رسائل الإمارات 23- متحف المستقبل بدبي: المستقبل ليس شيئاً ننتظره وإنما نصنعه 2/1

من المشاهد القوية التي ظلت عالقة بذاكرتي قبل إنهاء زيارتي لمتحف المستقبل بدبي، مشهد كائن غير آدمي يشبه فقمة بيضاء اللون، لكنه دون لحم ودم. وقد بدا لي في كامل أناقته، وهو يقوم بتحضير فناجين القهوة وكؤوس الشاي ومختلف الطلبات. أما عيون زبائن الردهة المضيئة في الطابق الأرضي فكانت تضيق وتتمدد حسب جنسياتهم. وشفاههم تتقلص وتمتص وتنقلب على بعضها. عل الذراع الوحيدة للكائن ترتجف أو تخطئ هدفها فيسقط الفنجان وتندلق القهوة. لكنها أكثر دقة واتزانا أكثر من أي بشر. وظلت تتمتع بقدرة خارقة على المرونة والالتواء في كل الاتجاهات. إذ لم يكتف الروبوت بتقديم الفناجين وكؤوس الشاي، بل تقدم التحية عبر انحناءة لزبنائها مرفوقة بتلويحة اليد.
متحف المستقبل في دبي هو معلم سياحي معماري فريد وهو إلى جانب ذلك مركز للابتكار والتكنولوجيا تجربة تفاعلية غامرة في علوم المستقبل. يمتاز بتصميم معماري لا مثيل له في كوكب الأرض على الإطلاق. ويعتبر من أكثر المباني تطورا في العالم من حيث التصميم والتقنيات المستخدمة. ويقع في شارع الشيخ زايد بالقرب من أبراج الإمارات، وقد تم افتتاحه رسميا في فبراير من العام 2022
من حيث الهندسة تم تصميمه على شكل حلقات بيضاوية مفرغة وعلى خلفية فلسفية علمية. حيث يرمز هيكله إلى المستقبل، في حين يمثل الفراغ في المنتصف ذلك المجهول الذي لم يكتشف بعد. أما واجهته فمغطاة بأكثر من 1000 لوحة فولاذية، منقوشة بأشعار عربية للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. كُتبت بالخط العربي على الواجهة بأنامل الفنان مطـر بن لاحج وتقول إحدى هذه الأبيات الثلاثة «المستقبل ملك لمن يتخيله ويصممه وينفذه. المستقبل ليس شيئاً ننتظره وإنما نصنعه.»
ويشتمل المتحف على خمسة أقسام رئيسية 1. محطة الفضاء المدارية أمل “OSS Hope” – تقدم تجربة استكشاف الفضاء والمستعمرات المستقبلية. 2. واحة العقل – تركز على تطوير قدرات العقل البشري.3. مستقبل الصحة – يستعرض تقنيات الطب والشفاء المستقبل ية4. مدينة المستقبل – تعرض رؤى حول مستقبل المدن الذكية والتنقل المستدام.5. مختبرات الروبوتات والذكاء الاصطناعي – تقدم تقنيات مبتكرة في مجال الذكاء الاصطناعي. التكنولوجيا والاستدامة ويعتمد على الطاقة المتجددة بنسبة 100%، كما يستخدم الذكاء الاصطناعي في تنظيم وتقديم التجارب. الأمر الذي يفسر حصوله على تقييم LEED البلاتيني للاستدامة، مما يجعله من أكثر المباني تبييئا وخضرة في العالم.
وقد صُمم المبنى ليكون أعجوبة معمارية وهندسية تصل الماضي بالمستقبل، ويغير مفهوم المتاحف التقليدية باستخدامه أحدث التقنيات المبتكرة. حيث يرمز التصميم الدائري إلى الإنسانية جمعاء، أما التلة الخضراء التي بني عليها فتمثل ارتباطنا نحن البشر بأرضنا، ويحاكي الفراغ في وسطه المستقبل الواعد. تصميم من قبل شركة «كيلا ديزاين» وأشرفت شركة «بيرو هابولد» للاستشارات الهندسيّة على بنائه.»


الكاتب : عزيز باكوش

  

بتاريخ : 27/03/2025