مسطرة التقاضي شابتها عيوب ولم تحترم عددا من الشروط الأساسية
تتبع المهتمون بالشأن الصحفي في بلادنا خاصة ومعهم الرأي العام الوطني عموما، بكثير من الاهتمام الممزوج بالقلق والتساؤلات، خطوة الحجز على الحساب البنكي لمدير نشر الزميلة «الأحداث المغربية»، على إثر شكاية تم وضعها من طرف أحد المواطنين، الذي اعتبر بأنه تضرر من نشر صورة له على صفحات الجريدة خلال مباراة من مباريات كرة القدم، وطالب بتعويض مادي لجبر هذا الضرر.
خطوة، أكد المختار لغزيوي، مدير نشر جريدة الأحداث المغربية في تصريح هاتفي لـ «الاتحاد الاشتراكي» أنها كانت جد مفاجئة ومثيرة للاستغراب، بالنظر لأنه بصفته مديرا للنشر، ومعه كافة المسؤولين والعاملين بالجريدة، لم يكن على علم بالنازلة، مبرزا أنه فوجئ بالحجز وعدم تمكّنه من التحكم في حسابه البنكي، وتعاظم وقع المفاجأة أكثر حين تبين في اتصال بالوكالة البنكية على أن الأمر تم بناء على قرار قضائي صدر في 3 أبريل 2023، الذي تأسس على حكم صدر قبل ذلك في شهر نونبر 2022.
وأوضح لغزيوي في ذات التصريح الهاتفي أنه تبين لاحقا للجريدة على أن حكما قضائيا صدر لفائدة شخص، سبق وأن وقف معربا عن رغبته في أخذ صورة له في مناسبة رياضية وسط الجمهور، وطلب معرفة المنبر الذي سيقوم بنشرها، مشيرا إلى أن هذا الأمر يوضح وجود سوء النية، مضيفا أنه بعد ذلك سلك مسطرة القضاء إلى أن صدر حكم لفائدته يقضي بتعويضه بمبلغ 57.370 درهما، في غياب الطرف المدعى عليه، إذ لم يتم التوصل بأي استدعاء طيلة مراحل التقاضي ولا بالحكم وما يفيد عملية تبليغه وصولا إلى خطوة التنفيذ. وشدد مدير تحرير الزميلة «الأحداث المغربية» على أن الجريدة بطاقمها الصحفي والإداري وكل العاملين يحترمون المقررات القضائية ويقبلون بالأحكام الصادرة عن المحاكم المغربية، مؤكدا أن الحقوق تقابلها بالضرورة واجبات، وبالتالي إذا ما اعتبر أي شخص بأنه تضرر من أمر ما فله الحق في التوجه إلى القضاء، لكن ما وقع تضمن عددا من التفاصيل التي تثير الاستغراب، وهو ما سيدعو الجريدة للجوء بدورها إلى مراحل أخرى من التقاضي، مشددا بالقول «لا يمكن أن نسكت على ما وقع، نحترم القضاء لكننا سندافع عن حقوقنا وسنطالب بمعرفة ما قد يقع لنا بسبب صورة لم نكن نعتقد بأنها مكلّفة بهذا الشكل»…
وجدير بالذكر أن المسطرة العامة للتقاضي تؤكد على ضرورة توفر مجموعة من الشروط لتحقيق العدالة والدفاع عن حقوق كل الأطراف، حيث تتضمن شقّا موضوعيا يهمّ الصفة والأهلية والمصلحة والإذن بالتقاضي، إلى جانب شقّ شكلي من بين ما يتضمنه النقطة المتعلقة برفع الدعوى وفقا لأحكام الفصل 31 من قانون المسطرة المدنية، وما ينص عليه الفصل 32 بخصوص البيانات المنصوص عليها، فالنقطة المتعلقة بالاستدعاء والتبليغ، وهو ما يعالجه الفصل 36 ثم الفصل 37 الذي يحدد كيفيات توجيه الاستدعاء وتبليغه، إلى جانب الفصلين 38 و 39، حيث يؤكد الأول أن المشرع نصّ من خلاله على أن «يسلّم الاستدعاء والوثائق إلى الشخص نفسه أو في موطنه أو في محل عمله أو في أي مكان آخر يوجد فيه…».
شروط جاء بها المشرع لضمان حقوق المتقاضين، سواء تعلّق الأمر بالمدعي أو المدعى عليه، وهو ما يتبين على أنه لم يتم احترامه في النازلة التي تخص الزميلة «الأحداث المغربية»، وفقا لتصريح مدير نشرها الزميل المختار لغزيوي، والتي تطرح بالمقابل كذلك أسئلة أخرى حول مفهوم الحق في الصورة، حين يتعلّق الأمر بتغطية حدث عام يتابعه الجميع على شاشات التلفاز والحواسيب والهواتف النقالة، لنقل أجواء الفرح أو التشجيع وغيرهما للقارئ والمتتبع، ومدى الضرر الذي يمكن أن يتسبب فيه ذلك، لشخص يعرف مسبقا بأن صوره يمكن أن يتداولها الجميع، خاصة وأن الكلّ بات يحمل هاتفا نقالا ويوثق لمختلف اللحظات في كل الفضاءات على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، والتي يمكن للجميع الاطلاع عليها في كل لحظة وفي مختلف بقاع العالم وليس داخل حدود الوطن فقط، إضافة إلى استمرار متابعة الصحافيين والمؤسسات الإعلامية خارج دائرة قانون الصحافة والنشر ؟!