يمكن القول إن إحساس الخوف من الهجرة سيطر على فرنسا هذه السنة، التي أصدرت قانونا متشددا اعتبره اليمين المتطرف انتصارا أيديولوجيا، وعلى نفس المسار سارت البلدان الاوربية التي صوتت في نفس الأسبوع على ميثاق للهجرة تميز هو الاخر بالتشدد تجاه الهجرة.
قانون الهجرة الجديد تضمن الميز في الدعم الاجتماعي ضد الاجانب، رفض حق الأرض، سحب الجنسية، تجريم الهجرة غير النظامية، وهو قانون اعتبره عدد من نواب البرلمان الفرنسي خيانة من الرئيس الفرنسي الذي صوتت عليه المعارضة واغلب الفرنسيين من اجل ان يكون حاجزا ضد زعيمة اليمين المتطرف وضد قيم اليمين الفاشي لكنه، حسب هؤلاء الفرنسيين، تبنى قانونا يتوافق مع قيم هذا اليمين.
كانت الهجرة إحدى القضايا التي شغلت الفرنسيين هذه السنة، وما ميز هذا الانشغال هو النظرة السلبية من هذه الظاهرة والخوف بصفة عامة، مما يطرح عدة أسئلة، خاصة ان فرنسا تستقبل عددا أقل من اللاجئين والمهاجرين بأوروبا، حسب الاحصائيات الاوربية لأرورستات.
قانون الهجرة الجديد والذي اقره البرلمان الفرنسي في هذا الشهر بتصويت اليمين المتطرف عليه، بعد أن قضى 18 شهرا من التجول بين الغرفتين، اعتبر هو الأكثر تشددا في تاريخ فرنسا، وستكون مهمته هي تعقيد حياة المهاجرين بفرنسا والحيلولة دون اندماجهم خاصة الجدد او الذين لا يتوفرون على اقامة قانونية، وعددهم ربما يناهز مليون شخص، حسب التقديرات الغير الرسمية و700 الف حسب وزارة الداخلية، هؤلاء المهاجرون سوف يفقدون المساعدة الطبية لدولة التي يستفيد جزء قليل منها، وهذه الهجرة بدون إقامة تمس عددا كبيرا من المهاجرين من جنسية مغربية، وهو احد المواضيع التي كانت وراء توثر العلاقات بين الرباط وباريس بشكل غير مباشر، هذه الأخيرة التي كانت تعتبر ان السلطات الرسمية بالرباط لا تقبل عددا مهما من الذين يتم ترحيلهم قصريا من التراب الفرنسي. وعلى اثر ذلك تبنت السلطات الفرنسية إجراءات سنة 2022 في أجواء الانتخابات الرئاسية وتم بموجب ذلك تقليس التأشيرات بنسبة 50 في المائة وهو موضوع اضر بالعلاقات واعتبرته النخبة الفرنكوفونية المغربية التي تتردد على باريس إجراءات انتقاميتا وهو ما ترك اثرا سلبية على العلاقات الثنائية.
قانون الهجرة هذا من المنتظر ان يخلق مشكلا لطلبة الأجانب وان يضر بفرنسا كأحد اهم وجهات الطلاب الأجانب بالعالم وهو ما انتبه له رؤساء الجامعات الفرنسية الذين عبروا عن رفضهم لهذا القانون ومطالبتهم بحذفه من خلال بيان لصحافة.
طبعا مجال الهجرة وصدور قانون اعتبره البعض تمييزيا وعنصريا هو مؤشر على انتصار أيديولوجية اليمين المتطرف حتى قبل وصوله الى الحكم بفرنسا، وهو الامر الذي لم تخفيه زعيمة هذا التيار، وهو ما يفتح الطريق لوصوله الى سدة الحكم بفرنسا في الانتخابات المقبلة وهي ظاهرة أصبحت عامة في أوروبا التي أصبحت قارة يغلب عليها سياسيا الانكماش والانطواء على الذات واقفال الحدود وهو ما يفسره البعض بأفول أوربا وتراجع دورا في عالم اليوم على جميع المستويات، بالإضافة الى تطبيعها مع الفكر الفاشي.
قانون الهجرة الفرنسي، شهد مساندة اوربية بصدور ميثاق الهجرة الأوربي والذي يعتبر هو الآخر متشددا حسب المنظمات الحقوقية الاوربية، ويعقد الوصول الى التراب الأوربي.