عليك نور : «ما جيناش للبرلمان باش نديرو السياسة»

 

من حكم الزمان الذي أدركنا، أو أدركناه، أننا لسنا في البرلمان لنمارس السياسة. والعهدة على الحكيمة التي تفقهت وتفوهت بحكمتها العبقرية في اجتماع مؤسساتي يهم مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة.
والحق أن نواب الأمة أتوا إلى اللجنة البرلمانية للتداول مع السيدة الوزيرة حول الجداول والأشكال الهندسية، المربعة منها والمستطيلة، ومناقشة الأرقام والأعداد، الجبرية منها والكسرية. فما دخل البرلمانيات والبرلمانيين في شؤون السياسة ودهاليزها التي لن تفيد إلا في توتر الأعصاب وصداع الرأس.
نعم السيدة الوزيرة الحكيمة، البرلمان فضاء للعلوم والتقنيات والمعارف المطلقة، ولا يجوز إقحامه في المجادلات والمحاججات السياسية التي ستؤدي بنا إلى التنقيب عن حبات الأسبرين، بدل التنقيب عن البترول والغاز.
لن نزعج راحة السيدة الوزيرة، سنجعل من نواب الأمة علماء مفوهين في العلوم الحقة وغير الحقة. وسنجعل من الانتخابات البرلمانية مدرجات لإلقاء المحاضرات، وندعو الناخبات والناخبين للتصويت على المرشحات والمرشحين الذين لا شأن لهم بالسياسة.
ولإراحتها بشكل أكبر، سنحذف لفظ السياسة من قواميس اللغة والفقه والقانون ومجال التشريع، وسنحذف نهائيا معنى السياسة من قاموس الوطن.
لله في خلقه شؤون.
نهمس في أذن الحكيمة، وفي عقلها إن كان يختزن قبسا من نور: إن السياسة أصل الوجود، والبرلمان أبهى صورة من صور الممارسة السياسية والديمقراطية.
ربما لم يسعفك الحظ في تذوق السياسة، وخانتك الظروف في معايشة المنعرجات التي مر منها وطننا العزيز. لكن، وأنت في موقع المسؤولية، اعلمي أن تدبير قطاع حكومي كيفما كان لن يكون إلا سياسيا، وأن اتخاذ القرار في مجالات الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة لن يكون صائبا، ولا مفيدا للوطن، إلا بجرعة كبيرة من السياسة، وبحقنة اسمها «السياسة» لا تباع في الصيدليات، وإنما تؤخذ في الأحزاب الديمقراطية.


بتاريخ : 14/11/2023