عمر السغروشني ودافيد الزناتي يفككان حقيقة اتهام استعمال برنامج «بيغاسوس»

 الغاية هي زعزعة استقرار جيو سياسي لدول بعينها من ضمنها المغرب

 

 

 

شكل اللقاء الدراسي والتواصلي الذي نظمه البرلمان المغربي بمجلسيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، زوال يوم الأربعاء الماضي 8 فبراير 2023، فرصة ليطلع الرأي العام الوطني والدولي، على جملة معلومات جديدة دامغة، من خبراء مغاربة وأجانب، تنسف كلية الأطروحة التي استندت إليها جهات برلمانية أوروبية ومنظمات حقوقية دولية (أمنستي)، لاتهام المغرب اتهامات خطيرة تدعي استعماله برنامج التجسس الإسرائيلي الإلكتروني “بيغاسوس”. وهي المداخلات التي خلفت صدى واسعا داخليا وخارجيا، لاحتكامها إلى منطق الصراحة والوضوح والإقناع بالدليل العلمي، الذي ينتهي إلى الجزم بأن استعمال تلك الورقة أصبح مندرجا ضمن مخطط سياسي يستهدف التشويش على الدول والسعي للتأثير على مصداقيتها لحسابات جيو سياسية محضة.
من بين تلك المداخلات التقنية المفحمة نذكر مداخلة عمر السغروشني (من موقعه كرئيس للجنة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي ولجنة الحق في الحصول على المعلومات بالمغرب)، ومداخلة دافيد الزناتي (الخبير منذ سنة 1985 لدى محكمة النقض والمحكمة الجنائية الدولية). حيث أكد السغروشني وجود رسالة موقعة من 200 خبير دولي متخصص في الأمن السيبراني يطعنون في ذلك التقرير الصادر عن منظمة “أمنستي” بخصوص ادعاءات برنامج “بيغاسوس”، موضحا أن الأسس التي بنيت عليها تلك الادعاءات لا يعرف إلى حدود الساعة مصدرها، منتقدا المنهجية التي تم بها التعامل مع هذا الملف، التي جنحت إلى ترجيح خلاصات متسرعة والزج بأسماء دول في محاولة لتوريطها اعتمادا على تقييمات تقنية معيبة، وأنه من العبث إصدار الحكم قبل التوفر على الدليل، لأن ما قامت به “أمنستي” اعتمادا على التقرير التقني الذي صدر بكندا من قبل مؤسسة “سيتيزن لاب”، هو محاولة منحه بعدا حقوقيا، ليليه توظيف آلية الإعلام للترويج لأطروحة الاتهام، والحال أنه لا بد من التمييز بين الخبر الصحيح والخبر الزائف في هذه الواقعة، وأنه ما بني على ما هو فاسد فنتيجته فاسدة، وأن الخبرة المغربية تشتغل بهدوء، وتوقفت عند ما اعتمدته المؤسسة الكندية من تطبيق اسمه “إم في تي توس”، الذي يقدم ما يكفي من الدلائل الدامغة على أنه معيب تقنيا، خاصة وأنه لا يقدم أبدا المصدر الذي اعتمد، بل حتى اللوائح المقدمة للهواتف 50 ألف هي مجرد أرقام بدون أسماء، وأنه تقنيا مستحيل التوصل إليها من مصدر هاتفي واحد وحيد، بل إن بعض الأرقام المنسوبة إلى مواطنين من رواندا ليست مسجلة بذلك البلد الإفريقي بل ببلجيكا، بالتالي، فإن مسألة الحجة التقنية غير موجودة، بتاتا، خاصة وأن ذلك التطبيق الكندي يحجب الحقيقة العلمية في بعض مراحل تقريره. ولقد تم تقديم طلب لإنشاء لجنة مستقلة للتحقيق من قبل العديد من الدول ومن