فراس عبد المجيد وداعا نخلة الروح التي انبثت في العراق واخضرت في المغرب

غادرنا الى دار البقاء مساء أول أمس الاربعاء بالرباط، الكاتب والصحفي والمسرحي والشاعر العراقي المقيم في المغرب فراس عبد المجيد، الذي اشتغل لفترة طويلة بالصحافة الثقافية بالمغرب، وانضم الى هيئة تحرير الميثاق الوطني منذ سنة 1989 الى إغلاقها، كما اشتغل مدرسا للفنون الحديثة بالمدرسة العراقية بالرباط.
عرف المثقفون والشعراء المغاربة الراحل فراس عبد المجيد، فنانا تشكيليا، وصحفياً مشرفا على واحد من أهم المنابر الثقافية آنذاك، وناقداً صارماً، وعرّابا حقيقيا لجيل أصبح علامة في المشهد الشعري والقصصي والثقافي الآن. ونذكر بعضا من هذه الأسماء:
الشاعر جمال الموساوي، د. جمال بوطيب، الشاعرة وداد بنموسى، الشاعرة أم سناء (نجاة رجاح)، الشاعرة والصحفية فتيحة النوحو، الشاعرة فاطمة الزهراء بنيس، الشاعر محمد احمد بنيس، الشاعر محمد أنوار محمد، الشاعر عمر بنلحسن، الشاعرة نجاة الزباير، الروائية والشاعرة أسمهان الزعيم، الشاعرة نادية يقين، الشاعر عبد الرحيم الخصار، الشاعر مصطفى ملح، الناقد محمد بوعزة، القاص محمد عطاف، الشاعر عبد الجواد العوفير، الشاعر نفيس المسناوي، الشاعر منير الإدريسي، والكثير غيرهم….
وقد نعاه الشاعر منير الإدريسي على صفحته بالفايسبوك قائلا:»فراس عبد المجيد الشاعر، الملاك الذي ضم تحت أجنحته جيلنا الشعري وهو في بداياته. لم أكن أعلم أنها المكالمة الأخيرة قبل أيام. لتظل ذكراك أبداً باقية. الشعر المغربي حزين اليوم على فقدك. لروحك السلام والرحمة.
أما الشاعر جمال الموساوي فصرح بشأنه ذات يوم قائلا:
«فراس عبد المجيد، بالنسبة لي ليس شخصا عاديا، فهو حين يتحدث يبتسم أيضا، وابتسامته تلك ابتسامة طفل ينظر بعين البراءة إلى الحياة. وعندما أنظر في أعماق قلبي أبحث عن الأحبة يكون فراس واحدا ممن يصعدون إليّْ. وإذا كنت مدينا لصدفة ما كما أزعم، فانا مدين لها لأنها حملتني ذات يوم ووضعتني على مكتبه في جريدة الميثاق الوطني سوادا على بياض يبحث عن نفسه في زحمة الكلمات.»
للراحل ديوان شعري واحد موسوم ب «نخلة الروح» والذي اعتبره النقاد قد جاء متأخرا أكثر من أربعين عاما. فالشاعر كان ينشر قصائده في مجلات عراقية كالأقلام ومجلة فنون منذ السبعينات في العراق وفي مجلات وجرائد لدول عربية كثيرة قبل أن يغادر مع المغادرين من الكتاب والفنانين العراقيين بعد تضاؤل الحريات الفردية في العراق وانفراط شمل جبهة الأحزاب التقدمية في العراق وقتذاك، ولم يتوقف فراس عبد المجيد عن النشر والعمل في الصحافة الثقافية في الدول العربية التي مر عليها خلال فترة غربته الطويلة عن وطنه العراق.
وبهذه المناسبة الحزينة، يتقدم القسم الثقافي لجريدة الاتحاد الاشتراكي بأحر التعازي في هذا الفقد الأليم لزوجته صبيحة شبر وابنته رفيف ونجله نهار.
من أجمل قصائده نقرأ:

الآخـر

حين وقفتُ أمامَ المرآة
وقفَ « الآخرُ « أيضا ً
ذات الوقفة قدّامي
وتنهّدْ
« هذا أنا»
قلت ُ. وعدّلتُ بفخر هندامي
« هذا أنا »
قالَ الآخر مختالا ً
مثل الديك ِ أمامي
لكن ْ بِتردد ْ
« شي ْ مألوف أن تنعكس الصورة ُ »
باطمئنان ٍ همهمت ُ،
وتذكرت ُ قصائد للدرويش ِ
وسعدي
والعزاوي
وشريطا أخرجه
يوسف شاهين
تتحدث في ذات المقصد ْ
إلا أن «الآخر »
كان يهمهم في غضب ٍ
ولمحت بعينيه
وميض تحدّ ٍ
متجدد .
حين أملت ُ قليلا ٌ
رأسي
نحو يمين الصورة ِ
مالَ « الآخر ُ »،
هذي المرّة ،
نحو يسار الصورة
حين تقربت ُ إليه ِ
تراجع َ نحو الأبعد
حين فككتُ رباط
العنق ِ
تفاجأت ُ بأن ّ « الآخر »
يربطه ُ
قلت ُ لأضحك
في وجهه ِ
لا أدري ماذا قال ..
ولكني
حين ضحكت ُ
وبانت أضراسي
المنخورة ُ
من فمي َ الأدرد ْ
كان « الآخرُ »
يعبس في وجهي.
« عجبا ً « قلت ُ
« أليست ْ ما يفصل بيني والآخر مرآة ٌ ؟ »
درت ُ بظهري
كي أنهي هذي اللعبة
أحسست ُ بوخز العينين
يغور بظهري
فتسمّرت ُ
هممت ُ برمي المرآة بحجر ٍ
لكني ، في لمح البصر ِ ،
رأيت « الآخر َ »
يسبقني في رمي الحجر ِ
تكسّرت ُ شظايا
وتناثر َ جسدي
وانهدّت ْ جدران المعبد ْ
وتراءى لي « الآخر »
في المرآة
يطلق قهقهة ً
رسمت ْ بجنون ٍ
خاتمة ً للمشهد ْ