على هامش أشغال المؤتمر الوطني الثامن لمنظمة النساء الاتحاديات

ندوة دولية حول «وضع النساء خلال جائحة كورونا»
فتيحة سداس: كورونا فرصة لانطلاق النموذج التنموي الجديد لحماية النساء و النهوض بأوضاعهن
حياة لعريش: نحذر من الوضع المزري واللاإنساني الذي تعيشه النساء الصحراويات داخل مخيمات تندوف

 

لم يقتصر برنامج المؤتمر الوطني الثامن للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات على الاشغال التنظيمية المتمثلة في تجديد الهياكل والأجهزة الوطنية والجهوية ومناقشة مشاريع أوراق المؤتمر، الورقة السياسية وورقة المنظمة والقوانين والقانوني الاساسي، بل تم تنظيم ندوتين دولية ووطنية ساهمت فيها فعاليات نسائية وسياسية وحقوقية وطنية وأجنبية، حيث شهد اليوم الأول للمؤتمر ندوة دولية حول « وضع النساء خلال جائحة كورونا».
فعلى هامش المؤتمر الوطني الثامن لمنظمة النساء الاتحاديات، تم تنظيم ندوة دولية حول «وضع النساء خلال جائحة كورونا»، سيرت أشغالها النائبة حياة لعرايش عضوة الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، إلى جانب القيادات النسائية الاتحادية، بمساهمة ممثلات المنظمات النسائية والاحزاب الاشتراكية الديمقراطية في كل من تونس و أنغولا والبرازيل وإسبانيا وكولومبيا.
في بداية هذه الندوة ذكرت النائبة حياة لعرايش بدور الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الدفاع عن قضايا المرأة المغربية وفي مقدمتها الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، معتبرة أن قضية المرأة قضية مركزية في المسلسل الديمقراطي وإقرار التنمية الشاملة بالبلاد.كما نبهت النائبة لعرايش بنفس المناسبة، كبرلمانية تنتمي إلى الأقاليم الجنوبية، إلى وضع النساء المحتجزات بمخيمات تندوف، حيث يعشن تحث نير القهر والتسلط والاستبداد، داعية في نفس الوقت إلى النظر الى هذه الحالة اللاإنسانية والوضع الاجتماعي المزري للنساء الصحراويات المحتجزات رغما عنهم ، حتى يفك عنهن طوق الاحتجاز للتمتع بالتحرر والمساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية، في ظل حكم ذاتي يضمن لهن التنمية الشاملة وكل الشروط الأساسية للعيش الكريم.
وتقدمت فتيحة سداس، عضو المكتب السياسي للحزب في هذه الندوة، بمداخلة أبرزت فيها أهمية هذه الندوة لما تمثله المسألة النسائية من مكانة محورية في مسار الحر كة النسائية الاتحادية، ولأهمية اللحظة المتمثلة في المؤتمر، مؤكدة أن للمرأة دورا أساسيا ومؤثرا في العمل المؤسساتي من خلال مشاركتها السياسية، وفي الإنتاج الاقتصادي من خلال عملها المنتج ومسؤولياتها التدبيرية في المقاولات، ثم إن المرأة عامل حاسم في التماسك الاجتماعي من خلال مساهمتها الفعالة في تأطير البنيات الاجتماعية عبر فضاءات الأسرة والمجتمع. لذلك، المرأة اليوم في قلب صراع المشاريع المجتمعية المتباينة، والتي من ضمنها المشروع الاشتراكي الديمقراطي.
وبخصوص سياق الندوة، أوضحت سداس أن السياق الذي تنعقد فيه الندوة تطبعه التحولات الدولية والإقليمية التي تتسم بتصاعد المد المحافظ والشعبوي المعارض للحقوق الفعلية للنساء، والأوساط المحافظة التي تنتكس معها عملية البناء المجتمعي القائمة على الحرية والحداثة والمساواة، وتتراجع المكتسبات الحقوقية الموفرة لشروط المواطنة الكاملة.
