وطال بي الزمنُ
لم يكن ظلي منكسرا
ولم يكن جداريَ ذا
عمقٍ ثلاثيِّ الأبعادْ
لكني ما عدتُ أحيا في الزمانْ
وطال بي العمرُ،
تبدّلت المعالمُ من حوالي
هي الخريطةُ ذاتها
لكنّ دربي صارَ يخشى
الأحلامَ الجامحةْ
هي المدينةُ نفسها
لكنّ أبوابَ الليالي
غيّرت أسماءها
وتبدّلت أعيادُها
وتعدّدت أرصفتُها
في كلّ ليلةٍ تصخب الحانات
وفي كل الخيباتِ ظلّ المنفى
وفي الدعواتِ جرحى
وفي الهبّاتِ حلمٌ يُدفنُ الآنْ
وقررتُ – رغمَ هذا – أن أعيشْ
أسمي قوسَ قزحٍ
باسم أساطيرِ الطفولةْ
ليكن عيدا
لذئبٍ تزوّج في أساطيرنا الجميلة
لأتّهمَ الخمولَ بدلَ القيودْ
لأتّهمَ الفضولَ بالجنوحْ
هكذا…
ربما…
تغفو ظلال القصيدة
هذا الزمانُ يفرُّ من خطوي
كأنّ العابرينَ
يشهدونَ التلاشي
الأرصفةُ ضاقتْ بخطوي
كلُّ التفاتةٍ لعنةٌ تهذي
أتسكّعُ أحيانًا
كما كنتُ أفعلُ
قبل أن تسرقني الرغبةُ
كلُّ شارعٍ تخلّصَ من الصورْ
ووهبَ كلَّ الوهجِ
لتجّارِ الإسمنت
أختفي من فضولِ العللِ
بكيمياءِ التأجيلْ
فكلُّ دواءٍ
هو تأخيرُ الوجعْ
حتى الكلماتُ المتقاطعةُ
قتلَ لذّتَها نُدُلُ المقاهي
لم يتركوا غيرَ أنباءِ الأمسِ
وصحفًا، آخرَ قتلى المدينةْ
وطال بي العمرُ
يقولُ الأصدقاءُ: ما بلغْنا العُتيا
وما زلنا نُجيدُ الحلمَ والشعرَ
لكنّي أقولُ: لا، يا صحبي
ما عدنا نُجيدُ التسكّعَ في المجازْ
فشرطُ المجازِ أن نرى الحقيقةْ
ونحنُ جيلٌ
لم تَعُدْ مثوانا الحقيقةْ
فقدنا السيطرةَ على الكلماتْ
هؤلاءِ الكثرةُ،
هؤلاءِ المالكونَ للفرجةِ
هؤلاءِ المؤرّخونَ للشبهةِ
هذه الكاميراتُ الغادرةْ
تُجيدُ وصفَ الأردافِ وحدَها
وحدها… لها كل الزمان
وهذه الأقلامُ
تعقدُ أحلافًا مع الغفلةْ
هي وحدَها من يملكُ
فلسفةَ الصراخْ
وما علينا – نحنُ – إلا أن نُقِرَّ
بأنّه ليس زمنَنا…
لأنّ الصورةَ لم تَعُدْ لنا
قد تعددتْ… وخبا حبرُنا
لننسحبْ من اللعبةِ اللعينةْ
بأقلِّ الخسائرْ
فالمدينةُ رحلتْ من المدينةِ
وأرصفةُ الماضي
ما عادتْ فسيحة
و ألوية الاختلاف
ما عادت منيعة
منذ أجمع الناس في ليلة
على أن الفضيحة غنيمة