مقرر أممي يدعو إلى فتح الفضاء المدني ووقف متابعة النشطاء والمعارضين
رسم مقرر الأمم المتحدة المعني بالحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، صورة قاتمة عن أوضاع حقوق الإنسان في الجزائر، وذلك خلال ندوة صحافية في ختام زيارة للجزائر استمرت عشرة أيام، حيث دعا المنتظم الدولي إلى دعم مطالب الحراك، والتطلعات التي دعا إليها، مسجلا بقلق حل الجمعيات الحقوقية ورفض الترخيص للأحزاب السياسية .
وشدد مقرر الأمم المتحدة على ضرورة إيلاء اهتمام عاجل للوضع الحالي للقيود القانونية ومحاكمات الأفراد والجمعيات في الجزائر، مطالبا السلطات الجزائرية بإطلاق سراح معتقلي الرأي من الناشطين في الحراك الشعبي.
وفي بيان صحفي وزع على الصحافيين، قال كليمان نياليتسوسي فول إن على الحكومة الجزائرية تخفيف القيود المشددة على التجمعات والجمعيات لكي تمتثل القوانين والممارسات للدستور الوطني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وقال فول إن «متظاهري الحراك أظهروا روحا مدنية رائعة، وضربوا مثالا للعالم عن تنظيم الاحتجاجات السلمية»، أخذا بالعلم أيضا الاستجابة المدروسة والاحترافية للغاية من قبل الشرطة الوطنية خلال الحراك.
وأضاف الخبير الأممي المستقل: «يجب على الحكومة الآن معالجة مناخ الخوف الناجم عن سلسلة من التهم الجنائية الموجهة ضد الأفراد والجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية بموجب قوانين مفرطة التقييد، بما في ذلك تشريعات مكافحة الإرهاب التي تتعارض مع التزامات الجزائر الدولية في مجال حقوق الإنسان».
وخص بالذكر المادة 87 من قانون العقوبات الخاصة ب»الأعمال الإرهابية والمساس بأمن الدولة» و»تأسيس الجمعيات والمنظمات» التي تعتبرها السلطات «إرهابية».
واعتبر أن هذه المادة التي تصل العقوبات فيها إلى حد الإعدام «تحتمل تفسيرات فضفاضة ويجب إلغاؤها» لأنها تدفع الناشطين إلى «الرقابة الذاتية لأنهم يخشون أن يساء تفسير نشاطهم».
كما طالب الخبير الأممي الحكومة الجزائرية بـ»السماح للمجتمع المدني بانتقاد السياسات العامة»، مشيرا إلى أن «الجهات الفاعلة في المجتمع المدني التي التقيتها طالبت بالاعتراف بها والتعاون معها كشركاء موثوق بهم في تنمية بلدهم».
وجاء في تصريح مكتوب تم توزيعه على الصحافيين «إن إتاحة مساحة مدنية تشمل أيضا الأصوات الناقدة أمر ضروري لتحسين الحوكمة وصنع السياسات وبناء ديموقراطية تشاركية ومستدامة».
كما حث مقرر الأمم المتحدة السلطة الجزائرية على تقديم الضمانات القانونية لممارسة حق التجمع وتكوين الجمعيات بحرية لسكانها، وتبادل الآراء والأفكار والدفاع عن مصالح محددة، بما في ذلك بالتعاون مع شركاء داخل البلاد وخارجها، في إطار الوفاء بالتزاماتها بموجب المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، وتكريسا لما جاء به الدستور الجزائري وتحقيقا لأهداف الحراك.
وحث الحكومة، في إطار بناء الجزائر الجديدة، على التخلي عن التهم والعفو عن الأشخاص المُدانين بتورطهم في الحراك. وقال إن ذلك سيعكس أيضا الاعتراف بالحراك كنقطة تحول في تعهد الجزائر بالمضي قدما.
ولم يذكر المقرر الأممي عدد الأشخاص المعنيين بهذا العفو إلا أنه وفق اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، لا يزال عشرات ممن على صلة بالحراك أو بالدفاع عن الحريات الفردية، مسجونين في الجزائر.
وسيقدم كليمان فول في يونيو 2024 تقريرا شاملا عن زيارته للجزائر أمام مجلس حقوق الإنسان الذي تعد الجزائر عضوا فيه منذ مطلع 2023 وحتى 2025.
يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهي جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم. ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان.