحداث بوابة شاملة وموحدة تضم، إضافة إلى المنصات التي أعطيت انطلاقتها، مجزوءات خاصة بالمشاركة المواطنة، والنشر الاستباقي، والبيانات المفتوحة.
يذكر أن تنظيم هذا المؤتمر يندرج في إطار اقتناع المغرب التام بأهمية تنسيق الجهود بين مختلف الشركاء والفاعلين بغاية جعل خيار الحكومة المنفتحة دعامة أساسية لتحقيق الشمولية. إذ يشكل فرصة لتقاسم الخبرات والتجارب الجيدة والممارسات الفضلى في مجال إرساء دعائم تدبير عمومي مندمج ومتكامل قائم على مبادئ الانفتاح والتشاركية.


الكاتب : الرباط: عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 15/03/2019