دوامة القروض التي تنهك كاهل المغاربة

ممارسات غير أخلاقية تشوب عقود قروض الاستهلاك 

كشفت دراسة لجمعية «أطاك المغرب» صدرت قبل أشهر قليلة ، أن معظم عقود مؤسسات التمويل الأصغر تشوبها العديد من العيوب القانونية، حيث تلجأ هذه الأخيرة إلى ممارسات غير قانونية أثناء عملية التعاقد كالحصول على رضى الزبون باستعمال التدليس عن طريق إخفاء الشروط المتضمنة في العقد، وخاصة معدل الفائدة الفعلية أو حمل الزبون على قبول الشروط بالإكراه، وباستغلال وضعية الفقر المدقع، وضعف تجربة وإدراك المدين، فتفرض هذه المؤسسات معدلات الفائدة في القطاع البنكي بأكثر من خمسة أضعاف.
وأوضحت الدراسة أنه جرى في المغرب، عملا بتوصيات صندوق النقد الدولي، تحرير كلي لمعدل الفائدة منذ يناير 1996، حيث أصبح يخضع لمستوى المنافسة بين المؤسسات المالية، بعدما كان قبل الثمانينيات مقننا من قبل الدولة.
ورغم هذا التحرير، يمنع على المؤسسات المالية تجاوز المعدل الأقصى للفوائد الاتفاقية. ويقوم البنك الدولي سنويا بمراجعة المعدل الأقصى للفوائد البنكية التي لا يجب، بأي حال، تجاوزها. وقد ظل هذا المعدل يحوم عمليا منذ سنة 2007 حول 14 في المائة.
وأضافت الدراسة، أن خضوع قطاع السلفات الصغيرة للظهير المنظم للحد الأقصى للفوائد الاتفاقية، فتح المجال أمام مؤسسات التمويل الأصغر والمؤسسات البنكية التي تمولها، لتفرض معدلات فائدة تفوق بكثير الحد الأقصى للفوائد ويعادل خمسة أضعاف معدل الفائدة في القروض البنكية.
وأشارت الدراسة إلى أن متوسط الفائدة التي تفرضها مؤسسات التمويل الأصغر تتراوح ما بين 30 في المائة و35 في المائة، أي أكثر من ضعف المعدل الأقصى للفائدة. وتبرهن كل عقود السلفات الصغيرة التي قام منجزو الدراسة بفحصها، على أن معدلات الفائدة المطبقة تفوق حتما سقف المعدل الأقصى للفوائد الاتفاقية، «لذا تعد مؤسسات السلفات الصغرى مؤسسات مالية جشعة تقتات على حساب ضحاياها عبر إجبارهم على أداء معدلات فائدة فاحشة.. وبالتالي فإنها معرضة للعقوبات الجزائية لمخالفتها القانون المنظم لمعدلات الفائدة، كما أن كل العقود التي تبرمها مع زبنائها من الفقراء معرضة للبطلان»، حسب الدراسة.
وشددت الدراسة على أن استغلال ضعف المدين أو جهله مدان أيضا حسب قانون المستهلك، الذي يشير في مادته 59 إلى ما يلي: «يقع باطلا بقوة القانون كل التزام نشأ بفعل استغلال ضعف أو جهل المستهلك مع حفظ حقه في استرجاع المبالغ المؤداة من طرفه وتعويضه عن الأضرار اللاحقة».
وأبانت الدراسة عن مدى الثقل الذي يخلقه التسديد الدوري للأقساط، وأن العديد من مغاربة الذين يتعاملون من هذه المؤسسات يدخلون في دوامة عدم السداد الأمر الذي يعرضهم لمشاكل حقيقية حيث فوائد التأخير في السداد تتفاقم  وبالتالي يصبح الزبون مطالب بأداء أضعاف أضعاف مبلغ الدين الأصلي.

