رؤى وتصورات لمغرب.. ما بعد كورونا 10- العالية ماء العينين، كاتبة وباحثة في العلوم الانسانية : نحن مقبلون على مستقبل قد لا يكون واضح المعالم

من المؤكد أن آثار جائحة كورونا على المغرب والمغاربة ، ستستغرق وقتًا حتى يتم استيعابها وفهمها وقبولها.. لكن مع طرح سؤال بأي حال ستعود “الحياة الطبيعية” الى مغرب ما بعد كورونا ؟.. سؤال يطرح نفسه على نقاشاتنا وأفكارنا وهواجسنا وانتظاراتنا .. ، يدفعنا الى البحث عن كيفية للتواصل قصد وضع معايير وقواعد جديدة في أسرع وقت وبأكبر قدر ممكن من الفعالية ، من أجل المحافظة على الانسان وحياته ،المحافظة على المسار الاقتصادي ، والمحافظة على مسار العودة الى الحياة …
اذن في ظل هذه الظروف الاستثنائية ، تطرح الاسئلة الاستثنائية ..
ماهي الدروس والعبر التي يمكن أن تستخلصها الدولة والمجتمع ؟
هل هذه الازمة أعادت الاعتبار للدولة؟.. هل هي فرصة حقيقية لمراجعة خياراتنا الاقتصادية وإجراء إصلاح سياسي شامل؟
هل الانفتاح على العالم الذي هو ضروري وحتمي يجب أن يتناسب مع أولوياتنا وسيادتنا الوطنية ؟…
هل المدخل لكل الإصلاحات الاقتصادية سياسي بالدرجة الأولى ؟..
كيف نبني اقتصادا وطنيا منتجا، تضامنيا يقوي القدرات الاقتصادية للبلاد، ويكون في خدمة الحاجيات الأساسية لأغلب المغاربة؟..
كيف نؤسس لمشروع سياسي مجتمعي مبني على تعاقد اجتماعي جديد ؟ …
اسئلة عديدة ، سنتناولها في سلسلة حوارات عن المغرب ما بعد كورونا

 

– مع حالة الحجر ، هل تعتقدين اننا أمام صناعة أخرى للمستقبل؟
– عادة نقف أمام الأحداث التي نمر بها لنقرر بأنها ستغير حياتنا، تعبير مجازي لا نتوقف عن تكراره في كل منعطف خاص أو عام. لكن ما يحدث اليوم هو الصورة الحقيقية والمباشرة، لهذا التغيير الذي نتحدث عنه.
عندما تخرج اليوم وتلاحظ التغييرات التي حدثت في هذه المدة القياسية في العلاقات الاجتماعية والتصرفات الفردية، ومظهر الناس بكماماتهم كأننا في فيلم من أفلام هوليود التي ارتبطت دائما بالخيال ، والتبشير بحروب أسلحتها غير مرئيّة…، نتأكد بأن العالم مقبل على صفحة جديدة، ومستقبل، قد لا يكون واضح المعالم ولكنه ينذر بقادم سيغير وجه العالم..

– فترة هذا الوباء، فككت وهدمت كل المقومات والخطابات والأركان.. ووضعت الجميع على خط واحد..
في نظركم هل يتعلق الامر، بثورة مضادة يقودها هذا الفيروس على كل القيم والأشكال الحياتية التي استكانت لها الإنسانية؟
– هي ثورة بدون سابق إنذار ولا تمهيد، ولكن على ماذا؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة بتفصيل.

– ولكن مبدئيا هناك بوادر …. على مستوى العادات الاجتماعية والقيم، هل يمكن أن تعود الأمور إلى سابق عهدها؟ أم أننا – بشكل خاص- سنصبح أقل ميلا إلى التقارب الاجتماعي والإنساني؟
– أتصور مثلا، أننا سنغيّر الكثير من عاداتنا الاجتماعية وستحل محلها مسافة تأسست في ظل هذه التجربة الصعبة التي يعيشها العالم، وربطت الفضاء الخاص بالأمان، وربما ستعزز الميل إلى خلق شكل جديد من العلاقات الاجتماعية، قد نفقد فيها الطابع الحميمي الذي كان يميز علاقاتنا العائلية والإنسانية. فكلما طال الوقت سيتعزز رهاب الخطر القادم من الآخر والعالم الخارجي، وتصبح تعاملاتنا مبنية على وسائط التواصل، ويصبح قضاء حاجياتنا مرتبطا بالتطبيقات الرقمية التي تضاعف تعاملنا بها في هذه الظروف. رغم أن هذا التغيير سيمس طبقات معينة بشكل أكبر…

