في ثامن ليالي الدورة الـ 19 لمهرجان موازين – إيقاعات العالم، سافرت الديفا سميرة سعيد، مساء الجمعة الماضي بجمهورها في سمر فني ممتع على خشبة المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، من خلال أداء احترافي مبهر.
واستقبلت الأستاذة سميرة سعيد من قبل محبيها وعشاقها، الذين حجوا بكثافة لمتابعة حفلها الغنائي الساهر، بالزغاريد والهتافات والتصفيقات المتوالية تعبيرا عن حب الجمهور الصادق لفنانة مبدعة ومتعددة المواهب، نالت لقب “الديفا” عن جدارة واستحقاق كبيرين بعد عقود مديدة من العطاء والإنتاج الفني المتواصل.
وأعربت سميرة سعيدة، التي أطلت على جمهور موازين مرتدية القفطان المغربي الأصيل يعكس تشبثها واعتزازها بهويتها الثقافية والوطنية، عن ابتهاجها الكبير بالمشاركة في فعاليات النسخة الـ19 لهذا المهرجان الفني العالمي، مبرزة أن مسرح محمد الخامس “يعني لي الشيء الكثير، فهو جزء مهم من طفولتي كوني غنيت فيه لأول مرة وأنا طفلة في عمر التاسعة”.
وأضافت، في كلمة أمام الجمهور الحاضر، “ها أنا أعود اليوم لأغني على نفس الخشبة في ليلة استثنائية وشيقة تختلط فيها مشاعر الماضي بالحاضر”.
ومن خلال باقة متنوعة تضمنت مجموعة من الأعمال الغنائية من قبيل “يوم ورا يوم”، “عالبال”، “ما حصلش حاجة”، و”مازال مازال”، فضلا عن أغاني أخرى مميزة لـ “ديفا الأغنية العربية”، تفاعل معها معجبو ومحبو الفنانة الراقية الذين رددوا معها القطع والاختيارات الغنائية المقدمة لحنا وكلمات، مما أضفى على هذا الحفل الاستثنائي طابعا حماسيا وتفاعليا ملموسا.
كما أهدت سميرة سعيد للجمهور المغربي باقة من الأغاني المغربية الكلاسيكية والعصرية، التي أصدرتها خلال فترة الثمانينيات بتعاون مع عدد من رواد الأغنية المغربية، مثل أغنيتي “يمكن فايت لي شفتك” و”قلبي متعلق بالموحال”، وهما من تلحين الراحل عبد القادر الراشدي، وكلمات الفنان الراحل فتح الله المغاري، سنة 1982.
وكان جديد إنتاجات سميرة سعيد الفنية حاضرا بقوة ضمن فقرات هذا الحفل الغنائي والشيق، وتحديدا أغنية “كذاب”، التي أصدرتها باللهجة المصرية قبل شهر،
وكانت الديفا سميرة سعيد، قد أكدت أن الأغنية المغربية حققت نقلة نوعية في العالم العربي خلال السنوات العشر الأخيرة.
وأبرزت سميرة سعيد خلال ندوة صحافية عقدتها عشية إحيائها حفلا فنيا بالمسرح الوطني محمد الخامس، ضمن برمجة ثامن أيام الدورة الـ 19 لمهرجان موازين-إيقاعات العالم، أن آليات الأغنية المغربية شهدت تطورا ملحوظا عجل انتشارها، مسجلة الدور الهام الذي ما فتئت تضطلع به وسائل التواصل الاجتماعي في هذا الصدد.
واعتبرت سميرة سعيد أن “الأجيال الفنية السابقة لم تكن محظوظة مثل الأجيال الحالية في ما يخص الاستفادة من نجاعة وسائل التواصل الاجتماعي، على تعددها وتنوعها، لما لها من تأثير كبير جدا في انتشار مختلف الإنتاجات الغنائية الوطنية”.
وبعدما ذكرت بأن الساحة الفنية المغربية تزخر بمطربين ومطربات من المستوى الرفيع، لفتت سميرة سعيد إلى أن “الأغنية المغربية لا تزال تواجه اليوم عائق الانتشار على الصعيد العالمي لأسباب ثقافية تتعلق ببروز الحاجة إلى إقبال أكبر على تعلم الدارجة المغربية”، داعية الأجيال الفنية الصاعدة إلى حمل مشعل إيصال الأغنية المغربية إلى العالمية.
وعن مهرجان موازين، قالت المطربة المقتدرة إنه حدث فني عالمي كبير “نفتخر ونعتز به كثيرا”، معربة عن سعادتها الغامرة باحتضان مدينة الرباط، التي ولدت وترعرعت فيها، لهذا العرس الفني السنوي.
وبخصوص مشاركتها في فعاليات النسخة الحالية، أعربت “الديفا” عن عزمها على تقديم أعمال غنائية متنوعة من ريبرتوارها الفني، لافتة إلى أن هذه الأعمال ستجمع بين قديم وجديد إنتاجاتها “على نحو سيفاجئ جمهور موازين ويعيد إليه الحنين إلى ذكريات الطفولة”.
من جهة أخرى، وفي معرض جوابها عن سؤال يتعلق باعتزامها إحداث أكاديمية موسيقية في المغرب، أوضحت سميرة سعيد أن فكرة هذا المشروع ما تزال تراودها بقوة، مشيرة إلى أن “الظروف والشروط اللوجستيكية المواتية لإخراج هذا المشروع إلى الوجود لم تتوفر بعد”.
وعبرت الديفا عن إعجابها بعدد من المطربين والمطربات المغاربة مثل سعد لمجرد وحاتم عمور وأسماء لمنور ودنيا بطمة، نظرا لتميزهم على مستوى الصوت والأداء والإبداع.
وعن ذكرياتها مع الراحل الملك الحسن الثاني، قالت سميرة سعيد:” كان رحمه الله يتمتع بحس فني كبير، يراعي كل الفنانين ويدعمهم ويحبهم”، مبرزة أنها دخلت القصر الملكي في عمر 12 سنة وغنت أمام الحسن الثاني لأم كلثوم ونجاة الصغيرة.
وأضافت أن الملك الراحل الحسن الثاني طلب منها خلال حضور الرئيس المصري الراحل أنور السادات تحضير أغنيتين فرنسيتين، لأنه كان يرى أنها تملك ثقافة الشرقي والغربي، كما طلب منها غناء الملحون، وأكدت أنها تعتبر تلك الذكريات الأجمل في حياتها وتمثل جزءا مهما تعتز به كثيرا من تاريخها الفني.