ضمنها المغرب، ولم يستجب البرلمان الأوروبي لذلك، تماما مثلما لم يتسجب للطلب الإسباني بلجنة تحقيق مستقلة في اتهام الحكومة الإسبانية بالتجسس على المعارضين الكاتالنيين. والخلاصة هي أننا ندخل مرحلة زعزعة استقرار بعض الدول مثل المغرب وإسبانيا ودول أخرى، بغاية فرض شكل معين من التدبير داخل تلك الدول. والغريب أن تلك الجهات جاهزة عندها خلاصاتها مسبقا، وهي الآن تبحث عن دليل الاتهام وهذا منطق أعرج ومعيب، وعلينا الانتباه مغربيا أننا لسنا وحدنا المستهدفين، بل عدد من الدول، وأن الغاية هي زعزعة استقرار جيوسياسي.
في ما دعا الخبير المعلوماتي القضائي الفرنسي دافيد الزناتي، إلى توخي “الحذر الشديد” إزاء تقرير منظمة العفو الدولية، الذي تتهم فيه المغرب باستعمال برنامج التجسس “بيغاسوس”، موضحا أن العناصر التقنية التي قدمتها المنظمة لا تتيح، في أي حال من الأحوال، معرفة أو تحديد مكان مستعمل هذا البرنامج. مؤكدا من موقعه كخبير منذ سنة 1985 لدى محكمة النقض والمحكمة الجنائية الدولية، أنه “يجب توخي الحذر الشديد” إزاء اتهامات هذه المنظمة الدولية غير الحكومية، والتي تداولها عدد من وسائل الإعلام. مقدما خلاصات تقرير أعده في غشت 2021، بتعاون مع ثلاثة خبراء آخرين لدى محكمة الاستئناف ومحكمة النقض بباريس، أن “العناصر التقنية، التي يتعذر التحقق من صحتها، كما نشرتها منظمة العفو الدولية، لا تتيح في جميع الأحوال تحديد هوية أو مكان تواجد مستعمل برنامج (بيغاسوس) تقنيا، وذلك أيا كان المصدر، وليس المملكة المغربية فحسب”. وأنه بطلب من عدد من المحامين المغاربة، تولى هؤلاء الخبراء مهمة “تمييز العناصر الواردة في تقرير منظمة العفو الدولية وإلى أي مدى كانت دامغة من الناحية التقنية”. معتبرا بأنه لإجراء هذا “التحليل الجنائي” (وهي عملية تمكن من البحث في نظام المعلومات عقب هجوم سيبراني)، قام الخبراء الأربعة بتمحيص الوثائق التي استند إليها تقرير منظمة العفو الدولية، بما في ذلك دليل مستخدم “بيغاسوس” و”تقرير الشفافية والمسؤولية 2020-2021″ لـ “مجموعة إن إس أو”، وهي الشركة التي تسوق هذا البرنامج.
وبعدما تحدث بشكل مستفيض عن طريقة عمل هذه البرمجيات الخبيثة، أكد أنه في حالة الإقدام على التجسس باستخدام “بيغاسوس”، فإنه “من الصعب جدا العثور على المرسل” لأن البرنامج “يستخدم تقنية خاصة لإخفاء أصل الخادم، كما هو الحال في الإنترنيت المظلم”. وتابع بالقول “إذا كنا نريد معرفة ما إذا كان هذا البلد أو ذاك قد اخترق هذا الهاتف أو ذاك، فإن المكان الوحيد الذي يمكنك الحصول على هذه المعلومة هو مكان وجود خادم “إن إس أو”. مسجلا أنه بدل تقديم أدلة ملموسة لدعم ادعاءاتها، “اكتفت منظمة العفو الدولية بنشر قائمة بعناوين البريد الإلكتروني وأسماء النطاقات التي يصعب تحديد مصدرها، بالإضافة إلى قائمة من 600 اسم، لا يعرف أحد كيف تم ربطها بهذه القضية”.


الكاتب : أنس عثمان

  

بتاريخ : 11/02/2023