رغم تراجع أسعار النفط دوليا وهبوط قيمة الواردات بـ 3.18 مليار درهم .. شركات النفط الكبرى حققت أزيد من 17 مليار درهم من المبيعات في 3 أشهر

 

في الوقت الذي تتواصل فيه الانتقادات الحادة الموجهة إلى شركات توزيع المحروقات بالمغرب، يكشف التقرير الأخير الصادر عن مجلس المنافسة برسم الربع الثاني من سنة 2025 عن معطيات دقيقة تؤكد استمرار هيمنة هذه الشركات على السوق الوطنية، سواء من حيث الاستيراد أو التخزين أو التوزيع. فقد بلغ حجم الواردات الإجمالية من الغازوال والبنزين حوالي 1,72 مليون طن بقيمة مالية تناهز 10,93 مليار درهم، منها ما يقارب 1,38 مليون طن استحوذت عليها الشركات التسع الكبرى المعنية بالتقرير، أي بنسبة 81 في المائة من الحجم و80 في المائة من القيمة، وهو ما يعكس سيطرة شبه مطلقة على تموين السوق. ورغم أن حجم وارداتها سجل تراجعا طفيفا بنسبة 1,4 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2024، فإن قيمة هذه الواردات انخفضت بشكل لافت من 11,96 مليار درهم إلى 8,78 مليار درهم، أي ناقص 26,6 في المائة، وهو ما يعادل فارقا قدره 3,18 مليار درهم.
وإذا كان التقرير قد أبرز هذه السيطرة على مختلف حلقات السوق، فإنه كشف أيضا عن هوامش ربحية خام مستقرة نسبيا لكنها تظل مهمة بالنظر إلى حجم المبيعات. فقد بلغت هذه الهوامش 1,17 درهم للتر بالنسبة للغازوال و1,83 درهم للتر بالنسبة للبنزين، وهي مستويات مشابهة تقريبا لتلك المسجلة في نفس الفترة من سنة 2024. وبعملية حسابية تقريبية، فإن هذه الهوامش تعني أن الشركات التسع الكبرى حققت أرباحا خاما تناهز ملياري درهم خلال ثلاثة أشهر فقط، وهو رقم يعكس قوة مالية كبيرة حتى في سياق انخفاض الأسعار الدولية وتراجع قيمة الواردات. هذه الأرقام تؤكد أن الشركات لا تكتفي بالهيمنة على الاستيراد والتوزيع، بل تستفيد أيضا من هوامش ربح ثابتة تجعلها في موقع قوة يسمح لها بمراكمة أرباح ضخمة في ظرفية اقتصادية صعبة، وهو ما يفسر حدة الانتقادات الموجهة إليها من طرف الرأي العام والفاعلين الاقتصاديين على حد سواء.
على مستوى المداخيل الضريبية، ساهمت هذه الشركات بما مجموعه 5,81 مليار درهم، أي ما يقارب 81,1 في المائة من إجمالي المداخيل الضريبية المرتبطة بالواردات، موزعة بين 4,45 مليار درهم من الضريبة الداخلية على الاستهلاك و1,36 مليار درهم من الضريبة على القيمة المضافة. ورغم أن المداخيل الإجمالية للسوق الوطنية بلغت 7,17 مليار درهم، فإن الجزء الأكبر منها ظل مرتبطا بأنشطة هذه الشركات، مما يعزز موقعها المهيمن في الدورة الاقتصادية للمحروقات. أما على مستوى التخزين، فقد بلغت قدراتها 1,27 مليون طن، أي ما يعادل 81 في المائة من القدرات الوطنية البالغة 1,57 مليون طن، وهو ما يمنحها قوة إضافية في التحكم في العرض.
وفي ما يتعلق بالتوزيع، سجلت الشركات التسع مبيعات تناهز 1,88 مليار لتر من الغازوال والبنزين خلال الربع الثاني من السنة الجارية، بزيادة 3,8 في المائة مقارنة بالسنة الماضية، غير أن رقم معاملاتها تراجع من 19,81 مليار درهم إلى 17,27 مليار درهم، أي ناقص 12,8 في المائة. ويظل الغازوال المهيمن على المبيعات بنسبة 85 في المائة من الحجم و82 في المائة من القيمة، فيما استحوذت شبكة محطات الخدمة على 72 في المائة من إجمالي المبيعات، وهو ما يبرز أن هذه الشركات لا تكتفي بالتحكم في الاستيراد والتخزين، بل تفرض حضورها القوي أيضا في التوزيع المباشر عبر محطات الخدمة التي بلغ عددها 2.562 محطة من أصل 3.617 محطة على الصعيد الوطني، أي ما يقارب 71 في المائة.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 17/11/2025