زيارة وزير الخارجية الإماراتي لسوريا تبشر بعودتها إلى محطيها العربي وإنهاء عزلتها

رأى مراقبون ومحللون سياسيون في‮ ‬سوريا أن زيارة وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان لدمشق هي‮ ‬إشارة واضحة على إنهاء عزلة سوريا في‮ ‬العالم العربي‮ ‬والتي‮ ‬استمرت نحو‮ ‬10‮ ‬سنوات وتبشر بعودتها إلى محيطها العربي‮ ‬ودورها البارز فيه‮. ‬وتوقع المحللون في‮ ‬تصريحات لوكالة أنباء‮ ((‬شينخوا‮)) ‬أن تعبد هذه الزيارة‮ “‬المهمة‮” ‬الطريق أمام زيارات عربية أخرى إلى دمشق بعد أن توقفت عجلة الحرب في‮ ‬عموم المناطق السورية وبسطت الدولة سيطرتها على معظم الجغرافيا السورية‮. ‬

المرة الأولى منذ‮ ‬10‮ ‬سنوات

وزار وزير خارجية الإماراتي‮ ‬الشيخ عبدالله بن زايد الثلاثاء دمشق للمرة الأولى منذ‮ ‬10‮ ‬سنوات،‮ ‬وأكد خلال لقائه الرئيس السوري‮ ‬بشار الأسد أن بلاده تدعم جهود تحقيق الاستقرار في‮ ‬سوريا‮. ‬وأشار إلى أن ما حدث في‮ ‬سوريا أثر على كل الدول العربية،‮ ‬معربا عن ثقته في‮ ‬أن سوريا بقيادة الأسد قادرة على تجاوز كل التحديات التي‮ ‬فرضتها الحرب،‮ ‬بحسب ما أورد الإعلام الرسمي‮ ‬السوري‮. ‬من جانبه،‮ ‬أشاد الأسد بمواقف الإمارات‮ “‬الموضوعية والصحيحة‮”‬،‮ ‬مؤكدا أن الإمارات وقفت دائما إلى جانب الشعب السوري‮. ‬ولم تكن هذه الزيارة أول إشارة لتطبيع العلاقات بين البلدين أو حتى بين سوريا والدول العربية الأخرى‮. ‬ففي‮ ‬ديسمبر من عام‮ ‬2018،‮ ‬كانت الدلالة الأولى لعودة العلاقات بين البلدين عندما أعادت الإمارات فتح سفارتها في‮ ‬دمشق بعد سبع سنوات من إغلاقها،‮ ‬وفي‮ ‬العام نفسه اتبعت البحرين خطى الإمارات واستأنفت بعثتها الدبلوماسية في‮ ‬سوريا‮. ‬وفي‮ ‬20‮ ‬أكتوبر،‮ ‬تحدث الرئيس الأسد مع ولي‮ ‬عهد أبوظبي‮ ‬الشيخ محمد بن زايد آل نهيان،‮ ‬وبحثمعه العلاقات الثنائية وسبل تعزيز المصالح المشتركة للشعبين‮. ‬وفي‮ ‬الشهر نفسه،‮ ‬تحدث الرئيس الأسد مع العاهل الأردني‮ ‬الملك عبدالله الثاني‮ ‬في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬أعاد فيه البلدان فتح الحدود وسط اتفاق إقليمي‮ ‬لتمرير الغاز المصري‮ ‬إلى لبنان عبر الأردن وسوريا‮.‬
التطبيع مع سوريا

‮ ‬وقال المحلل السياسي‮ ‬السوري‮ ‬غسان‮ ‬يوسف إن‮ “‬هذه الزيارة تؤكد أن الدول العربية في‮ ‬طريقها إلى التطبيع مع سوريا،‮ ‬ولعل زيارة وزير خارجية الإمارات لسوريا ستكون البداية التي‮ ‬ستعبد الطريق لزيارات لوزراء خارجية عرب إلى سوريا‮”. ‬وتابع‮ ‬يقول إن‮ “‬هذه الزيارة لم تكن لتتم لولا وجود تفاهمات دولية وإقليمية،‮ ‬وبالتالي‮ ‬هذه الزيارة ستنهي‮ ‬العزلة المفروضة على سوريا عربيا والتي‮ ‬استمرت‮ ‬10‮ ‬سنوات،‮ ‬وهذا تأكيد لدور سوريا المحوري‮ ‬والإقليمي‮”. ‬واعتبر أن هذا الأمر سيمهد لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية وحضور القمة العربية المزمع عقدها بالجزائر في‮ ‬مارس المقبل‮. ‬من جانبه،‮ ‬قال المحلل السياسي‮ ‬السوري‮ ‬عماد سالم إن‮ “‬الزيارة تكتسب أهمية كبرى لجهة كسر العزلة العربية التي‮ ‬فرضت على سوريا خلال السنوات العشر الماضية وهذا سيفتح الباب واسعا أمام عودة سوريا إلى مقعدها في‮ ‬الجامعة العربية‮”.‬