– وسط هذه الجائحة وما بعدها ، كيف سيطرح السؤال الثقافي؟
– القطاع الثقافي الْيَوْم كغيره من القطاعات الأخرى، أمام هجوم مباغت، لذلك أتت ردود الأفعال متدرجة، أولها الصدمة والشلل التام وبعدها حركة قوية في اتجاهات متعددة يطبعها الاضطراب ومحاولة التأقلم مع الظروف الجديدة.
السؤال الثقافي وقبيل هذه الجائحة، كان في خضم رجة قوية. من جهة، الصراعات الهامشية التي أضعفت الميدان الثقافي وحولته إلى حلبة لتصفية الحسابات الشخصية والسياسية، ومن جهة أخرى، التطورات المتلاحقة التي أحدثتها الثورة الرقمية التي انهت زمن الوصاية وأصبح المجتمع كله منتجا “للثقافة “. الْيَوْم تأكد لنا أن انخراط الثقافة في زمنها الحالي بكل تقنياته ووسائله التكنولوجية أصبح ضرورة، وأن أيتخطيط أو نقاش يجب ان يستحضر هذه الثورة التي تبدو في ظاهرها تقنية ولكنها في العمق، فكرية واجتماعية وإنسانية…

– هل تتوقعين ان يكون لما بعد الجائحة من تأثير على الحقل الثقافي؟
– هذا أمر لا شك فيه، ويبقى السؤال الأهم عن مدى هذا التأثير وطبيعته، وهل نحن على استعداد لمواجهة أو مواكبة هذه النتائج…

– من أفضال هذه الجائحة انها اعادت الاعتبار للقطاع الصحي والبحث العلمي.. الساحة الثقافية، المؤسسات والاطارات الثقافية، الفعل الثقافي…
هل سيغير ، هذا الوباء من إيقاعه و فعالياته وتأثيره؟
– فجأة وجدنا أنفسنا – كالعالم بأسره – أمام تحديات كبيرة يجب مواجهتها في الحين بدون مهلة ولا إعداد ولا تخطيط:
أولها، الانخراط المباشر في تحدي الدراسة عن بعد مع ما يتطلبه من إمكانيات لوجيستيكية وعلمية، جاهزية المستشفيات من ناحية التجهيزات والكفاءات الطبية ونظافة المرافق..، استمرار الأنشطة الثقافية… حيث فُرضت علينا هذه المواجهة، وخضناها. وهذا بحد ذاته مكسب علينا استثماره لأنه كشف لنا هشاشة القطاعات الحيوية، ولكنه أيضا أظهر لنا قوة العامل البشري وإمكانياته وشجاعته في مواجهة هذه الجائحة. لقد أظهرت هذه الأزمة توفرنا على طاقات بشرية خلاقة وقادرة على ركوب التحديات وتحتاج من الدولة إلى استثمارها، بالاستثمار القوي في مجالات التعليم والصحة والثقافة… والتكنولوجيا.
ما حدث الْيَوْم يثبت اننا عالم هش ومعرض لأي هجمة تعيدنا الى الوراء وتفرض علينا الانكماش. والتكنولوجيا يجب ان تكون حاضرة لتعويض النقص. في حين اصبح الفشل اصبح مرادفا للتخلف التكنولوجي والعلمي.

– ما بعد هذه الأزمة، هل سنشهد مساحة أكبر للثقافة بالمغرب؟
– نتمنى…


بتاريخ : 20/05/2020

أخبار مرتبطة

يقدم كتاب “ حرب المئة عام على فلسطين “ لرشيد الخالدي، فَهما ممكنا لتاريخ فلسطين الحديث، بشَـن حـرب استعمارية ضد

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *