عُـــبـــور

 

مِنْ خَلْفِ زُجَاجِ مَقْهًى،
أَرَى عُبُورَ الْحَيَاةِ، عَلَى شَكْلِ آلِيَّاتٍ،
تَنْفُثُ غَيْظَ الْعَصْرِ دُخَانًا.
وَأَنَا الثَّابِتُ فِي مَكَانٍ لَيْسَ لِي،
ولستُ لَهْ؛
إلا كَعابِر ،هَدَّهُ الإعْياءُ.
يَرْقى عَلَى جَنَاحِ ذِكْرَى؛
ويُعاوِدُه الهُبوطُ،
إِلَى فُرْجَةِ الْعُبُورِ.
بَيْنَ الصُّعُودِ وَالثَّبَاتِ،
تَشَيخُ حَيَاةٌ،
وَتُزْهِر أُخْرَى؛
بِأَسْبَابِ زَوَالٍ، يَتَعَقَّبُهَا.
هُوَ ذَا حَالُ الْمَدِينَةِ،
فِي الدبِيبِ ،
وَالْعُبُورِ،
وَالْحَرَكَاتْ.
حَتَّى مَغْرِبِ يَوْمٍ ،أنْهَكُه الْأَزِيزُ.
وَلَا يَخْفُتُ فِيهِ الْأَنِينُ.

مِن خَلْف زُجاج مقْهى،
أتهَجَّى هيروغليفية العُبور السَّريع؛
أتَعقَّبُ إِشاراتِ الشارع المارِقَة،
في مَوْجٍ من الأدخنة؛
يُقال عنها،حداثةُ عَصْر مُريع.
تَفْلتُ مِن قَبْضة المعْنى؛
وتَنْمَحي في الغِياب السَّحيقْ؛
فُقاعاتِ أهْواءٍ، وانْدِحارَ بَريق.
خُطى لهْثى،
عجلات عجلى
زعيق أبواق ..
وثمة قتلى
في كل مفترق
لا كِتاب يَلمُّ شَتيتَ حُروفِها.
ولا رَفّ تاريخ..
يَضُمُّ رَميمَها في مُقْبِل الأيَّام.
كلُّ هذا، بلا أثَر،
يَذوبُ في الزِّحام.


الكاتب : محمد شاكر

  

بتاريخ : 29/12/2023