دعم دولي لمبادرة الحكم الذَّاتي كإطار وحيد لحل نزاع الصحراء المغربية

المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير تحتفل بالذكرى 48 للمسيرة الخضراء

 

يخلد الشعب المغربي ومعه أسرة المقاومـة وجيش التحرير، يوم الإثنين 6 نونبر 2023، من طنجة إلى الكويرة، الذكرى 48 للمسيرة الخضراء المظفرة، التي انطلقت خلالها جماهير المتطوعين من كل فئات وشرائح المجتمع المغربي في اتجاه الأقاليم الصحراوية لتحريرها من براثن الاستعمار الإسباني.
وبهذه المناسبة، تنظم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، يوم الإثنين 6 نونبر 2023 في الساعة الرابعة والنصف عصرا برحاب الفضاء الوطني للذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير التابع للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير الكائن مقرها بالحي الإداري، أكدال بالرباط، معرضا خاصا بالصور التي توثق لحدث المسيرة الخضراء المظفرة؛ ومهرجانا خطابيا تلقى خلاله كلمات وعروض وشهادات حول هذا الحدث التاريخي. كما سيتم تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير.
لقد قدم المغرب جسيم التضحيات في مواجهة الاحتلال الأجنبي الذي جثم بثقله على التراب الوطني قرابة نصف قرن، وقسم البلاد إلى مناطق نفوذ موزعة بين الحماية الفرنسية بوسط المغرب، والحماية الإسبانية بشماله، والنفوذ الاستعماري على أقاليمه الجنوبية، فيما خضعت منطقة طنجة لنظام حكم دولي. وهذا ما جعل مهمة تحرير التراب الوطني صعبة وعسيرة، بذل العرش والشعب في سبيلها تضحيات كبرى ورائعة في غمرة كفاح وطني متواصل الحلقات، طويل النفس، ومتعدد الأشكال والصيغ، لتحقيق الحرية والاستقلال والوحدة والخلاص من ربقة الاستعمار بلونيه والمتحالف ضد وحدة الكيان المغربي إلى أن تحقق النصر بعودة بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس والأسرة الملكية من المنفى إلى أرض الوطن، في 16 نونبر 1955.
ولم يكن انتهاء عهد الحجر والحماية إلا بداية لملحمة الجهاد الأكبر الاقتصادي والاجتماعي وإعلاء صروح الوطن، الذي كان من أولى قضاياه تحرير ما تبقى من تراب المملكة من نير الاحتلال. وفي هذا المضمار، كان انطلاق عمليات جيش التحرير بأقاليمنا الجنوبية سنة 1956 لاستكمال الاستقلال الوطني وتحرير الأجزاء المغتصبة من التراب الوطني، واستمرت مسيرة التحرير بقيادة بطل التحريـر والاستقلال جلالة له المغفـور محمد الخامس، بعزم قوي وإرادة صلبة ليتحقق استرجاع إقليم طرفاية في 15 أبريل 1958.
وواصلت بلادنا في عهد الملك الحسن الثاني مسيرتها النضالية حيث تم استرجـاع مدينة سيدي افني يوم 30 يونيو 1969، وتكللت بالمسيرة التاريخيـة الكبرى في 6 نونبر 1975، وارتفعت راية الوطن خفاقة في سماء العيون في 28 فبراير 1976، إيذانـا بانتهـاء فترة الاحتـلال والوجود الأجنبي بربوع الصحراء المغربية، وتلاها استرجـاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979.
وها هو المغرب اليوم، يقف ثابتا وصامدا في الدفاع عن حقوقه المشروعة، مبرزا بإجماعه التام استماتته في صيانة وحدته الترابية، ومؤكدا للعالم أجمع من خلال مواقفه الحكيمة دفاعا عن مغربية صحرائه، ومبادرته الجادة لإنهاء النزاع الإقليمي المفتعل بالمنطقة المغاربية الذي طال أمده جراء تعنت وعناد خصوم الوحدة الترابية والمناوئين لحقوق المغرب الثابتة على أراضيه المسترجعة.
