شعار « لم الشمل» رافقته مواقف وأفعال جزائرية تزيد من التفرقة والأزمات على الساحة العربية
ذكرت وكالة الأنباء السعودية، نقلا عن بيان للديوان الملكي، أن ولي العهد محمد بن سلمان لن يحضر القمة العربية المزمع عقدها في الجزائر يومي 1 و 2 نونبر القادم.
وأوضحت الوكالة أن العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، كان قد قام بإنابة ولي عهده لرئاسة وفد المملكة للقمة العربية، إلا أن الفريق الطبي في العيادات الملكية أوصى بتجنبه السفر بالطائرة لمسافات طويلة دون توقف، وذلك لتجنب رضح الأذن الضغطي والتأثير على الأذن الوسطى، وهو ما سيحول دون سفره إلى الجزائر، وبالتالي فقد تم تكليف وزير الخارجية لرئاسة وفد المملكة في هذه القمة.
وجاء بيان الديوان الملكي السعودي بعد يوم من إعلان الرئاسة الجزائرية عن تلقي الرئيس عبد المجيد تبون مكالمة هاتفية من ولي العهد السعودي.
وقال بيان الرئاسة الجزائرية إن» ولي عهد المملكة العربية السعودية الشقيقة، رئيس مجلس الوزراء، أعرب له فيها عن تأسفه لعدم حضوره اجتماع القمة العربية التي ستنعقد في فاتح نونبر بالجزائر، امتثالا لنصائح وتوصيات الأطباء بتجنب السفر».
وحسب العديد من المراقبين، فإن بيان الرئاسة الجزائرية، مثل سقطة دبلوماسية كبيرة، حيث أبلغ عن الحالة الصحية لولي العهد السعودي قبل أن تبلغ عن ذلك المؤسسات السعودية الرسمية، وأرجعوا ذلك إلى حالة الارتباك التي تسود داخل الدوائر الحاكمة في الجزائر، التي تراهن على التسويق لهذا الموعد لكي» يعيد للجزائر دورها المؤثر على المستوى العربي» كما سبق أن نشرت ذلك وكالة الأنباء الجزائرية، التي قالت إن « الجزائر عملت خلال السنوات الثلاث الأخيرة على تكثيف جهودها من أجل تعزيز تعاونها مع البلدان العربية، وكذا مساعيها الحثيثة للمساهمة في تسوية الأزمات التي تعرفها المنطقة لاسيما في ليبيا واليمن وسوريا، علاوة على دورها المعهود والثابت من أجل نصرة القضية الفلسطينية العادلة».
غير أن المتتبع للشأن الجزائري سيدرك بسرعة أن ما ذكرته وكالة الأنباء الجزائرية لا يمت إلى الواقع بصلة، بل إن السياسة الخارجية لهذا البلد تسير في الاتجاه المعاكس لهذه الادعاءات، ولعل أكبر دليل على ذلك، مواصلة الجزائر سياستها العدائية تجاه المغرب، ورفضها اليد الممدودة، ولكل الوساطات العربية وعلى رأسها السعودية، ويكفي الإطلاع على تصريحات المسؤولين الجزائريين ووكالة الإعلام الرسمية، ووسائل الإعلام التي تدور في فلك السلطة، للتأكد أن الجزائر تواصل تصعيد حملتها العدائية ضد المغرب ووحدته الترابية ومصالحه، وأن ما تدعيه من رغبتها لجعل القمة العربية فرصة لـ» لم الشمل» ليس سوى شعار للاستهلاك.
كما أن الادعاء بوجود مساع حثيثة لـ» المساهمة في تسوية الأزمات التي تعرفها المنطقة لاسيما في ليبيا واليمن وسوريا…» يتناقض مع حقيقة المواقف الجزائرية وأفعالها، فالجزائر تساند إيران التي تدعم الحوثيين في اليمن مع ما جلبه ذلك ويجلبه من مآس لهذا البلد العربي، بالإضافة إلى دور إيران في الدفاع عن النظام السوري وتدخلها العسكري هناك، بل إن الجزائر كانت قد سعت لحضور سوريا القمة العربية وعودتها إلى الجامعة العربية، ولم تتراجع إلا بعد أن أدركت أن هناك رفضا عربيا واسعا لهذه الخطوة، وينضاف إلى ذلك دخول الجزائر كطرف في الأزمة الليبية، مما يطيل أمدها.
ولعل هذه المعطيات هي التي قوضت كل المساعي الحميدة التي راهنت على جعل القمة العربية فعلا قمة لرص الصفوف ولم الشمل، والتصدي بالفعل وليس فقط بالقول للأزمات العديدة التي تعرفها الساحة العربية، فلا يمكن لدولة تحتضن القمة وفي نفس الوقت تسهم سياستها في المزيد من التفرقة، أن تحل هذه الأزمات، لأن من هو جزء من المشكلة لا يمكن له أن يكون جزءا من الحل.
وفي هذا الإطار فإن المعطيات التي بدأت تظهر على السطح حول حجم الحضور لهذه القمة تؤكد كل ما سبق ذكره، فالبحرين، كما ذكرت بعض الأنباء ستمثل بنائب رئيس الوزراء، وسلطنة عمان ستمثل بدورها بنائب رئيس الوزراء، والإمارات بنائب الرئيس، كما تأكد غياب الرئيس اللبناني، بالإضافة إلى احتمال غياب أمير الكويت الذي سينوب عنه ولي العهد. ولم تستبعد مصادر مطلعة كذلك أن تعلن في الأيام القادمة دول أخرى عن تخفيض مستوى تمثيليتها في هذه القمة.