سناء نجيح: المستحيل جدار وهمي برر به الضعفاء عدم قدرتهم على الكفاح والتحدي

سناء نجيح شخصية متعددة الاهتمامات والمواهب، محبة الاطلاع على كل المجالات التي تثير فضول معرفتها واكتشافها، لذا تجدها مهتمة بدراسة الإعلاميات والدراسة الفندقية، وتتوفر على ديبلومات بكلا المجالين التجميل والتصميم. وهي الى جانب ذلك، متذوقة ومحبة أيضا للموسيقى والاستماع لها خاصة أثناء قيامها بعملية الرسم التي تعتبرها من ضمن الطقوس التي تحبذ حضورها وهي بين أحضان عالمها الملون.. كما يستهويها السفر وعالم الشعر الذي تستمتع وتهتم بقراءته وأحيانا تقوم بكتابته على شكل خواطر.. صفحة «فنون وإعلام» استمعت لنبض سناء،
وأنجزت الورقة التالية:

 

من هي سناء نجيح؛ وما رسالتها من الفن عموما والفن التشكيلي على وجه الخصوص؟

سناء نجيح الإنسانة المسالمة. الهادئة بطبعها بشهادة كل المحيطين بها؛ شخصية مثابرة لا تؤمن بالمستحيلات وعلى حد قولها المستحيل جدار وهمي برر به الضعفاء عدم قدرتهم على الكفاح والتحدي من أجل تحقيق أحلامهم ورغباتهم ..
الفن له مغزى بالحياة واسم»الفن» اسم رنان به رقي ونوع من التفرد، لذا هو كان وسيبقى فنا أصيلا ذا رسالة سامية، والفنان الصادق هو الذي يأخذ بعين الاعتبار هاته النقاط الأساسية لتكون رسالته هو بدوره من خلال فنه رسالة سامية أيضا؛ وبهاته الصورة السوية وعلى هذا النحو أطمح بأن تكون رسالتي بالدرجة الأولى رسالة هادفة ..رسالة سلم وسلام ..رسالة تعايش.. كتلك الصورة الفنية ذات القيم الأخلاقية التي تجمعنا بالملتقيات الفنية حيث تلتقي مختلف الشعوب لترتقي بإنسانيتها.. بفنها هذا العالم الفريد والمميز المليء بالألوان الذي تكسوه المحبة وتبادل افكار وثقافات بعيدا عن أي تطرف؛ رسالة تقود المجتمعات فكريا بأسلوب مبتكر ذي تعبير جمالي يناقش كل ما يخالج الذات والمجتمع من أمور وقضايا.

ماهي البدايات وما مؤشرات الانجذاب نحو اللون؟

مؤشرات انجذابي نحو اللون كان منذ الطفولة، حيث كنت أجد ضالتي من الترفيه بتشكيل شخبطات وحركات ألوان على الورق، كأن الامر يفرح قلبي جدا؛ ظل هذا الشعاع الملون ينير مشاعري الدفينة بمراحل حياتي المختلفة إلى أن أثبت هذا النوع من التعبير وجوده المهم بحياتي بفترة من الفترات.. حيث كان منقذي الروحي ومعالجي النفسي ومتنفسا لي أيضا وكوسيلة تعبير عن تلك الصرخات الصامتة التي كانت بداخلي؛ تلك الصرخات المفعمة بالحياة في أن واحد بعدد من أعمالي الفنية والذي كان موضوعها يتحدث عن المرأة وما يخصها.

