دخول مدرسي تحت الاختبار بالحوز: اكتظاظ وخصاص وتأخر الأشغال بعد سنتين من الزلزال

مع الدخول المدرسي الحالي لموسم 2025/2026، الذي يصادف الذكرى الثانية لزلزال الحوز، كان من الضروري طرح التساؤل حول المؤسسات التعليمية بمنطقة الحوز، وكيف مر الدخول المدرسي بهذه المناطق التي عرفت قبل سنتين أعنف كارثة طبيعية أدت إلى التدمير الكلي أو الجزئي لأعداد كبيرة من المؤسسات التعليمية، اضطر معها التلاميذ إلى متابعة دراستهم في الخيام أو بحجرات مؤقتة مصنوعة من الحديد و(الدلاكيط) خُصِّصت لهذه الغاية إلى حين بناء أوإعادة تأهيل المؤسسات التعليمية، سواء منها الابتدائية أو الإعدادية أو التأهيلية أو الداخليات ودور الطالبات لاستقبال التلاميذ في أحسن الظروف.

تباين الآراء حول سير الدخول المدرسي

تباينت الآراء التي استقيناها من بعض المناطق التي طالها الزلزال حول جاهزية المؤسسات التعليمية لاستقبال التلاميذ بعد سنتين من الكارثة، وبمنطقة أمزميز بالضبط، عبر البعض عن ارتياحه من السير العادي للدخول المدرسي، الذي مر في أحسن الأحوال وهكذا أكد للجريدة نور الدين الزكراوي، وهو أحد الفاعلين الجمعويين بأمزميز، أن الدخول المدرسي مر في أحسن الأحوال، حيث استقبلت المؤسسات التعليمية التي طالها الإصلاح الشامل وأصبحت في حلة جديدة، التلاميذ في ظروف جيدة، كما بدأت ملامح بعض المؤسسات التعليمية التي تم إصلاحها، بالظهور، الأمر الذي أثار ارتياح التلاميذ والأساتذة العاملين بها ، لكن، ورغم ذلك، لا تزال أوضاع بعض المؤسسات الأخرى على حالها، ولم تتخلص بعد من آثار التدهور الذي خلفه الزلزال، في هذا الصدد أكد محمد الروحي، الأستاذ بإعدادية الفارابي في نفس المنطقة، أن الدخول المدرسي لهذه السنة عرف بعض الارتباك، راجع إلى عدم اكتمال التأهيل وإعادة البناء للكثير من المؤسسات التعليمية. وقال إنه في ما يخص المؤسسات المركزية، كان هناك هدم كلي لمدرسة الأطلس الابتدائية والأشغال جارية لإعادة بنائها، وكان من المنتظر أن يتم إعدادها لتكون مدرسة رائدة في مطلع هذا الموسم، ولكن الأشغال لم تتجاوز بعد نصف ما تم الوعد به.
ابتدائية مارية القبطية تم استغلال بعض الحجرات منها، بينما مازالت تستعمل بعض الحجرات النموذجية التي تم إنشاؤها بدل الخيام خارج المؤسسة وبعيدا عنها بحوالي 400 متر.
المدرسة الابتدائية ابن الونان مازال الأساتذة ينتظرون العودة إلى المؤسسة الأصلية التي مازالت بها 4 أو 5 حجرات لم تتعرض لضرر بالغ من أصل 8، ويشكون من الفضاء والحجرات التي تم بها تدبير التعليم إثر كارثة الزلزال وبعد فضّ الخيام خلف داخلية الفراهيدي. أما الإعدادية الوحيدة فقد تم ترميم أقسامها لكنها غير كافية بسبب ازدياد عدد التلاميذ الوافدين والمكررين، وما يتسبب فيه ذلك من اكتظاظ بمعدل 44 أو 45 تلميذا في الفصل. يضاف إلى ذلك قلة الأطر الإدارية وعدم كفاية الأساتذة لتغطية كافة المستويات التعليمية، كذلك الأمر في الثانويتين التأهيليتين ابن باجة والفراهيدي.
أما الداخلية الوحيدة في تأهيلية الفراهيدي، يضيف الأستاذ الروحي لجريدة الاتحاد الاشتراكي، التي كانت تخضع للإصلاحات قبل الزلزال، فقد توقفت كليا بعد الكارثة، وضعفت طاقتها الاستيعابية بسبب الأقسام أو الغرف التي تم إعدادها بشكل مستعجل لإيواء التلاميذ مع الاحتفاظ بالمطبخ. وخضعت دور الطالب(ة) لإصلاحات سريعة ورغم ذلك طاقتها محدودة. وهذا هو حال المناطق المجاورة، فلا مؤسسة تم إصلاحها بالكامل بعد، سواء في أزكور ولا أنݣال ولا أمغراس. كما تقلصت فضاءات المؤسسات، خاصة الرياضية، بسبب إنشاء الحجرات النموذجية المصنوعة من (الدلاكيط) والحديد، والتي تتأثر كثيرا بعوامل الطقس في البرد شتاء والحر صيفا، مما يجعل أجواء الدرس والامتحانات قاسية على كل من الأساتذة والتلاميذ ويعرض التلاميذ لخطر الإغماءات والأمراض، خاصة في الابتدائي.
وضعية المؤسسات، حسب المتحدث لا تبشر بالخير، كما أن الأطر التربوية بدورها تعرف خصاصا، حيث أفاد الأستاذ الروحي بوجود عجز يناهز 11 أستاذا لم يلتحقوا بعد بإعدادية الفارابي، إضافة إلى الخصاص في الأطر الإدارية، إذ لا يوجد سوى حارس عام واحد يشرف على 1600 تلميذ بالإعدادية، ما يشكل عبئا كبيرا عليه في مخالفة صريحة للعدد القانوني لكل حارس عام المقدر ب 600 تلميذ فقط ، وفي ختام تصريحه، أكد المتحدث أنه تم عرض مختلف هذه المشاكل على المدير الإقليمي، الذي وعد بتسويتها في أقرب الآجال، وعبر عن أمله في إيجاد الحلول المناسبة حتى يمر الموسم الدراسي في هذه المنطقة في ظروف جيدة.