التسويات الكبرى
في‮ ‬المنطقة

‮ ‬وأضاف أن مشاركة سوريا في‮ ‬القمة العربية في‮ ‬الجزائر أصبح بحكم المؤكد،‮ ‬لافتا إلى أن الأبواب مفتوحة الآن على مصراعيها لعودة سوريا إلى الجامعة العربية‮. ‬من جهة ثانية،‮ ‬رأى سالم أن عودة سوريا إلى المحيط العربي‮ “‬سيخفف من حجم التدخلات الخارجية وخاصة التركية منها وهذا الأمر سيساعد في‮ ‬وضع أطر سياسية للحل وفق رؤى ومحددات جديدة تتوافق مع ما طرأ من مستجدات على الساحة السورية سياسيا وعسكريا‮”. ‬وأشار سالم إلى أن انفتاح دول عربية أخرى على سوريا سيساعد في‮ ‬تحريك عجلة الاقتصاد ويخفف من وطأة العقوبات والحصار الغربي‮ ‬على سوريا‮ “‬وبالتالي‮ ‬يمكن القول إن موعد التسويات الكبرى في‮ ‬المنطقة أصبح أقرب من أي‮ ‬وقت مضى والمؤكد أن الأزمة السورية ستكون حجر الأساس في‮ ‬أي‮ ‬تسوية قادمة‮”. ‬وحول الموقف الأمريكي‮ ‬المعارض لزيارة المسؤول الإماراتي،‮ ‬قال سالم إن‮ “‬الإدارة الأمريكية لا تريد أن تظهربمظهر المخطئ،‮ ‬كما أن واشنطن لا تريد أن تقدم لدمشق جوائز مجانية وستواصل الضغط قدر المستطاع للحصول على تنازلات في‮ ‬ملفات أخرى مقابل تسهيل حل الأزمة السورية‮”. ‬من جانبه،‮ ‬قال الصحفي‮ ‬والخبير السياسي‮ ‬أحمد الأشقر إن الإمارات إلى جانب الدول العربية الأخرى أدركت الحاجة إلى إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية خاصة بعد أن تمكنت الحكومة السورية من استعادة السيطرة على‮ ‬80٪‮ ‬من الأراضي‮ ‬السورية‮. ‬وأضاف‮ “‬أعتقد أن الدول العربية أدركت أن مقاربتها للأزمة السورية لم تكن دقيقة خلال السنوات العشر الماضية،‮ ‬حيث أتاح هذا الموقف لدول المنطقة الأخرى الانخراط في‮ ‬الملف السوري‮ ‬وسط تراجع الموقف العربي‮ ‬الحقيقي‮ ‬مما خلق بيئة مناسبة للإرهاب والفوضى‮”. ‬

أضرار الحرب..والعقوبات الدولية

كشف وزير الصناعة السوري زياد الصباغ، أن الأضرار المباشرة وغير المباشرة على القطاع الصناعي تجاوزت قيمتها نحو 23 .5 مليار دولار أميركي، حتى نهاية عام 2019؛ وذلك بما يخص المنشآت الصناعية الواقعة في نطاق سيطرة الحكومة السورية.
وقال الصباغ، في لقاء خص به وكالة “سبوتنيك”، “خلال سنوات الحرب على سوريا، الاستهداف الممنهج وجه إلى البنية التحتية بشكل عام، والقطاع الصناعي بشكل خاص. ودمرت غالبية المنشآت الخاصة والعامة. وتم تقدير حجم الأضرار المباشرة بحدود 530 ألف مليار ليرة سورية، أي ما يعادل 12 مليار دولار. وهذه أضرار مباشرة فعلية تم تقديرها”.
وأضاف، “هناك أضرارا غير مباشرة كثيرة تقارب قيمتها الرقم السابق؛ أي أن إجمالي الأضرار المباشرة وغير المباشرة تجاوزت قيمتها 1000 مليار ليرة سورية [23.5 مليار دولار]، سواء في القطاع الخاص أو العام”.
وحول تأثير الحصار، أحادي الجانب، المفروض على سوريا، وخاصة تأثير “قانون قيصر” الأميركي للعقوبات على القطاع الصناعي، بشكل عام، وعلى إعادة تأهيل ما تم فقدانه خلال الحرب؛ قال وزير الصناعة السوري، “العقوبات الاقتصادية معروف أنها مضرة لسوريا، وهي مفروضة منذ تسعينيات القرن الماضي بوتائر مختلفة، تزداد حينا وتنخفض أحيانا. لكن بعد انتهاء الحرب العسكرية، وجد المخططون لهذه الحرب، أن البدائل يجب أن تكون بالاتجاه الاقتصادي؛ وصدرت التعليمات بهذا الخصوص، وكان آخرها قانون قيصر، الذي عاقب كل دولة أو جهة تريد التعامل مع سوريا. وهذا فرض أعباء اضافية على البلاد بشكل عام، وعلى القطاع الصناعي، باعتباره يحتاج لمستلزمات إنتاج، بالإضافة إلى معدات للإنتاج تستورد من دول متعددة، منها منشأه أوروبي أو صيني أو روسي وغيره. وهذا سبب معاناة للصناعيين في القطاعين العام والخاص، في مسألة تأمين قطع غيار وتجهيزات إضافية حديثة، لإصلاح المنشآت المدمرة”.
التعاون مع الدول العربية والشركات الروسية