أما على الصعيد الوطني، فما زلنا نعيش تحت مخلفات المرحلة السابقة التي عرفت هيمنة المد الرجعي المحافظ على مستوى تدبير الشأن العام.
وفي ما يتعلق بوضعية المرأة على ضوء تداعيات وباء كوفيد 19 ، قدمت سداس أرضية توجيهية لتأطير النقاش الاتحادي حول تدبير الوضعية الراهنة: «استشراف المستقبل: جائحة كورونا فرصة لانطلاق النموذج التنموي الجديد على أسس سليمة» و حماية النساء وجعل النهوض بأوضاعهن في قلب المشروع التنموي.وأشارت سداس الى أن المجتمعات العقلانية والحداثية والمتضامنة هي التي أبانت عن قدرة كبيرة في التعامل مع هذه الجائحة وتبعاتها. لذلك فإقامة مجتمع حداثي، عقلاني ومسؤول يتسع لجميع الطاقات، أمر حيوي بالنسبة للبلاد الشيء الذي يقتضي من جملة ما يقتضيه، ترسيخ المناصفة والمساواة والكرامة الإنسانية من أجل محاربة الإقصاء والتهميش، وترسيخ الشعور بالانتماء لدى مختلف الفئات الاجتماعية.
وسجلت سداس، بكل أسف، أن الرصد الأولي لتبعات الجائحة عبر العالم أظهر أن النساء والفتيات يعانين أكثر من سلبيات الحجر الصحي، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي، بل وقد لوحظ تزايد خطير في العنف المنزلي عموما والعنف ضد النساء خصوصا.
وشددت نفس المتحدثة على أن ثقافة المساواة لم تتجاوز مستوى الشعارات في البلاد، ولأن المرجعية الذكورية مازالت تتحكم في عقول رجال الإدارة وأحيانا حتى نسائها، فإن إجراء جيدا كتوزيع مساعدة مالية لأصحاب راميد وغيرهم من الأسر، اقتصر على تمكين رب الأسرة فقط من هذا التمويل. والحال أن أكثر من ثلث الأسر تعولها نساء (رغم وجود الأب وقدرته على العمل)، وأن الدول المتقدمة عندما وزعت الإعانات وزعتها مناصفة بين رب البيت وربة البيت، بل إن دولا نامية في أمريكا اللاتينية تصرف الإعانات للنساء فقط لأنهن أكثر رعاية لأسرهن، وأكثر حرصا على أطفالهن.
وفي ما يخص معضلة العنف ضد النساء، طالبت سداس بتأمين حياة وصحة المغربيات وتجنيد إمكانيات الشرطة والنيابة العامة وجمعيات حماية النساء لتفادي حدوث مآسٍ. ففي ظروف الحجر الصحي لا تتمكن هؤلاء من مغادرة البيت أو اللجوء لأي كان، وعليه يجب تقوية مراكز الاستماع وتوفير مأوى للنساء المعنفات خارج بيت الزوجية .
أما بعد الخروج من حالة الحجر الصحي، فدعت القيادية النسائية الى ضرورة الانكباب بشكل مستعجل على مراجعة المقتضيات والقوانين التي تمس النساء بما يتناغم مع الوثيقة الدستورية خاصة الفصل 19 منها. فليس من حل «إلا أن نعيش زماننا وأن نتوجه نحو المستقبل بمساهمة كاملة من النساء اللواتي يعتبرن – كما أثبتت تجارب الدول الديمقراطية المتقدمة – فاعلا محوريا في البناء الديمقراطي وطرفا أساسيا في معادلات التنمية والرقي المجتمعي».
وبالنسبة للتصور السياسي الاتحادي لتحسين وضعية المرأة، أوضحت سداس أنه يرتكز على خمسة مرتكزات: السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، المجتمعي، الثقافي، مشيرة إلى أن موقف الحزب من المرأة يندرج في إطار تصوره للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