أليات تحقيق التوازن بين طرفي عقد القرض كضمانة لحماية المستهلك

تعتبر عدم المساواة أهم السمات التي تميز العلاقة بين كل من المقرض(البنك) و المقترض (المستهلك)، وذلك راجع إلى تفاوت معارفهما و قدراتهما من هنا أتت فكرة التخفيف من حدة عدم التكافؤ الحاصل بينهما، ودلك من خلال إلزام البنك المقرض بإيراد بيانات معنية من شانها حماية الطرف الأقل خبرة، و ذلك عن طريق التحديد المسبق لمحتوى عقد القرض العقاري، و أيضا من خلال التصدي للشروط التعسفية التي يختل معها التوازن العقدي بين الأداءات المتقابلة.
للقرض الاستهلاكي دور هام في تحريك عجلة الاقتصاد وتنشيط الحركة التجارية، فهو أداة تمويل من اجل الحصول على السلع و الخدمات المبتغاة في اقرب وأسرع وقت دون ضرورة لتوفر السيولة النقدية اللازمة. وقد عرفت مؤخرا انتشارا مقلقا لعدم وجود ضوابط تحد من سوء استعماله، فكانت النتيجة ان تأسست شركات متخصصة في تقيم قروض الاستهلاك، وأنشأت الابناك فروعا لنفس الغاية.
ولأن القرض الاستهلاكي يحمع بين طرفين تتضارب مصالحهما بشكل جلي، فان الخشية من استغلال حاجة المقترض لحملة على القبول بعقد مجحف و ظالم لها في هذا المجال ما يبررها. ولذلك اقر قانون الاستهلاك الفرنسي وسيلة مهمة لتمكين المستهلك من الفرصة الكافية للتفكير و التروي حتى لا يبرم العقد تحت تأثير من الضغط او التضليل، ويتعلق الأمر بما يسمى «العرض الأولي» وهو بمثابة إيجاب ملزم للمقرض في حين يملك المستهلك حق العدول عن قبوله خلال مهلة للتفكير، بل يخوله حق الرجوع حتى عن القبول النهائي.
و تعتبر المسافة بين الإغراء و الخداع في مجال الاستهلاك مسافة جد ضيقة، و ان المحترف المهني قد لا يعدم وسيلة للإيقاع بمستهلك مشدوه اما ببريق العرض، او بلهفة الحاجة ، فيكون قبوله للتعاقد اراديا من حيث المظهر، و منعنا او مغرورا به من حيث الحقيقة، لهدا فالمشرع قد تحوط لحالات التسرع في توقيع العقود الاستهلاكية عموما و عقود القرض بصفة خاصة، واقر مقتضيات يضمن عبرها و عن طريقها سلامة رضا المستهلك.
و تتمثل الاجراءات ذات الطبيعة الوقائية في تلك المهلة التي يخولها القانون للمستهلك من اجل التروي و التفكير في الايجاب الموجه له قبل إعلانه القبول، خلافا للأصل العام في نظرية العقد الدي يقضي سقوط الايجاب قانونا اذا لم يرتبط به القبول فور صدوره و قبل انفضاض مجلس العقد.
و قد لا تكون مهلة التفكير كافية للحيلولة دون تسرع المستهلك في اتخاد قرار لم يستوعب ابعاده و تداعياته، لذلك منح المشرع امكانية اخرى خارج النظرية العامة للعقد وقوته الملزمة بأنه شريعة المتعاقدين، حيث اباح للمستهلك ان يعدل عن قبوله بعد تمام اقترانه بالإيجاب خلال اجل محدد يعبر عنه بمهلة التدارك او الاستدراك،
غير ان للمقترض ان يتراجع عن التزامه، داخل اجل سبعة ايام ابتداء من تاريخ قبوله للعرض. ولممارسة الحق في التراجع ، يرفق العرض المسبق باستمارة قابلة للاقتطاع…

انخفاض أسعار الفائدة على القروض العقارية إلى 5,09 في المائة
تراجعت أسعار الفائدة على القروض العقارية ب 16 نقطة أساس لتبلغ 5,09 في المائة، وذلك حسب المؤشرات الأسبوعية الأخيرة ل(بنك المغرب).
ووفق المصدر ذاته، فإن أسعار الفائدة على قروض الاستهلاك عرفت أيضا انخفاضا ب 7 نقاط لتبلغ 6,60 في المائة.
وأشار بنك المغرب، من جانب آخر، إلى أن متوسط معدل الفائدة الإجمالي ارتفع ب 34 نقطة أساس في الفصل الثالث من 2017 ليستقر في 5,60 في المائة، مبرزا أن هذا المستوى من أسعار الفائدة المدينة يعكس زيادات ب 46 نقطة في سعر تسهيلات الخزينة ليبلغ 5,69 في المائة، وب 25 نقطة في سعر قروض التجهيز ليبلغ 5,14 في المائة.
من جهة أخرى، أبرز (بنك المغرب) أن أسعار الفائدة على الودائع لسنة واحدة ظلت شبه مستقرة عند 3,09 في المائة في شتنبر، فيما سجلت تلك المتعلقة ب 6 أشهر انخفاضا طفيفا بواقع 5 نقط أساس لتستقر في 2,78 في المائة.
و أشار المصدر نفسه إلى أن السعر الأدنى للفائدة على الحسابات على الدفاتر قد حدد خلال النصف الثاني من عام 2017 في 1,86 في المائة، بزيادة 5 نقط أساس مقارنة مع الأشهر الستة السابقة.