رحيل عائشة الشنا «تيريزا المغرب».. أول امرأة عربية تحصل على جائزة «أوبيس» للأعمال الإنسانية الأكثر تميّزا

عن عمر يناهز الـ 82 سنة، أسلمت الناشطة الحقوقية والمدافعة عن حقوق المرأة، عائشة الشنا، الروح لبارئها، أمس الأحد بمستشفى الشيخ زايد بالدار البيضاء الذي نقلت إليه، قبل يومين من وفاتها، إثر مضاعفات صحية على مستوى الجهاز التنفسي.
وقد كرّست الراحلة ما يقارب أربعين عاما من حياتها للدفاع عن الأمهات العازبات وأبنائهن المولودين خارج مؤسسة الزواج والذين يلفظهم المجتمع، حيث يلقبها البعض بـ»الأم تيريزا»، ويناديها البعض الآخر بـ»أمي عيشة» .
وتعتبر عائشة الشنا، المزدادة في 14 غشت 1941 بالدار البيضاء، من أهم المدافعات عن التضامن الأسري بسبب مسار اليتم الذي عاشته مبكرا، حيث مارست، منذ سنة 1960، مهنة التمريض بعد تخرجها من المدرسة الوطنية للتمريض، وانخرطت في العمل الجمعوي بين 1962 و1980 بصفتها مساعدة اجتماعية.
وقد تلقنت عائشة الشنا مبادئ العمل الاجتماعي على يد المساعدة الاجتماعية الفرنسية “جان ماري تانتوريي” لمدة أربعة سنوات قبل إحداث جمعية التضامن النسوي مستفيدة من تجربة ميدانية مفعمة بالوقائع المثيرة؛ وهي الجمعية التي يعتبرها البعض ثورة في مجال نسف «الطابوهات المجتمعية» المطوقة بالصمت والكتمان، خاصة أنها تستهدف الأمهات العازبات والأطفال المتخلى عنهم.
تقول الراحلة: «السبب الذي دفعني لتأسيس الجمعية بمعية سيدات أخريات، راجع لحادثة وقعت في صيف عام 1981، إذ شاهدت أم عازبة أتت للتخلي عن ابنها الرضيع، وعندما وضعت ملف رضيعها لدى المساعدة الاجتماعية كان طفلها يرضع فسحبت ثديها من فمه بعنف ما أدى إلى تطاير الحليب على وجهه وعندها شرع بالبكاء، صوت بكائه مازال عالقا في ذهني إلى اليوم، وأقسمت حينها أنني سأقوم بمحاربة هذه الظاهرة».
وقد عملت الجمعية على تأخيل الأمهات العازبات لاكتساب مهارات مختلفة لتأمين مستقبل أفضل لهن ولأطفالهن، كما عملت على إعادة بناء ثقة الأمهات بأنفسهن، والسعي وراء تغيير واقعهن نحو الأفضل، وهو ما عبرت عنه في أحد تصريحاتها بقولها «تدخل الأم منهن إلى الجمعية وهي مطأطأة الرأس، وتخرج منها بهامة مرفوعة وهي حاملة ابنها بيديها، ومتعلّمة حِرفة، والأهم من ذلك تعلمت أن تقول بكل إباء أنا أم» .
وقد فتح عليها هذا التوجه الكثير من الجبهات، حيث حوربت من طرف فقهاء الظلام وتيار المحافظين الذين اتهموها برعاية الزنا والتشجيع على الرذيلة، وحماية الجنس خارج الزواج الشرعي.. إلخ، من الاتهامات التي استطاعت مواجهتها بصبر وحنكة، مما جعلها تتبوأ مكانة عاليا على الصعيد الوطني والدولي، وظفرت بالعديد من الجوائز اعترافا بكفاءتها ونضالها المستميت من أجل الانتصار للفكرة التي داغعت عنها وأخلصت لها، حيث حصلت في العام 1995 على وسام الاستحقاق في حقوق الإنسان من الجمهورية الفرنسية، ثم نالت جائزة الأطلس، كما وُشِّحت بالميدالية الفخرية سنة 2000، ثم جائزة إليزابيث نوركال سنة 2005، أما في سنة 2009 حازت الشنا على الجائزة الدولية «أوبيس» للأعمال الإنسانية الأكثر تميّزا عن جهودها ونضالها المستميت دفاعا عن الأمهات العازبات، وإعادة تأهيلهن ذاتيا ومجتمعيا، إذ قدّمت الجهة المانحة للجائزة مبلغ مليون دولار كمساعدة لجمعيتها بغية استكمال مشروعها النبيل، لتكون بذلك أول امرأة عربية تحصل على هذه الجائزة.


بتاريخ : 26/09/2022