يشكل المرتكز المجتمعي عاملا حاسما في عملية التحديث والتقدم، ويجعل المشروع التنموي القائم على مقاربة النوع خطوة إضافية في طريق النهوض الفعلي بأوضاع النساء، وضمان حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية. وينبغي للمشروع التنموي أيضا أن يتمتع بالآليات الإدماجية الضرورية الموجهة للأشخاص في وضعية إعاقة والمسنين وغيرهم من الفئات المجتمعية، بما يجسد قيم الإنصاف والمساواة والتضامن.
إن المشروع الذي يطمح إليه المغرب المعاصر ومغرب الغد، من وجهة نظرنا السياسية، يتمثل في إقامة مجتمع ديمقراطي ومتوازن يتسع لجميع الطاقات الوطنية للمساهمة الفاعلة في التنمية ، وهو ما يقتضي ترسيخ منظومة متماسكة أساسها المناصفة والمساواة والكرامة الإنسانية من أجل محاربة الإقصاء والتهميش، وضمان الإشراك الفعلي لمختلف الفئات الاجتماعية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مع تعزيز آليات الاندماج الاجتماعي على كافة المستويات.
وأبرزت القيادية الاتحادية أن الاتحاد الاشتراكي يؤكد على ضرورة التأويل المنفتح والحداثي للمقتضيات والقوانين المؤطرة لمجتمع المساواة والمناصفة وتكافؤ فرص، بوصفه الإطار المجتمعي المتسع للجميع والضامن لكرامة بناته وأبنائه.
ومن أهم المداخل لتعزيز موقع المرأة، أشارت سداس إلى الانخراط الجماعي في المبادرات الملكية الرامية إلى تفعيل مبدأ المناصفة، انسجاما مع المقتضيات الدستورية والتزام المغرب بهذا المبدأ على المستوى الدولي، ومراجعة مدونة الأسرة وملاءمة الإطار المرجعي القانوني الوطني مع مضمون الاتفاقيات والمواثيق الدولي، مع إلغاء كل القوانين التمييزية ضد النساء، بالإضافة إلى اعتماد السياسات العمومية والإنفاق العمومي القائم على مبدأ المساواة، والعناية بالحقوق الاجتماعية الأساسية: التربية، الصحة، التشغيل، والسكن اللائق. ومواصلة مراجعة القوانين الانتخابية لدعم المشاركة السياسية والنقابية للنساء، وتوسيع تمثيليتهن في مراكز القرار السياسي والاقتصادي. فضلا عن بلورة إطار للتنسيق المشترك بين الفاعل السياسي والمدني والنقابي، والمهني لتقوية التمثيلية النسائية، محليا جهويا ووطنيا. واعتماد آليات لتعزيز تمثيلية النساء في المؤسسات المجتمعية برمتها، بما فيها المهنية والنقابية والحقوقية وجمعيات المجتمع المدني، بهدف تفادي الغياب الفعلي لتمثيلية النساء في هياكل التسيير بمنظمات وهيئات منها من يشتغل على حقوق الإنسان وحقوق النساء.
وتناولت الكلمة ممثلات المنظمات النسائية الأجنبية، حيث قدمن مداخلات حول تداعيات كوفيد على النساء ببلدانهن، وأبرزن على أن النساء هم الفئة الأكثر تضررا من الجائحة بسبب أوضاعهن الاجتماعية والاقتصادية الهشة. كما أجمعن على أن النساء عانين من العنف النفسي والزوجي داخل البيوت خلال الحجر الصحي وترتب عن ذلك مآسي ومعاناة اجتماعية وصلت إلى الطلاق بين الأزواج، والتفكك الاسري. وسجلت المتدخلات أن النساء كن الضحيات الأولَيات في الجائحة بسبب فقدانهن مورد رزقهن خاصة أنهن كن معيلات لأسرهن، فضلا عن معاملات التمييز الجنسي والنوعي في تلقي المساعدات الاجتماعية أثناء الجائحة.

 

 


الكاتب : مكتب الرباط: عبدالحق الريحاني

  

بتاريخ : 12/10/2022