رصدته من عين المكان قناة cnn الأمريكية:مستشفى آسني الميداني.. بارقة أمل طبية في حياة المتضررين من زلزال الحوز

كما فعلت عدسات العالم، إنتقل “سام كيلي” مراسل قناة “سي-إن-إن” كغيره من زملائه الدوليين، لينقل أحداث ما بعد كارثة المغرب، حيث كان حاضرا ،وشاهد مدى التكافل الواسع النطاق الذي أبداه المغاربة اتجاه إخوتهم في المناطق المنكوبة جراء الزلزال، و ناقلا حجم التآخي و التضامن الذي عرف به المغاربة منذ أزمنة عدة.
تقع مدينة “آسني” بإقليم الحوز، وتعتبر من المناطق التي تلقت ضررا كبيرا جراء هذه الحادثة الطبيعية، حيث حاول سكانها بكل ما أوتوا من قوة وعزيمة لملمة جراحهم و إنقاذ ما يمكن إنقاذه إلى أن تصل يد العون الإحترافية في شخص القوات المسلحة الملكية، التي أسست بفضل خبرتها الطويلة في مواجهة مثل هذه الكوارث، مستشفى ميدانيا لتولي علاج و إسعاف ما يقرب من 5 آلاف جريح (الى حدود وقت كتابة المقال).
المستشفى الميداني لآسني، أو المستشفى الذي أقامته القوات المسلحة الملكية، يعتبر منصة علاجية متنقلة و مجهزة بشكل ممتاز جدا، لكونها وظفت في مناطق عدة حول العالم من بينها بؤر التوتر في إفريقيا لاسيما دول ك”كونغو الديمقراطية” والأردن و دول أخرى، على غرار الطواقم الطبية العسكرية المشتغلة به، هو عملية نقل المصابين و الجرحى إلى ساحة المستشفى الذي يقع أسفل سفوح جبال الأطلس، في حين أن المتضررين كانوا يسكنون أعلى موقع المستشف الميداني.
من بين تجهيزات المستشفى الميداني لآسني، نجد (على سبيل المثال لا الحصر) أجهزة الفحص بالأشعة و المختبرات الطبية المتنقلة، ناهيك عن غرف العمليات و خيام الإستشفاء، ومخازن للأدوية و مكاتب للمساعدين النفسيين. يكمن التحدي الأبرز للقائمين على المستشفى الميداني بآسني، في الوصول إلى المتضررين المعزولين دون حول ولا قوة في أعالي جبال المنطقة، نتيجة لكثرة المسارات الوعرة بالنسبة للآليات و الطرق الوعرة التي تصعب من رحلات الذهاب و العودة!.
لتفادي شيء من وعورة الطرقات بعد الكارثة، تستعين القوات المسلحة الملكية و القوات المساعدة، بخدمات الطائرات المروحية، التي جاءت كنور في أفق نفق مظلم لسكان المنطقة، و التي يعمل قائدوها و الأطر الطبية على متنها بدون كلل ولا ملل للوصول إلى الضحايا و إسعافهم، وهو ما أثنى عليه “سام كيلي” مراسل قناة “سي-إن-إن” قائلا: “إن سرعة تحرك الأطر المغربية، نابعة من خبراتهم المسبقة في مثل هذه المواقف، فهم على علم بأن الساعات الذهبية للكارثة (يقصد الأيام 3 الأولى منها) كفيلة بتحديد مدى نجاح عمليات الإنقاذ أو فشلها”.
إن سرعة تحرك القوات المغربية، أدت إلى إنقاذ عدد كبير من الأشخاص ممن عاشوا ظلمة الإنحصار بين بقايا حطام المنازل و الأبنية، كما أن التحرك المسبق الى حين إلتحاق قوات الدعم من الدول الصديقة و الشقيقة، جنب المغرب الإرتفاع السريع في عدد الضحايا المتوفين مقارنة بالجرحى و المصابين، وذلك في عمليات إنقاذ اتصفت ب”الإعجازية” في كثير من الأحيان، وهذه نقطة تحسب للمغاربة.
ما تركزه عليه الطواقم و الأطر الطبية، في محيط مستشفى آسني الميداني على غرار تقديم الخدمات الطبية الإستشفائية، هو السعي لتوفير الدعم النفسي الكامل للضحايا من المصابين أو ممن عاشوا صدمة ما بعد الكارثة الصعبة جدا، والتي يعتبرها الأطباء من الأولويات التي ينبغي معالجتها، مدركين أن الصدمات النفسية حتى ما بعد إنتهاء التدخل الطبي في المنطقة و بداية عودة المياه إلى مجاريها، ستستمر مع المصابين بها لفترة من الزمن إن لم يتدخلوا لعلاجهم أو تخفيف أثرها عليهم، ومع المغرب وساكنته خلال السنوات المقبلة.


الكاتب : المقدمي المهدي

  

بتاريخ : 15/09/2023