كيف تصنفين أسلوبك الفني؟ الفن الواقعي؛ أم الفن التجريدي؟

أسلوبي الفني أجده أسلوبا متطورا ومتجددا مع ولادة كل عمل جديد رغم انصبابه لنفس الفكرة بهاته المرحلة الفنية التي أعيشها، وكما ذكرت سابقا قضية المرأة وتسليط الضوء على عنفوانها وآهاتها من خلال استعمالي لمواد مختلفة بالعمل إلى جانب المادة الأساسية «الصباغة» لذا تجدني غالبا أتبع تقنية مزدوجة لتشكيل لوحتي، لأني بهاته الطريقة أحاول قدر المستطاع فتح كل أبواب وسائل الإبداع الممكنة من أجل التعبير..، فكل عمل من أعمالي تجد فيه صورة معينة من صور المرأة المختلفة؛ صورة ملتقطة من حكاية ما تتعلق بها وتخصها من إحدى الجوانب. موضوع يطرح لنقاش بأسلوب ذي جمالية؛ أسلوب هادئ رغم كل تلك الانفجارات المشكلة بأسلوب مجسد ومجرد في نفس الوقت.
وبالرجوع للبدايات قليلا، وقبل هذا الصراخ الأخير، مرت فرشاتي بأسلوب وبمواضيع جد مهمة بالنسبة لي وجب ذكرها. أسلوب بلغة التشكيل الفن الواقعي أو المدرسة الواقعية؛ ومن هذا الباب كانت لي بعض التجارب بمضامين أفتخر بها بمسيرتي الفنية أعمال اقتبست منهجها من تراث مغربنا الحبيب الغني بغنى ثقافاته المتنوعة من شماله إلى جنوبه.. ذاك التراث الجميل الذي حظيت لوحاتي بشرف تمثيله؛ كون التراث كتلك الجذور في الشجرة التي تمدها بالحياة؛ وهي لنا مصدر إلهام ونبض ألوان فرشاتنا المفعمة بالحياة منها ومن أرضها.. لذا كانت وستظل مرحلة مهمة لي كتعريف هوية بمفهومي ورؤيتي الفنية..، وبكل اعتزاز وافتخار قدمت هذا الثراء الفني.. غالب هاته الاعمال هي الآن متواجدة ببلدان عربية وأجنبية تمثل هاته صورة الفنانة المغربية التي تعتز وتفتخر بمغربيتها حتى النخاع .

كيف تتشكل اللوحة الفنية عند سناء نجيح ؟

لوحتي تتشكل انطلاقا من موضوع أثار أحاسيسي وبأسلوب ذو عمق يتحول لفكرة يقوم خيالي بتمثيل هاته الفكرة لتكون بالأخير: وجوه.. رموز.. بأشكالها وألوانها المختلفة ..

موهبتك هي التي ترسم اللوحة أم مشاعرك وأحاسيسك تجاه ذاتك والمجتمع من حولك؟

مشاعري وأحاسيسي تجاه ذاتي والمجتمع هي التي تقودني بالدرجة الأولى لرسم اللوحة ثم تليها الموهبة؛ وهذا أمر أجده مرهقا نفسيا لي أحيانا بأن أكون مثلا ملزمة بإنجاز عمل فني معين، وإحساسي تلك الفترة لا يقودني لإنجازه وبذاك الأسلوب فأجد صعوبة في الأمر.

هل تعتقد سناء نجيح الفنانة أنها حققت ما تصبو إليه عبر منطق الألوان والفرشاة؟

الفنان هو دائما في بحث مستمر لتطوير من ابتكاراته والبحث بخزان أفكاره والغوص بأعماق مكنوناته الدفينة لطرح تلك الفكرة الراقية بصورة معينة مشكلة تشكيلا جميلا، لذا ومن هذا المنطلق لا يمكن حصر هذا المولود الفني بمستوى ذي أفاق محدودة، فهو دائما متطور ومتجدد، لذا أقول عن تجربتي الشخصية وعبر منطلق الألوان والفرشاة، فأنا لم أحقق بعض ما أصبو إليه، ولن أحس هكذا شعور بيوم ما لأنه شعور مميت لفنان يبحر بعالم الابداع.

