شبكة البحث الإفريقي في علم الأمراض المعدية والعناية المركزة: مبادرة علمية في خدمة إفريقيا

تقديم

تدارس عدد من المهنيين والخبراء في مجال الصحة، يمثلون أكثر من 14 دولة من إفريقيا وأوروبا وآسيا، يوم السبت بالداخلة، موضوع مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، خلال المؤتمر الخامس للجمعية المغربية للتخدير والإنعاش ومعالجة الألم.
وشكل هذا المؤتمر، الذي انعقد حضوريا وعن بعد يومي 6 و 7 شتنبر الجاري، بمبادرة من مؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة، وبشراكة مع مجلس جهة الداخلة – وادي الذهب، فرصة للمشاركين من أجل مناقشة وتدارس التحديات المتعلقة بمقاومة مضادات الميكروبات التي باتت تمثل مشكلة صحية كبرى، وكذا أساليب الوقاية من الالتهابات البكتيرية في أماكن العناية المركزة.
وأبرز رئيس الجمعية، جمال الدين كوهين، أن هذا اللقاء سبقه اجتماع للشبكة الإفريقية للبحث في الأمراض المعدية في العناية المركزة، تم خلاله التركيز على التحديات التي تواجه البحث العلمي في هذا المجال.
وأضاف أن اجتماع هذه الشبكة، التي تم إنشاؤها قبل ثلاث سنوات، كان أيضا فرصة لعرض نتائج البحوث التي قامت بها، بهدف مواجهة التحديات الصحية التي تواجهها القارة الإفريقية، والمرتبطة بالتهديدات الوشيكة لعدوى المستشفيات، ومقاومة المضادات الحيوية، والأمراض الناشئة.
ومن جهته، أشار رئيس جمعية التخدير والعناية المركزة لإفريقيا الفرنكوفونية، عمر كين، إلى أن شبكة البحوث الإفريقية في الأمراض المعدية في العناية المركزة، عقدت على هامش هذا المؤتمر، جمعيتها العمومية، بهدف توحيد الجهود حول الأنشطة البحثية في مجال الأمراض المعدية في إفريقيا.
وذكر عمر كين، أن هذا المؤتمر يهدف إلى صياغة توصيات سيتم تفعيلها في كافة الدول الأعضاء في الشبكة، وفي الدول الأخرى التي ستنضم إليها لاحقا.
وتضمن برنامج هذا المؤتمر عددا من أوراش العمل، تناولت على الخصوص «الأمراض المعدية في الحياة اليومية في العناية المركزة»، و»مقاومة المضادات الحيوية في الداخل والخارج»، و»الإشراف على مضادات الميكروبات والوقاية منها».
وتجدر الإشارة إلى أن الجمعية المغربية للتخدير والإنعاش ومعالجة الألم تأسست عام 1984، وهي جمعية علمية شكلها طاقم طبي يعمل في مصالح الإنعاش وغرف العمليات والهياكل التي توفر التخدير أو المسكنات.
ويتمثل هدفها الرئيسي في تعزيز وتطوير ممارسة التخدير والتسكين والإنعاش، فضلا عن جميع التخصصات التي تدخل في اختصاص أطباء التخدير، وتشجيع التبادل في هذا المجال وتنظيم لقاءات علمية وطنية ودولية.

تعزيز البحث العلمي ونشر أفضل الممارسات في مجال الرعاية المركزة

الداخلة، المدينة الجنوبية للمغرب، تعيش على إيقاع استقبال طلاب الدفعة الأولى من كلية الطب بالداخلة التي ستفتح أبوابها لأول مرة مع الدخول الجامعي 2024-2025، والتي من المقرر أن تبدأ عامها الدراسي الجامعي في 22 سبتمبر 2024.
وبالإضافة إلى ذلك، تشهد الداخلة الحدث الكبير المتمثل في اللقاء الخامس لشبكة البحث الإفريقي في علم الأمراض المعدية والعناية المركزة، والذي يجري من 5 إلى 8 سبتمبر 2024، كما أشار الدكتور جمال الدين كوهن، رئيس الجمعية المغربية للتخدير ومحاربة الألم والعناية المركزة (SMAAR).
تواجه القارة الإفريقية تحديات كثيرة في مجال الصحة العامة، خاصة في مكافحة الالتهابات الحادة داخل وحدات العناية المركزة.
في هذا السياق، وُلدت في عام 2022 مبادرة علمية طموحة: شبكة البحث الإفريقي في علم الأمراض المعدية والعناية المركزة (REA RIR).
تأسست هذه الشبكة في المغرب، وتتميز بالتزامها بتعزيز البحث الطبي في إفريقيا.
تحت رعاية الجمعية الإفريقية للتخدير والعناية المركزة في إفريقيا الفرانكفونية (SARAF)، وبدعم لوجستي من الجمعية المغربية للتخدير ومحاربة الألم والعناية المركزة (SMAAR).
تهدف REA RIR إلى جمع المتخصصين في مختلف المجالات الطبية للرد على المشاكل المتعلقة بالأمراض المعدية في وحدات العناية المركزة في إفريقيا، حسبما أكد الدكتور جمال الدين كوهن، رئيس الجمعية المغربية.
تجمع هذه الشبكة بين المتخصصين في علم الأحياء ووحدات العناية المركزة للكبار والأطفال وحديثي الولادة، إلى جانب خبراء في مجال الأمراض المعدية، بهدف واحد مشترك: تعزيز البحث العلمي المشترك.