تأخر التحاق الأساتذة ومشاكل التدبير الإداري

في هذا الصدد، أرجع رئيس الجمعية الوطنية للمتصرفين التربويين مولاي امحمد الشهيبات، في تصريح خص به جريدة الاتحاد الاشتراكي، تأخر التحاق الأساتذة بأقسامهم والارتباك الواضح الذي عرفه الدخول المدرسي، ليس فقط بمنطقة أمزميز، بل على صعيد عدد كبير من المؤسسات التعليمية بمختلف جهات المملكة، إلى الارتجالية والعشوائية في التدبير.
وأوضح أنه بعد أسبوع من الدخول المدرسي لم يتوصل 1400 أستاذ بالنتائج النهائية لولوج لمسلك الادارة التربوية بالمركز الجهوية لمهن التربية والتكوين إلا يوم الأحد الماضي، أي بعد أسبوع كامل من تاريخ الالتحاق وتوقيع محاضر الدخول الذي كان محددا في 1 شتنبر، وهم الآن ما زالوا ينتظرون أن يتم تحديد مراكز التكوين التي سيلتحقون بها ليتخرجوا سنة نهاية الموسم الدراسي 2026.2027 بإطار متصرف تربوي .
كما أشار إلى تأخر الروائز الخاصة بالمدارس الرائدة، مرجعا ذلك إلى سوء التدبير أيضا، لافتاً إلى وجود مؤسسات رائدة بإقليم الحوز بدون مدير. وأكد أن الحل بسيط ولا يحتاج سوى إلى إرادة حقيقية، متسائلاً: لماذا لا تصدر الوزارة قرار شغل مهام الإدارة التربوية بمنح المتصرفين التربويين غير المزاولين لمهام الادارة التربوية الحق في مزاولة مهمة مدير بالمؤسسات التي تعاني من خصاص في الإدارة التربوية؟
وأضاف المتحدث أن الدخول المدرسي الحالي عرف مشاكل بالجملة سببها سوء التسيير القادم من المركز، أي من الوزارة، التي لا تتوفر –حسب قوله– على الإرادة السياسية لحل المشكلات العالقة، والتي كان من المفروض أن تجد لها حلا مناسبا قبل نهاية الموسم الدراسي الفارط.
منتقدا الارتجالية التي تطبع التكوينات، مشيرا إلى أن مراكز التكوين لا تكون جاهزة، ولا يتم تعويض الأساتذة المشاركين فيها، بالإضافة إلى مشكل التكوين الجامعي الذي أصبح بمقابل مادي، ما يزيد الأعباء المالية على كاهل الأستاذ الراغب في متابعة دراسته الجامعية.
واعتبر أن الفاعل السياسي يسير نحو تأزيم الوضعية، في وقت ما زال أولياء الأمور يعانون من مشاكل مثل التماطل في تنزيل المقرر الوزاري على مستوى الأكاديميات والمديريات والمؤسسات التعليمية،
كما وصف سياسة هذه الأخيرة بـ»الفاشلة»، منتقدا الحركة المحلية التي تصدر فيها الوزارة قرارات بشكل انتقائي وبنوع من التناقض، حيث تنزل بعض القرارات دون صدورها في الجريدة الرسمية، وتمتنع عن تنزيل أخرى بدعوى عدم صدورها في الجريدة الرسمية.
كل هذه الاختلالات تطرح بإلحاح سؤال الجاهزية الحقيقية للدخول المدرسي بمناطق الحوز وبمختلف جهات المملكة. فبين تصريحات رسمية تؤكد مرور الدخول المدرسي في ظروف عادية، وأصوات ميدانية تدق ناقوس الخطر، يبقى مستقبل الموسم الدراسي مرهونا بسرعة استكمال أشغال إعادة البناء، و سد الخصاص في الأطر التربوية والإدارية، وإيجاد حلول عملية لتفادي الاكتظاظ، بما يضمن للتلاميذ حقهم في تعليم جيد وفي ظروف تحفظ كرامتهم بعد سنتين من واحدة من أقسى الكوارث الطبيعية التي عرفتها المنطقة.

