في عالم تشهد فيه بؤر التوتر تصاعدا مقلقا للعمليات الإرهابية، يبرز المغرب كواحة أمان استثنائية.
وفي هذا الإطار، كشف مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2024، أن المغرب سجل درجة صفر في الهجمات الإرهابية، ليصنّف ضمن خمس دول فقط بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي لم تشهد أي حادث إرهابي منذ خمس سنوات متتالية.
هذا الإنجاز ليس وليد الصدفة، بل نتاج سياسات أمنية استباقية، وتعاون دولي مكثف، ورؤية شاملة تجمع بين التصدي الأمني الصارم ومواجهة الفكر المتطرف من جذوره.
رغم الانخفاض العالمي في عدد الهجمات الإرهابية بنسبة 23%، إلا أن حدتها زادت بشكل مقلق، حيث ارتفعت الوفيات بنسبة 22% لتصل إلى 8,352 ضحية. وتظهر الأرقام تركيزا جغرافيًّا لظاهرة الإرهاب، إذ تستحوذ ثلاث مناطق على 94% من إجمالي الضحايا وهي وفق تقرير خاص بمؤشر الإرهاب العالمي، إفريقيا جنوب الصحراء، والشرق الأوسط، وجنوب آسيا،في حين تصدرت بوركينا فاسو قائمة الدول الأكثر تأثرا بالإرهاب عالميًا للمرة الأولى منذ بدء إصدار المؤشر، حيث فاقت في هذا الصدد،أفغانستان والعراق، إذ سجلت وركينا فاسو حوالي 2000 قتيل في 258 هجوما، وهو ما يمثل حوالي 25 بالمائة من إجمالي الوفيات الناجمة عن الإرهاب عالميا.
في حين ظل المغرب في مأمن من هذه العواصف، بفضل استراتيجية وطنية تعتمد على تفكيك الخلايا الإرهابية قبل تنفيذ هجماتها، وتعزيز التعاون الاستخباراتي مع دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا، ودور مؤسسات دينية رائدة كمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة الذي يرسخ خطابا دينيا معتدلا.
لا ينفي النجاح المغربي وجود تهديدات إقليمية جادة، خاصة مع تصاعد أنشطة الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل الإفريقي، مثل «القاعدة في المغرب الإسلامي» و»داعش»، والتي قد تزحف نحو الحدود الجنوبية للمملكة،كما تشكل الأزمات السياسية في دول الجوار، والتدفقات غير المشروعة للسلاح، وعودة المقاتلين المغاربة من بؤر التوتر، تحدياتٍ تتطلب يقظة دائمة. لكن المغرب، الذي حول تجربته الأمنية إلى نموذجٍ دولي، يواصل تعزيز آليات مكافحة تمويل الإرهاب، ومراقبة التطرف عبر برامج إعادة تأهيل المُتطرفين، مع الحفاظ على توازن دقيق بين الأمن وحقوق الإنسان.
التحدي الأكبر اليوم، يتمثل في الحفاظ على هذا الاستقرار وسط بيئة إقليمية مضطربة، فالمغرب، الذي نجح في تحييد 90% من المخططات الإرهابية عبر استباقيتها الأمنية، يدرك أن الحرب على الإرهاب لا تنتصر بالبنادق وحدها، بل بمواجهة الفكر المتطرف، وتجفيف منابعه الاقتصادية، وتعزيز التعاون عبر الحدود. وهكذا، بينما تحاصر العواصف الإرهابية العالم من كل اتجاه، يظل المغرب شاهدا على أن الأمن ليس حلما مستحيلا، بل إرادة سياسية، ورؤية شامل، وتعاونا إنسانيا لا يعرف الحدود.
سجل درجة صفر في تقرير لمؤشر الإرهاب العالمي .. المغرب واحة الاستقرار في زمن العواصف الإرهابية

الكاتب : جلال كندالي
بتاريخ : 06/03/2025