عن آخر عمالقة السينما الفرنسية.. آلان ديلون، الرجل المحب والصديق العظيم للمغرب!

 

مثل العديد من الشخصيات العالمية (والفرنسية تحديدا)، كان الراحل «آلان ديلون» ممثلا مغرما جدا بالمغرب الذي تعرف عليه لأول مرة من خلال الطائرة الخاصة قبل أن يقتني رياضا له في مراكش.
لقد كان «صديقا عظيما للمغرب».. هكذا وصف الممثل «آلان ديلون»، أحد آخر «العمالقة المقدسين» للسينما الفرنسية، الذي توفي صباح يوم الأحد 18 غشت عن عمر يناهز 88 عاما، ببعض عناوين الصحافة المغربية. في عام 2003، حصل «الساموراي» على تكريم من المملكة خلال مناسبتين: «الوسام العلوي» الذي يعتبر أرقى وسام في بروتوكول الأوسمة المغربي، من لدن الأمير «مولاي رشيد» (شقيق الملك محمد السادس)، و»النجمة الذهبية» ل»مهرجان مراكش الدولي للفيلم» (FIFM)، الذي قدمتها له الممثلة الإيطالية (الأسطورة) «كلوديا كاردينال”.. ومع ذلك، ظلت علاقاته مع القصر الملكي دائما سرية للغاية ويلفها الغموض، وكذلك روابطه بالمملكة المغربية.
الهائم في عشق المدينة الحمراء..
وعلى كل حال، قام الممثل الفرنسي الراحل بزيارات منتظمة إلى المملكة، أدت الى اقتنائه رياضا فخما في «مراكش”، حيث يعود تاريخ هذا الاستحواذ إلى أوائل ثمانينيات القرن العشرين. في السابق، كان «بيل ويليس»، المصمم الداخلي الأمريكي – الذي هبط بالصدفة في المدينة الحمراء في منتصف الستينيات – قد جعل مراكش «المكان المناسب» (a place to be) و «جيت -سيت» عالمي (Jet – set مصطلح يطلق مجموعة اجتماعية دولية من الأفراد الأثرياء الذين يترددون على المنتجعات العصرية).
لقد قام «بيل ويليس» بالفعل، بتعميم مفهوم»مراكش» (إن صح التعبير) في أهم مجلات الهندسة المعمارية والتصميم والديكور الداخلي العالمية.. عهد إليه الصناعي والملياردير الأمريكي «بول جيتي» بترميم قصر «الزاهية» البديع الواقع داخل أسوار المدينة. خلال السبعينيات، أطلق على هذه الجوهرة المعمارية الصغيرة اسم «قصر الملذات»، حيث استقبل «بول جيتي» نخبة العالم هناك: «بيير بيرجي»، «مايك جاغر»، «ماريان فيثفول»… خلال العقد التالي، باع جوهرته إلى «آلان ديلون” الذي – في ذلك الوقت، شكل مع الممثلة «ميراي دارك” زوجين أيقونتين في عالم السينما، إذ عاش العشاق هناك بسعادة حتى انفصالهما في عام 1983.
صداقته مع مليكة أوفقير..
ومع ذلك، فإن صلات «آلان ديلون» مع المملكة، تسبق استحواذه على العقارات فيها. في الواقع، كان الممثل يعرف «مليكة أوفقير» الابنة الكبرى للجنرال «محمد أوفقير»، الذي كان وزيرا للداخلية في عهد الملك الراحل «الحسن الثاني» من 1967 إلى 1971، لكون «مليكة»(المولودة عام 1953) قد «تبناها» الملك الراحل «محمد الخامس» وترعرعت في قصر الرباط كأميرة من العائلة الملكية.
التقت «مليكة أوفقير» الممثل «آلان ديلون» على فترات، ربما في أواخر ستينيات القرن العشرين أو أوائل سبعينيات القرن العشرين، حتى أنها قضت العطلات معه. في عام 1972، سجنت «مليكة أوفقير» – مثل عائلتها بأكملها، بعد محاولة الانقلاب التي قام بها والدها ضد «الحسن الثاني» – حيث عاشت هي وأقاربها جحيم الاعتقال، في ظروف محفوفة بالمخاطر للغاية لمدة 19 عاما (حتى عام 1991). قبل4سنوات من إطلاق سراحها، تمكنت مليكة أوفقير – المستعدة لفعل أي شيء من أجل إطلاق سراحه أ والبقاء على قيد الحياة – من الاتصال بشخصيات عدة من بينها: المحامي الفرنسي السيد «كيجمان»، الرئيس «فرانسوا ميتران»، «ملكة إنجلترا»، «البابا»، «رونالد ريغان»، «مارغريت تاتشر»، ومجموعة من المشاهير الذين التقت بهم سابقا، بما في ذلك «آلان ديلون”، حيث يقال إن هذا الأخير «تأثر جدا بوضعها ،ففكر في التحدث إلى الصحافة قبل أن يثنيه السيد «كيجمان»، الذي كان من الممكن أن يخل تدخله برأفة العاهل المغربي”.
داعم قوي لمغربية الصحراء!
في عام 199 ، باع آلان ديلون «قصر الزاهية» مقابل 2مليون يورو لزوجين إعلاميين آخرين،وهما «أرييل دومباسل» و»برنارد هنري ليفي”. قبل ذلك بعامين، كان «الفيلسوف» قد أنتج فيلمه الأول «يوم وليلة» (Le jour et la nuit)في المكسيك رفقة «ديلون» و»دومباسل» في فريق التمثيل، الذي وصفه النقاد «بالكوميدي الرهيب»بالرغم من عيوبه (Un nanar).

**ما بين «جان ماري لوبان»،«المتمرد» و»حرب الجزائر»…
لطالما أثار المغرب والنظام الملكي، موجة من «الجاذبية» و»السحر» لدى الشخصيات الفرنسية، وخاصة الموالين لليمين الفرنسي، بما في ذلك صديق «آلان ديلون»، «نيكولا ساركوزي» – عاشق مراكش والمعروف بقربه من الملك محمد السادس. ولكن من بين «أصدقاء» المملكة أيضا «جان ماري لوبان»، الذي دعاه الملك «الحسن الثاني» إلى الرباط في عام 1990، بينما كان في رحلة إلى «جزر الكناري» مع مجموعته البرلمانية.
حافظ رئيس «الجبهة الوطنية»، الذي لم يخف أبدا «إعجابه» بالعاهل المغربي الراحل، على صداقة ظاهرية وانتماءات سياسية مع «آلان ديلون» منذ عام 1980، إذ كان «جان ماري لوبان» ممن عذبوا خلال «حرب الجزائر» (ما بين عامي 1957 و 1962)، فقد ميز ديلون نفسه في فيلم «المتمرد» (L’Insoumise-1964)، والذي تدور قصته عن هارب من الفيلق الأجنبي يختطف ويحتجز، ولتتكفل «منظمة الدول الأمريكية» (OAS) بإرسال محامية فرنسية جاء إلى الجزائر للدفاع عن نشطاء الاستقلال، غير أن الفيلم ل»آلان كافالييه» الذي صدر بعد عامين من نهاية «حرب الجزائر»، قد تم حظره من شاشات السينما لفترة من الوقت.


الكاتب : ت: المقدمي المهدي بقلم «نينا كوزلوفسكي» لـ «جون أفريك»

  

بتاريخ : 23/08/2024