ما الذي تراهنين عليه في جذب المتلقي؟ اللون الشكل المزج بين الألوان وانسياباتها فوق اللوحة؟

أراهن على اللون بالدرجة الأولى لما له من دور في إبراز القيم الجمالية للعمل ونقل كل تلك الانفعالات الشخصية والمشاعر؛ وأيضا موضوع وفكرة العمل أو كما اسميها «قصيدة اللوحة المرسومة» وكما أتخيلها قبل الشروع في اعتناق فرشاتي لطرح كل تلك التفاصيل بأسلوب شاعري وبرموز ذات عمق حسي .. ومن هنا يتداخل اللون مع الشكل والمضمون والمادة وباقي العناصر الاخرى تباعا لترسل بالنهاية للمتلقي كل تلك الدلالات الموضوعية والفكرية بتأثيرات روحية.. رمزية. لونية وذات ايحاءات عاطفية وجدانية تلامس الروح قبل العين..

ما مصادر تغدية الفن التشكيلي لدى سناء نجيح القراءة.. الكتابة مثلا؟

مصادر تغذية الفن التشكيلي لدي ممكن التفاعل معه روحيا؛ ممكن تكون صورة معينة.. جمال الطبيعة.. موسيقى. رحلة سفر؛ قراءة شعرية .. رواية ما. . حكاية أو موضوع من المجتمع، وممكن تكون تجربة شخصية؛ فأي أمر يثير أحاسيسي هو دافع قوي ومغذي لهاته الملكة الإبداعية لدي .. لأني التمس بها ذاك الجانب الجمالي الخفي الذي أبحث عنه.. إنها كفسحة لتحليل والتأمل.

كفنانة تشكيلية؛ مغربية ما رسالتك وما القيمة المضافة لتجربتك في الحقل الثقافي المغرب؟

مسؤولية الفنان ليست بالمسؤولية الهينة، لأنه يحمل على كاهله رسالة يجب تأديتها على أكمل وجه، لأنها ستكون لغة حوار بين فنه وبين عدد من الثقافات، وستقوم بإنشاء نوع من الفضاء الحواري وكذا خلقه وصقله وتشكيله لخلق معان جديدة ذات شكل جمالي لثقافة؛ كما هي صورة ومرآة تعكس شخصيته وهويته من جهة، ومن جهة اخرى هي قيمة مضافة لتجربته بهذا الحقل قيمة وتجربة موثقة يتاح من خلالها فرصة الاستمتاع بتبادل التجارب الابداعية، وهو أمر مهم لتطويرها فنيا.. إنها تلك الأجواء التي تسودها المتعة الممزوجة بالفائدة والمعرفة أيضا.

كلمة أخيرة لسناء نجيح كفنانة وإنسانة

أحب أن أتطرق لأمر أخير مهم جدا بالنسبة لي يصب بنفس هذا السياق، كلمة أوجهها للأهل خاصة، أرجو منهم بألا يكونوا حاجزا بينهم وبين أحلام أبنائهم؛ بل أن يكون لهم ذاك الدور الكبير في حياتهم بتحفيزهم للعطاء أكثر وتشجيعهم ومدهم بالدعم الكافي ليتفوقوا بتلك الانشطة المهمة لديهم إلى جانب طبعا عطاءاتهم الدراسية.. وألا يحبطوهم بالسخرية عن هواية لا تعجبهم، لأنها قد تؤثر عليهم نفسيا وتعيق تقدمهم الى الامام وبراعتهم فيها؛ يجب أن نعلم بأن الانسان الذي يمتلك هواية معينة فهو إنسان محظوظ، لأن الهواية من مسميات الابداع والتميز، هي التي تعطي ذاك الدافع الكبير نحو تحقيق أشياء يعجز عن فعلها الاخرون .. ومن جانب آخر ولا يقل أهمية فهاته الهواية تملا وقت فراغ اطفالنا بأمور مفيدة وإيجابية وتجعلهم يرون فيها آفاقهم البعيدة لتحقيق الكثير من الطموحات عبر إصغائهم لصوت إبداعهم لأنه أي شيء يترك بدون عناية يضيع جماله ويدفن.. ويشيخ ذاك الحلم المنتظر مع الزمن ويؤجل.. وحين نتمكن من معانقته مرة أخرى نتمنى لو تكون سنواتنا الآتية كافية لتحقيق كل تلك الاحلام الكبيرة…


الكاتب : أعد الحوار وقدم له : عزيز باكوش

  

بتاريخ : 02/03/2019