وهكذا، عبرت العديدُ من الدُّول الوازنة عن دعمها، وتقديرها الإيجابي لمبادرة الحكم الذَّاتي، في احترام لسيادة المغرب الكاملة على أراضيه، كإطار وحيد لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل.
فقد شكّل الموقفُ الثَّابت للولايات المتحدة الأمريكية حافزاً حقيقياً، لا يتغيرُ بتغير الإدارات، ولا يتأثَّر بالظرفيات. كما نثمنُ الموقف الواضح والمسؤول لجارتنا إسبانيا، الّتي تعرف جيدا أصل هذا النِّزاع وحقيقته.
وقد أسّس هذا الموقف الإيجابي، لمرحلة جديدة من الشّراكة المغربية الإسبانية، لا تتأثر بالظروف الإقليمية، ولا بالتّطورات السّياسية الدّاخلية.
وإن الموقف البناء من مبادرة الحكم الذّاتي، لمجموعة من الدّول الأوروبية، منها ألمانيا وهولندا والبرتغال وصربيا وهنغاريا وقبرص ورومانيا، سيساهِمُ في فتح صفحة جديدة في علاقات الثّقة، وتعزيز الشّراكة النّوعية، مع هذه البلدان الصّديقة.
وبموازاة مع هذا الدّعم، قامت حوالي ثلاثين دولة، بفتح قنصليات في الأقاليم الجنوبية، تجسيدًا لدعمهَا الصَّريح، للوحدة التُّرابية للمملكة، ولمغربية الصحراء.
وحسم جلالتهُ مع المواقف غير الواضحة والمتذبذبة من قضية وحدتنا التُّرابية، بقوله:
«وأمام هذه التَّطورات الإيجابية، الّتي تهمُ دولاً من مختلف القارات، أوجه رسالة واضحة للجميع، إن ملف الصَّحراء هو النَّظارة الَّتي ينظرُ بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيطُ، الَّذي يقيسُ به صدق الصداقات، ونجاعة الشّراكات.
لذا، ننتظرُ من بعض الدُّول، من شركاء المغرب التقليديين والجددِ، الّتي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصَّحراء، أن توضحَ مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبلُ التأويل».
كما أكد جلالة الملك محمد السادس في خطاب يوم 6 نونبر2022 بمناسبة الذكرى 47 للمسيرة الخضراء على المرحلة الحاسمة التي يشهدها مسار ترسيخ مغربية الصحراء حيث قال جلالته:
«وإذا كانت هذه الملحمة الخالدة، قد مكنت من تحرير الأرض، فإن المسيرات المتواصلة التي نقودها، تهدف إلى تكريم المواطن المغربي، خاصة في هذه المناطق العزيزة علينا.
ومن هنا، فإن توجهنا في الدفاع عن مغربية الصحراء، يرتكز على منظور متكامل، يجمع بين العمل السياسي والدبلوماسي، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية للمنطقة».
ويضيف جلالته: «لقد شكلت الصحراء المغربية، عبر التاريخ، صلة وصل إنسانية وروحية وحضارية واقتصادية، بين المغرب وعمقه الإفريقي.
وإننا نسعى، من خلال العمل التنموي الذي نقوم به، إلى ترسيخ هذا الدور التاريخي، وجعله أكثر انفتاحا على المستقبل.
وهو توجه ينسجم مع طبيعة العلاقات المتميزة، التي تجمع المغرب، بدول قارتنا الإفريقية، والتي نحرص على تعزيزها، بما يخدم المصالح المشتركة لشعوبنا الشقيقة.
إن الوفاء لروح المسيرة الخضراء، ولقسمها الخالد، يتطلب مواصلة التعبئة واليقظة، من أجل الدفاع عن وحدة الوطن، وتعزيز تقدمه وارتباطه بعمقه الإفريقي».
وفي سياق استمرار الدينامية الإيجابية التي يشهدها ملف وحدتنا الترابية، لا بد من الإشادة بتبني مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يوم 30 أكتوبر 2023، للقرار 2703 المتعلق بقضية الصحراء المغربية، والذي يمدد ولاية بعثة المينورسو لمدة سنة، إلى غاية متم أكتوبر2024. وهو ما يؤكد أن الحل النهائي لهذا النزاع المفتعل الذي طال أمده ، لا يمكن أن يكون إلا «حلا سياسيا واقعيا وعمليا ودائما وقائما على التوافق».


بتاريخ : 03/11/2023