طريق الفقراء

 

وكان الغيث،
والفقراء كانوا يقتفون خطى البهيمة
في التراب
ويذكرون الله في أعماقهم
حتى إذا بلغوا اليقين،
بكوا
وساروا في الطريق
يوزعون النظرة الوثقى
على شجر الأوكالبتوس
مبتهجين بالنسل المبارك
باليقين يلف أفئدة
وبالشوق الذي يقتادهم
نحو المسرات الخبيئة
في جهات القلب.
كان الشوق معبرهم الى مدن
يضيئ مساءها
الشمع المقدس
والتراتيل التي فيها مدارجهم.
لهم حلم
تهدمه الخسارة
كلما هبت عليهم
دهشة أولى.
لهم، في الساحل المهجور
موج؛
كلما رفعوا يدا
صرخت دواخلهم
وداهمها الهدير
فإن تمادوا في الخطى
فسيدركون منارة الضوء البعيد
ويفرحون بما تبقى في أعاليها
من النبض الضئيل.
هم المشاة على رماد ساخن
لا يبحرون الى نهايات الحياة
ولا إلى جزر تغشّاها الفراغ
ولم يعد يعلو شواطئها
هدير الدهشة الأولى.
رؤاهم،
كلما عصف الفراغ
تجفُّ
تنهمر الحجارة في مجاريها
سواء جف فيها الحلم
أو جف الخيال وغار في
العتمات؛
فالحلم القديم يظل منتصبا
على عتباتها،
قمرا ينير مفازة
طفلا يريق على جفاف الحلم
محبرة.
يقال
مشاة ليل يبتغون المجد
أعينهم تخاف الضوء
كيف إذن يراقصهم
خلاص؟
كيف ينجو من معاولهم
ربيع لم يقف أحد
على سر اخضراره في الظهيرة؟
كيف تخضر الرؤى العطشى؟
يقال،
يقال أكثر من سؤال
في بداوتهم.
نهاية سيرهم
تعب كثير
يستمدون اخضرار ربيعهم
منه
ولا يتقاسمون الدفء إلا عندما
يأتي الشتاء
كأنهم من دوحة الأمراء
ينحدرون.
رأيتهم
ترفرف كلما هبت عليها من دواخلهم،
تراتيل.
مساء نهارهم
يغدو احتفالا باليقين
يوزعون بهاءه الأنقى
على مهج الذين يداهم الشك الكثيف
حياتهم.
لن ترتوي النفس الظميئة
من نبيذ الشمس
لن يتصاعد الدخان في وضح النهار
رغيفهم دوما سيأتي
من حنين النفس
للفرح
ومن شبق قديم
كان نارا.


الكاتب : أبو بكر متاقي

  

بتاريخ : 08/01/2021