أهداف طموحة ونهج تعاوني

تسعى REA RIR إلى تحسين فهم الالتهابات في وحدات العناية المركزة ودعم البحث الوبائي والسريري والبيولوجي في القارة.
للقيام بذلك، تهدف هذه الشبكة الإفريقية إلى إنشاء شبكة متعددة التخصصات تجمع بين المتخصصين في الرعاية الصحية من عدة مجالات، لتوحيد الجهود الإفريقية لإنجاز دراسات واسعة النطاق.
تتميز الشبكة بنهجها التعاوني. فهي تشجع التبادل بين أعضائها من مختلف الدول الإفريقية، وكذلك مع المنظمات الدولية.
تسمح هذه التفاعلات ليس فقط بتعزيز البحث العلمي، بل بنشر أفضل الممارسات في مجال الرعاية المركزة وإدارة الأمراض المعدية.

شبكة في خدمة التعاون القاري

أحد الأسس الرئيسية لـ REA RIR هو التزامها بالتعاون القاري والدولي.
تنظم الشبكة بانتظام مؤتمرات وورشات عمل لتعزيز تبادل المعرفة.
تهدف هذه الفعاليات إلى تعزيز التعاون بين الباحثين الأفارقة ونظرائهم من جميع أنحاء العالم.
لا تقتصر REA RIR على تسهيل التبادل العلمي فقط؛ فهي تعمل أيضًا على تدريب المهنيين الصحيين.
بالإضافة إلى الأبحاث التي تُجرى حول الأمراض المعدية في العناية المركزة، تركز الشبكة على توعية مختلف الجهات الفاعلة في مجال الصحة بأهمية الوقاية والنظافة، وهما عنصران حاسمان للحد من انتشار العدوى في المستشفيات الإفريقية، والمعروفة علمياً بالعدوى المكتسبة داخل المستشفيات.

نموذج للتعاون العلمي
في إفريقيا

تشكل شبكة البحث الإفريقي في علم الأمراض المعدية والعناية المركزة نموذجًا للتعاون العلمي الذي يتجاوز الحدود.
من خلال جمع خبراء من مختلف الدول الإفريقية حول قضية واحدة، تساهم الشبكة في إيجاد حلول عملية للمشاكل الصحية التي تواجه وحدات العناية المركزة في القارة.
بفضل مكانتها كجمعية علمية، لم تتوقف REA RIR عن النمو منذ إنشائها.
تحظى بدعم الجمعيات العلمية الوطنية الإفريقية المتخصصة في التخدير والعناية المركزة، بالإضافة إلى المدارس العليا ومختبرات علم الأحياء في الجامعات الإفريقية.
هذا التعاون بين القطاعات المختلفة ضروري لتعزيز البحث الطبي وتحسين جودة الرعاية المركزة.
يقع مقر REA RIR في المغرب، مما يجعله محورًا استراتيجيًا للتبادل العلمي الإفريقي.

خاتمة: مبادرة نحو المستقبل

شبكة البحث الإفريقي في علم الأمراض المعدية والعناية المركزة ليست مجرد تجمع للخبراء.
بل هي مبادرة طموحة تسعى إلى تقديم حلول عملية للتحديات الطبية في القارة الإفريقية.
بفضل هيكلها المتين، وأهدافها الواضحة، ورغبتها في التعاون، تبرز REA RIR كعنصر رئيسي في مجال البحث الطبي في إفريقيا.
وفي زمن الأوبئة العالمية، تحظى هذه الشبكة الإفريقية في الوقت الراهن بدور محوري في القارة الإفريقية.


الكاتب : الداخلة : الدكتور أنور الشرقاوي

  

بتاريخ : 11/09/2024