عيسى بن عمر العبدي.. قائد عبدة -24- فترة القيادة الكبرى (1886-1908) انتفاضة كادت أن نتال من مكانة القائد

نعود لنعرض أهم احداث الفترة ما بين (1879-1914) التي وقعت بمنطقة عبدة، والتي عرفت حكم القائد (عيسى بن عمر العبدي)، اعتمادا على كتاب «عيسى بن عمر.. قائد عبدة» لمؤلفه الأستاذ المصطفى فنيتير. وجاء في مقدمة هذا الكتاب التي أعدها الأستاذ ابراهيم بوطالب «أن عيسى بن عمر البحتري العبدي»، رجل سلطة، نشأ بين أحضان السلطة وعاش من ممارستها ومات وهو في حرمتها..

 

بعد وفاة السلطان المولى الحسن سنة ( 1311هجرية — 1894ميلادية )، دبر الحاجب أحمد بن موسى بيعة ابنه الأصغر مولاي عبد العزيز وتمكن الحاجب ، بما كان له من نفود داخل القصر وعلى الجيش ، من اسقاط الوزراء الجامعيين ، والزج بهم وبأشياعهم السجون . ثم صار يظهر نفوده لدى السلطان بحجبه له وتقدمه للأمور المهمة ، حتى تيقن بذلك العمال وكبراء الجيش ، فمالوا اليه ، وتأكد للجميع ما كان للحاجب من أهلية للقيام بالأمر دون غيره ، من كون السلطان لا يمكنه تنفيد شئ من ذلك ، ولا له معرفة وتبصر لصغر سنه ، حيث لم يكن يتجاوز اثنتي عشر سنة . واذ ذلك نصب نفسه وصيا على السلطان .
أما قبائل الحوز ، وبالأخص منهم قبيلة الرحامنة ، فقد امتنعوا عن الدخول فيما دخلت فيه الجماعة ، متعلين بصغر سن مولاي عبد العزيز ، واستبداد الوزير بالأمر لتعليه عليه ، واتفف رأيهم على مبايعة مولاي محمد بن مولاي الحسن ، وشقوا عصا الطاعة ، وامتدت أيدي القبائل لنهب ديار العمال بالبادية وتخريبها ، خصوصا وأن المخزن بفاس كان منشغلا باعادة ترتيب جهازه . وأن جل قواد الحوز كانوا غائبين عن قبائلهم ، بصحبة السلطان في فاس ، هذا ما جعل الحوز كله خاض في الفساد والافساد ، ولم يسلم أحد منهم في زمرة الفساد . ولما تأكد السلطان من خطورة الحالة ، أرسل العمال والقواد ، بقصد اطفاء نار الفتنة بالقبائل ، فكان مجيئهم هو عين الفتنة . اذ انتقلت حالة التمرد الى قبائل دكالة وأزمور ، فما ان وصل قواد الحوز الى أزمور ، حتى اعترضتهم القبائل. ولم يكن الجواز لمخالفة السبل جدا، فبعضهم قطع لمراكش رغم الخطر الكبير ،وبعضهم بقي بأزمور ، وكان من بين العائدين قواد عبدة ، الذين صدتهم قبائل دكالة بأزمور ومنعتهم من المرور ، باستثناء القائد الحاج محمد بن الثمار العبدي (قائد قبيلة العامر ) ، فانهم تركوه يمر في الأمان ، لما كان عليه من حسن السيرة والعفة ، فلم يقع له ولداره أي شئ. أما القائد عيسى بن عمر ، فبقي محاصرا مع بقية القواد الأخرين ، فعرج الطريق الى أن وصل الى ايالته .

( الظروف الخاصة بعبدة ).
كان طببعيا أن تتأثر عبدة بالظروف العامة التي عرفها الحوز ، من جراء انتفاضة الرحامنة ، وأن تعرف بدورها أحداثا مماثلة ، خصوصا وأن قوادها كانوا غائببن عن قبائلهم ، وفعلا فقد قامت قبيلة الربيعة ضد قائدها الشافعي بن الحافضي ، الذي كان غائبا الى فاس ، فهدموا داره ، واعتدوا على أهله …
وكان القائد عيسى بن عمر ، يتوقع ان يقع بداره وأهله ، كما وقع لأمثاله ،.لكن بعد عودته ، وجد قصبته في أمان وعلى أحسن حال . فأظهر للقبيلة كل العطف والرضى ، فجزي كبرائهم عن حسن استقامتهم ، وسرح المساجين ، وألان الكلمة ، وخفض الجناح .
لكن سرعان ما ظهرت أحداث داخل أيالة القائد عيسى بن عمر بعد قيام أولاد زيد ، وهم فخدة من قبيلة البحاثرة بتمرد ضد القائد ، بتاريخ : 12 محرم 1313هجرية ~~يونيو 1895ميلادية .


الكاتب : إعداد : محمد تامر

  

بتاريخ : 01/05/2023