عندما كانت الجزائر تدعم وتدرب منظمة «إيتا» الانفصالية بإسبانيا

دأبت الجزائر على تسخير كل جهودها المخابراتية من أجل تلغيم العلاقات بين المغرب وإسبانيا، بل ذهبت أبعد من ذلك في هذا المسعى العدائي حين جعلت من «احتضان» منظمة «إيتا» الانفصالية ورقة ضغط قوية على نظام مدريد لإرغامه على الالتحاق بركب المعاكسين لمصالح المغرب، ولوحدته الترابية على وجه التحديد.
فقد نشرت صحيفة «الباييس» بتاريخ 29 شتنبر 2004، أن «منظمة إيتا» تلقت تدريبات على حرب العصابات في الجزائر وجنوب اليمن بين عامي 1976 و 1980 حينما كان نظاما البلدين «ماركسيين ثوريين وليسوا أصوليين أو إسلاميين»، وفقًا لكل من الحرس المدني والشرطة الوطنية في تقارير منفصلة تم ارسالها إلى الكونغرس الاسباني.
وتابعت اليومية الإسبانية أنه منذ ذلك الحين، لم يتم الكشف عن تلقي أعضاء «إيتا» للتداريب العسكرية في تلك البلدان ، لا في العراق ولا في أفغانستان ، أو على الأقل لم يصل التواجد المذكور إلى آذان أجهزة الشرطة الإسبانية.
وأكدت «الباييس» أن التقارير المرسلة إلى الكونجرس حول «العلاقات التي حافظت عليها «إيتا» طوال تاريخها مع حكومات ومنظمات الدول العربية» كانت بطلب من الحزب الشعبي PP ، الذي طالب بتحليل خاص للعلاقات بين «إيتا» والجماعة الإسلامية المسلحة الجزائرية وأنشطة إيتا في جنوب اليمن.
وأوضحت الشرطة، حسب ما أوردته الصحيفة الإسبانية، أن إيتا قامت بتنظيم معسكرات تدريبية مع ممثلين عن جبهة التحرير الوطني الجزائرية، وأخرى بلبنان وكذا مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في اليمن.
ونقلت «إلباييس» أن المعسكر التدريبي الأول في الجزائر تم تنظيمه منذ أوائل يناير 1976، وكانت مدته 45 يومًا. ولتحضير ترتيباته، تم إرسال برانديكا أتشلاندباسو بارانديكا إلى الجزائر العاصمة، حيث «قام بتعاون مع اثنين من رجال الشرطة الجزائريين ، وهما مدرسان بمدرسة الشرطة في ذلك البلد، باستقبال 19 من مقاتلي إيتا الذين سيذهبون لتلقي التعليمات والوصول إلى الجزائر بالطائرة من جنيف وفي مجموعتين مختلفتين «.
أما المعسكر التدريبي الثاني، فقد انطلق في نهاية عام 1976، وتم تنظيمه من خلال كارلوس إيبارجورين أغيري ونيرفيوس وخوان رامون أرامبورو جارمينديا وخوانرا، وكان الشخص الذي يحدد التفاصيل مع الشرطة الجزائرية هو خافيير لارتيغي كوادرا، أتكسولو.
وأوردت الصحيفة الإسبانية أنه «في 6 أو 7 يوليو ، وصل 29 من مقاتلي إيتا، بقيادة خوسيه لويس أنسولا لاراناغا، إلى الجزائر عن طريق الجو».
وبخصوص الدورة الأخيرة، والتي انطلقت في ديسمبر 1976 ، فقد نظمها ميغيل أنخيل أبالاتيجوي أييربي ، وأبالا. غير أنه «بعد رفض الحكومة الجزائرية في يناير 1977 السماح لمقاتلي إيتا بمواصلة التدريب في مجالاتهم ، اضطرت قيادات الفصيلين العسكري والسياسي-العسكري إلى إيجاد «دول جديدة» للتدريب.
وقالت «الباييس»، في مقال صادر بتاريخ 14 مارس1987، إن المخابرات العسكرية الجزائرية استعملت ورقة «إيتا» لتقويض العلاقات بين إسبانيا والمغرب، حيث احتضنت الجزائر في أراضيها رئيس المنظمة، تشومين إيتوربي أباسولو، كعنصر ضغط نفسي على حكومة مدريد. وحاولت، دون جدوى، إجهاض عقد أسلحة مهم مع الرباط بقيمة 200 مليون دولار، حوالي 26000 مليون بيسيتا.
وذهبت الصحيفة الإسبانية إلى أن المخطط الجزائري ابتدأ في بداية صيف 1986، حينما طردت فرنسا تشومين إلى الغابون، لكن بعد اجتماع عالي المستوى في ليبرفيل تم تحت إشراف أجهزة المخابرات في البلدين (لكحل عياط: رئيس جهاز مكافحة التجسس الجزائري، والعقيد أوسيالي: مسؤول الأمن الغابوني)، وهو الاجتماع الذي جمع الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد، ورئيس الدولة الغابونية عمر بونغو، وأسفر عن اتفاق يقضي باستقبال الجزائر لتشومين كلاجئ سياسي، حيث عاش تحت حماية الجيش، وسُمح له بالاتصال بأعضاء بارزين في منظمة إيتا. لكنه توفي في حادث «عرضي» بالجزائر في 26 فبراير 1987، أي تحديدا في اليوم الذي نزلت فيه الشحنة الأولى من الأسلحة الإسبانية في ميناء الدار البيضاء.
لم تكن حكومة مدريد غافلة عن الدور الذي كانت تلعبه الجزائر لدعم منظمة إيتا. فقد نقلت «الباييس»، في مقال صادر بتاريخ 11 أبريل1989، أن وزارة الداخلية الإسبانية تسعى إلى تعزيز تنسيقها الدولي من خلال التفاوض مع السلطات الجزائرية التي تأوي حوالي 50 عضوًا في منظمة إيتا داخل أراضيها. جاء ذلك بعد التصعيد الإرهابي للمنظمة التي أرسلت طردين مفخخين، أحدهما إلى عنصر عسكري متمركز في جاكا (ويسكا) والآخر إلى مقر وزارة النقل في مدريد، وكان يستهدف وزير الداخلية الأسبق ، خوسيه باريونويفو الذي كان يشغل منصب وزير النقل آنذاك.
وأشارت «إلباييس» إلى أن وزير الدولة للأمن، رفائيل فيرا، قام بعدة رحلات إلى الجزائر من أجل الحوار مع السلطات الجزائرية بهذا الخصوص. بل إن وزير الداخلية آنذاك ، خوسيه لويس كوركويرا ، صرح في ردهات مجلس الشيوخ أنه «تم الانتهاء من مرحلة الحوار كوسيلة لتجنب العنف، وبالتالي فإن الحكومة ستعمل بكل الآليات الموجودة تحت تصرفها، سواء كانت خاصة بها أو من خلال التعاون الدولي. «
وفي سؤال حول الاستعداد الجزائري المزعوم لطرد عناصر «إيتا» المتواجدة في الجزائر، أجاب كوركويرا: «ليس لدي ما أقوله»، حسب ما نقلته وكالة الانباء الإسبانية ايفي.


بتاريخ : 06/05/2021