أرقام رسمية: التلاميذ والأساتذة والمؤسسات التعليمية على المستوى الوطني

وكان أزيد من 8 ملايين تلميذة وتلميذ مغربي( 8 ملايين و271 ألف تلميذة وتلميذ) التحقوا بالمؤسسات التعليمية على المستوى الوطني، وفق ما كشف عنه البلاغ الرسمي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة..
وأشار البلاغ إلى أن التعليم العمومي يستقبل أكثر من 7 ملايين و4 آلاف تلميذ وتلميذة، ويشرف على تدريسهم حوالي 299 ألف أستاذة وأستاذ موزعين على 12 ألفا و441 مؤسسة تعليمية، منها 6,886 مؤسسة بالوسط القروي.
وعلى مستوى السنة الأولى الابتدائية، التحق بها نحو 730 ألف تلميذة وتلميذا، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 7.4٪ مقارنة بالعام الماضي، ما يعكس تزايد الإقبال على التعليم الابتدائي. كما تم إحداث 169 مؤسسة تعليمية جديدة، منها 72 بالوسط القروي، إضافة إلى 6 مدارس جماعاتية و2,461 حجرة دراسية لتوسعة المؤسسات القائمة، إلى جانب 15 داخلية جديدة لاستقبال التلاميذ في ظروف مناسبة.
فيما يخص التعليم الأولي، فقد تم إحداث أكثر من 2,500 حجرة دراسية مخصصة للأطفال، مع تسجيل حوالي 985 ألف و375 طفل وطفلة في هذا السلك، منهم 663 ألف طفل في التعليم الأولي العمومي، ما يمثل نسبة 67٪ من مجموع الأطفال المنتمين لهذا المستوى التعليمي.
وفي سياق تطوير التعليم، يشير البلاغ إلى زيادة ملحوظة في مؤسسات الريادة، حيث ارتفع عدد مدارس الريادة الابتدائية إلى 4,626 مؤسسة، مستفيدة من تأطير 75 ألف أستاذة وأستاذ. أما في السلك الإعدادي، فقد وصل عدد إعداديات الريادة إلى 786 مؤسسة، مع إشراف 23,716 أستاذة وأستاذ على التلاميذ، الذين بلغ عددهم 677,586.
ورغم هذه الأرقام المشجعة، لا تزال بعض المؤسسات تواجه تحديات التهيئة والبنية التحتية، خاصة في المناطق التي تضررت جراء الكوارث الطبيعية السابقة. إذ اضطر العديد من التلاميذ لمتابعة دراستهم في خيام أو حجرات مؤقتة مصنوعة من الحديد والدلاكيط، إلى حين إعادة تأهيل المؤسسات التعليمية.
وأكدت مصادر من وزارة التربية الوطنية أن كل هذه التحديات تم عرضها على المديرين الإقليميين، مع وعد بحلها في أقرب الآجال، مع التأكيد على توفير بيئة تعليمية آمنة ومناسبة لجميع التلاميذ.
بهذا، يظل الموسم الدراسي 2025/2026 موسما هاما يعكس جهود المغرب في تطوير المنظومة التعليمية، مع إبراز التحديات المستمرة التي تتطلب مزيداً من العمل لضمان جودة التعليم والارتقاء بالظروف المدرسية لجميع التلاميذ في مختلف جهات المملكة.


الكاتب : n خديجة مشتري

  

بتاريخ : 13/09/2025