فاس : في ندوة اليوم الوطني للإعلام وحرية الصحافة، جرائد الاتحاد الاشتراكي ساهمت في التوعية والنقد البناء والرواية تعكس نبض مجتمعها

 

احتفاء باليوم الوطني للإعلام وحرية الصحافة نظمت الشبكة الوطنية للقراءة والثقافة خلال الأسبوع الفارط ندوة حول موضوع الإعلام والثقافة بفضاء المركز الثقافي الإكليل، بمشاركة المبدعين محمد بوهلال ومحمد الزهري وعزيز باكوش وإدريس الواغيش.
افتتحت الندوة بكلمة الدكتورة فتيحة عبد الله رئيسة الشبكة، التي اعتبرت هذا اللقاء مناسبة للاحتفاء بقيم الإعلام وحرية الصحافة، ودعت إلى مواصلة الجهود لإحياء عادة القراءة التي خبت مع الزمن، مؤكدة أن الكتاب والمبدعين والشبكة الوطنية للقراءة والثقافة يقومون بعمل متواصل للحفاظ عليها.
من جهتها رحبت مديرة المركز الثقافي الإكليل بالحضور، وأكدت أن هذا الفضاء التابع لمؤسسة محمد السادس مفتوح أمام الجمعيات الثقافية لتنشيط مختلف المبادرات الإبداعية.
أدارت الندوة باقتدار الإعلامية عزيزة الغاوي الصحافية بإذاعة فاس الجهوية، وخصصت لمناقشة علاقة الإبداع بالإعلام من خلال تجارب المشاركين.
واعتبر الزميل محمد بوهلال في مداخلته أن الإعلام وسيلة فعالة لترسيخ الديمقراطية، بحكم الأدوار التي يقوم بها الصحافيون في متابعة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية والرياضية وقضايا المجتمع عامة. ودعا إلى الترحم على شهداء القلم الذين اغتالتهم إسرائيل خلال حرب الإبادة في غزة والذين بلغ عددهم 238 شهيدا.
وتوقف بوهلال عند تجربته في جريدتي المحرر والاتحاد الاشتراكي منذ الثمانينات، مبرزا أن الصحافة التقدمية لعبت أدوارا مهمة في نقد الحكومات وفضح كل أشكال الاستغلال، مما منح هذه الجرائد موقعا متميزا في المشهد الإعلامي. غير أن انتشار الإعلام الإلكتروني أدى إلى تمدد التفاهة واستلاب القراء، وجعل الصحافة المكتوبة تعيش وضعا صعبا أشبه بغرفة الإنعاش.
وانتقل الزميل بوهلال للحديث عن تجربته في الإعلام الجهوي المكتوب من خلال جريدة صدى فاس التي أسسها سنة 1994 واستمرت إلى غاية 2022 قبل أن تتوقف مؤقتا بسبب ضعف الموارد المالية وغياب الدعم. وقد ساهم في تحريرها إعلاميون وكتاب بارزون في فاس من بينهم الراحلان المهدي حاضي والدكتور محمد الكغاط والدكتور محمد السرغيني شافاه الله، والإعلامي عبد السلام الزروالي والقاص محمد السعيدي، ثم التحق بها إعلاميون متميزون مثل عزيز باكوش وإدريس الواغيش وحميد تهنية. واعتبرت التجربة نموذجا مهما في الإعلام الجهوي المكتوب.
وانتقل بوهلال للحديث عن تجربته الإبداعية مؤكدا أن الرواية مرآة تعكس واقع المجتمعات، وأن الروائي ينقل ما يعيشه ويراه بصدق بخلاف المؤرخ الذي قد يخفي كثيرا من الوقائع. وأشار إلى أن بداياته مع الكتابة انطلقت في فترة الثانوي وتبلورت عندما التحق بالتدريس في البادية، حيث اصطدم بواقع اجتماعي صعب لم يكن يعرفه من قبل بحكم نشأته في فاس العتيقة.
وسرد للحضور مواقف وتجارب عاشها، من بينها قصص إنسانية مؤلمة عاشها في كوخ طيني يدرس فيه ويقيم داخله، وصورة التلميذ الذي حملته أمه على ظهرها نحو المدرسة وهو عار من شدة الفقر والبرد. كما تحدث عن وقائع الاستغلال الذي تتعرض له فتيات دفعتهن الظروف إلى ممارسة الدعارة بحامة مولاي يعقوب، وكيف شكلت تلك التجارب تحولا جذريا في وعيه جعله يميل إلى الفكر الاشتراكي المغربي.
وتطرق بوهلال إلى بعض الطرائف التي عاشها شباب فاس قديما، والحكايات الغرامية فوق السطوح، ثم الأحداث السياسية والإضرابات التي عرفتها المدينة، خاصة أحداث 1990 وما رافقها من اعتقالات واسعة. وقد نقل جانبا من هذه التجارب في رواياته الثلاث: في الضفة الأخرى الصادرة سنة 2020، وأوراق من شجرة الحياة الصادرة سنة 2023، وأحلام منكسرة الصادرة في أكتوبر 2025 والتي تعكس طموح الشباب للهجرة إلى أوروبا ومعاناتهم هناك إن وصلوا.


الكاتب : محمد بوهلال

  

بتاريخ : 22/11/2025