أكدت عليها مداخلات ندوة «الواحة والتحولات المجتمعية» بالريصاني
شكل موضوع «الواحة والتحولات المجتمعية: الإنسان، والمجال، والمجتمع»، محور ندوة علمية نظمتها مؤسسة «فكر للتنمية والثقافة والعلوم» بشراكة مع جمعية «جهات المغرب»، بمشاركة وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، جامعة سيدي محمد بن عبد لله بفاس، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، ووكالة التنمية الفلاحية، واحتضنتها الريصاني بإقليم الرشيدية يومي 25 و26 ماي 2022، بهدف» تشخيص الواقع الواحي بالمغرب وما يتسم به من مميزات ومؤهلات، مع إبراز إكراهاته وإشكالاته واختلالاته…».
وتناولت الندوة ، التي شارك فيها عدد من الباحثين من مختلف مناطق المغرب، ثلاثة محاور كبرى تتعلق بـ»المجال الواحي، إنسان الواحة، وتحولات المجتمع الواحي بالمغرب»، في ست جلسات تم خلالها عرض جملة من التجارب المؤسساتية والرسمية في مجال «حفظ الواحات وتنميتها»، وتسليط الضوء على أهم الإكراهات (الطبيعية، الترابية، السياسية…) التي تواجه الواحات اليوم، إلى جانب إبراز «موارد الواحة الطبيعية ورهاناتها تنمويا وإيكولوجيا»، زيادة على التعريف بـ «الممارسات الاجتماعية داخل الفضاء الواحي بالمغرب، وبجوانب من ثقافته وقيمه، والاقتصاد الاجتماعي والتضامني في المجالات الواحية».
وللمساهمة في الارتقاء بوضع الواحة المغربية، توجت أشغال الندوة بمجموعة من التوصيات أهمها «إحداث مراكز ثقافية تعنى بقضايا الواحات تاريخا وثقافة ومكونات طبيعية وإيكولوجية، دعوة الحكومة إلى الإسراع بتوفير الظروف اللازمة من أجل الإعلان عن الواحة تراثا وطنيا مع الترافع لدى الهيئات الأممية من أجل تسجيل مظاهر من الواحة المغربية ضمن التراث الثقافي العالمي «الخطارات» مثلا، وحفظ التراث الثقافي اللامادي للواحات، كالأغنية الزجلية في تافيلالت». كما تمت الدعوة إلى «الحفاظ على خصوصية العمارة الواحية بالمملكة المغربية، وترميم كافة القصور الواحية التي تحتاج إلى ذلك، وكذا السواقي والخطارات الواقعة في سافلة الواحات (الريصاني مثلا) لما لها من أهمية واضحة في الحفاظ على المياه السطحية من التبخر… وتشجير السفوح المطلة على السدود التلية بالمجالات الواحية، لحمايتها من التعرية والتوحل… مع تشجيع السياحة الواحية بصورة حقيقية، ولاسيما الإيكولوجية/ البيئية».
وفي السياق ذاته، تم التأكيد على ضرورة «البحث عن بدائل حقيقية لضمان الاستقرار البشري في الواحات، ولمساعدة ساكنتها على مواجهة التحديات التي يطرحها العيش فيها، وعلى التكيف مع التغيرات الحاصلة بها مؤخرا، والاستفادة من الاستثمارات والمشاريع والإعانات الموجهة إلى الواحات على نحو عادل، مع التركيز أكثر على صغار الفلاحين والحرفيين، وعلى الفئات الأكثر هشاشة. والعمل على توفير المورد المائي بالواحة بالتعاون مع مختلف الجهات المعنية، والاستغلال المعقلن للموارد المائية (السطحية والباطنية) بعالية الأحواض في المجالات الواحية، مع تثمين التقنيات التقليدية المعتمدة في تدبير الموارد المائية المتوافرة بالواحات، وإدراجها ضمن مخططات تدبير هذه الموارد، ولاسيما في ظل توالي سنوات الجفاف، وقلة الماء ، زيادة على تعميم ربط الواحات بمصادر طاقية أخرى، كالطاقة الشمسية…»، مع دعوة الجامعات الموجودة في جهات الواحات إلى «إحداث تخصصات تهم الواحات وكل قضاياها، مع الاهتمام بالواحات والتراث الواحي على المستوى الأكاديمي، وذلك بتوجيه الطلبة الباحثين إلى إعداد رسائل وأطروحات في هذا الإطار والقيام بدراسات سوسيو اقتصادية للتعريف بمظاهر غنى الواحات، وأهميتها في توفير الأمن الغذائي لساكنتها».
هذا، وثمن المشاركون في الندوة «جهود الدولة في مجال الحفاظ على الواحات وتنميتها، مع الإقرار بعدم كفايتها، وبالتالي، دعوتها إلى بذل مزيد من المجهودات لكي تتبوأ الواحة المكانة التي تستحقها، وذلك بالنظر إلى أدوارها الكثيرة المهمة، والإلحاح على تبني مقاربة تشاركية مندمجة في هذا الإطار تنفتح على كافة الأطراف التي يمكنها الإسهام في حماية الواحة وتنميتها، بما في ذلك جمعيات المجتمع المدني»…