وحول اتصالات مع شركات روسية لإعادة تأهيل وإعمار القطاعات الصناعية، قال الصباغ، “هناك خارطة طريق موجودة مع الجانب الروسي، من خلال اجتماعات اللجان المشتركة، تم إعدادها لتأهيل وتوريد خطوط إنتاج للكثير من الشركات، وخاصة في قطاع النسيج”.
وتحدث الوزير الصباغ عن وجود مشروع ضخم لتوريد معدات لتصنيع أقمشة الجينز في سوريا أو الأقمشة المعتمدة على القطن، بكمية تزيد عن 100 ألف متر طولي، يوميا؛ لكن حتى الآن لم يتم التوصل إلى نتيجة، حيث تبين أن هذه التجهيزات لا تنتج في روسيا، وسيتم تأمينها من الخارج، وهناك صعوبات في التمويل.
وكشف الوزير الصباغ عن “وجود مباحثات لتوطين صناعة جديدة، هي صناعة الألياف البازلتية، التي لها استخدامات متعددة؛ وهناك تعاون مستمر مع الجانب الروسي في أكثر من مجال.
وعن نسبة تواجد الشركات والمصانع الأجنبية داخل المدن الصناعية السورية، قال، “عددها قليل جدا. في مدينة عدرا الصناعية، يوجد شركة عبارة عن معمل للزجاج. هناك بعض الشركات تتعاون مع القطاعات الأجنبية على مبدأ أسهم تشاركية. لكن شركة أجنبية تملك كامل الأسهم، لا يوجد، إلا الشركة التي ذكرتها في عدرا الصناعية”.
وعن واقع التبادل التجاري مع الدول العربية والحديث عن تأسيس منطقة صناعية عراقية – سورية، قال وزير الصناعة السوري ” خلال زيارة وزير الصناعة العراقي إلى سوريا، أجرينا مباحثات مكثفة حول واقع البلدين المتشابه من ناحية تعرضهما للحرب. الميزة النسبية التي تتمتع بها سوريا غير موجودة في العراق، وهي الخبرات البشرية”.
واعتبر الوزير الصباغ أن “العراق يتمتع بالقدرة المالية، ولكن لا يمتلك خبرات. خلال المباحثات تم الاتفاق على دمج الميزتين وتكاملهما، من خلال تأسيس شركات مشتركة سورية – عراقية، لتصنيع جزء في سوريا ويتم استكماله في العراق أو العكس. ونقيم منطقة صناعية حرة مشتركة على الحدود، لتبادل البضائع والصناعات في مختلف المجالات، ويتم العمل عليها بهدوء عبر غرف الصناعة”.


بتاريخ : 13/11/2021

أخبار مرتبطة

أفادت وزارة النقل واللوجستيك بأن الموانئ المغربية سجلت عبور حوالي 1.9 مليون مسافر و447 ألف سيارة في كلا الاتجاهين برسم

  غادرنا نهاية الأسبوع الشاعر الزجال، النورس الجريح وزجال الهامش المنسي، عبد الكريم الماحي بعد أن أتعبه “تحتحيت السؤال” ولم

  فاز فريق الرجاء الرياضي على مضيفه الحرس الوطني من النيجر بهدفين لواحد، في المباراة التي جمعتهما أول أمس السبت،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *