فريق عمل سامية أحمد يسرد تاريخ المرأة المغربية عبر مشروع فني جديد

هلت مؤخرا الفنانة المغربية سامية أحمد بمجموعة من الأغاني طرحتها على الأنترنيت وعلى صفحاتها بالشبكات الإجتماعية الخاصة بها من بينها اليوتيوب.
هاته الأعمال الفنية التي هي عبارة عن ثلاث أغاني تحمل إسم «للا مولاتي»، استنتج منها رواد الانترنيت ومعجبين الفنانة بأنها مشروع جديد متكامل تعمل عليه سامية، أولا موسيقيا، وثانيا تصويريا، إذ يعكس الفنانة بملابس تراثية من المغرب.
ولمعرفة المزيد حول الموضوع اتصلت جريدة « الاتحاد الإشتراكي» بالفنانة سامية أحمد لإلقاء الضوء على مشروعها الجديد.
وصرحت الفنانة المغربية بأنها مناضلة حقوقية، ولو أنها لا تمارس ذلك بشكل مباشر، لكن من خلال فنها و داخل مجتمعها كمواطنة، وبالتالي تحاول عكس أفكارها على أرض الواقع ومن بينها مناهضة الفكر الذكوري المتعنت، وبجميع تفاصيله، خاصة الذي يكون ضد نجاح المرأة أو الذي يعتبر أن هذا الأخير لصيق فقط بنجاح الرجل.
ووضحت سامية بان الفكرة الأساسية للمشروع هي، للأمانة، للفنان والصديق يوسف خزان، وعندما قدمها لها تجاوبت معها وأحببتها وقالت له بأن الفكرة تمثلها بقوة، فأجابها بأنه اقترحها عليها لعلمه بذلك، ولأن هذا المشروع، كما تصوره، يحتاج لفنانة متشبعة بهاته الأفكار ومؤمنة بها وتعتبر جزءا من شخصيتها، علاوة على كونها يجب أن تكون متمكنة من التغني بجميع الألوان الموسيقية، لأن المشروع، أكيد أنه يكرم المرأة المغربية وتاريخها، لكنه أيضا يكرم التراث الموسيقي المغربي.
و أضافت سامية بنبرة حماسية، أنه عندما تناولت هاته الشخصيات، فكرت في اختيار كل امرأة متميزة في اختصاصها، و أن يكون الرابط المشترك بينهن هو القوة و الإصرار و الأصالة والفكر المحارب. واستردفت مؤكدة بأنها هي ذاتها تشترك مع هاته الشخصيات، المختارة، في صفاتهن، ولو بشكل متفاوت، بل إنها تستمد منهن قوتها. وبالتالي فهذا المشروع الذي أعطي له كإسم «للا مولاتي» ليكون له الطابع المغربي، يمثل « مغربيتنا وهويتنا المتنوعة المتجذرة فينا والتي نفتخر بها»، ولذا قرروا، كفريق عمل، البدء بثلاث أغاني وثلاث شخصيات متميزة التي تختلف كل واحدة عن الأخرى (إلا بالطبع في المشترك بينهن والذي سبق وأشارت إليه)، وكانت الأولى شخصية دينية تمتاز بالفكر الروحاني، لكن أيضا ترسل رسائل التحرر والإنعتاق و المعرفة والإصرار والشخصية القوية، ألا وهي عائشة أم المؤمنين. وتم تناولها بطريقة محايدة، على حد قول الفنانة، ليس بها الكثير من الحكي الديني لكي لا يتم السقوط في الصراع الديني الذي يناقش ثنايا الشريعة والفقه. وقد تم تمثيلها على شكل قصة تحكي عن قدوم فتيات صديقات لبناتها، تسرد لهن قصة هاته الشخصية المتميزة.
الشخصية الثانية هي زينب النفزاوية، زوجة القائد يوسف بن تاشفين، المرأة المناضلة التي تجمع ما بين القوة والشجاعة و أيضا الليونة واللطف..، فقد كانت امرأة جد جميلة وكانت متنوعة المعارف، لها دراية بالعلم والثقافة والسياسة و الدبلوماسية.. و بفضلها استطاع يوسف بن تاشفين أن يبقى على عرش مراكش، بل إن يجعل منها عاصمة الدولة المرابطية، إذ أقنعته أن لا يرجعها لابن عمه أبو بكر اللمتوني، موضحة له بأنه هو من كرس كل طاقاته لصنع مراكش كما كانت عليه حينها، فلم تصبح كما منحها له اللمتوني بالأول، وبأنه هو من سيحولها بعد عشر سنوات إلى ما يجب أن تكون عليه من تطور. كانت النتيجة، أنه تم إطلاق لقب «ملكة مراكش» على هاته الشخصية. وبفضل قوة تأثيرها، جمعت عليها الأعداء أيضا، حيث بالمقابل هناك من كان ينعتها بالساحرة، لأنه كان هناك من لم يفهم اهتمامها ومعرفتها بعلم النباتات الطبية التي كانت تستخرج منها الأدوية، وبالتالي فلأن نسبة الوعي لديهم كانت محدودة جدا أو ربما لكرههم لتلك المرأة التي تتميز بذلك العلم وذلك الوعي، ما جعلهم ينعتوها بالكاهنة .
الشخصية والأغنية الثالثة، تم تخصيصها لثريا الشاوي، وهي امرأة مثال للقوة والصلابة وللفتاة المجدة التي تقبل التحديات والتي رغم صغر سنها، سارت وراء تحقيق حلمها في أن تصبح ربانة تسوق الطائرة، و لم تكن فقط ذلك، بل أيضا لها اهتمامات أخرى، فقد كانت فتاة قارئة ومارست التمثيل وكاتبة، إذ كتبت كتابا تحت عنوان «كيف تكون ربانا في بضعة أيام» و مؤلف أخر «كيف تكونين ربانة» أي توجهت به مباشرة للنساء وعرف عليها كونها امرأة تمتاز بالإصرار.
واسترسلت الفنانة سامية أحمد قائلة بأن الفريق بدأ بهاته الشخصيات الثلاث، على أساس أن يستمر مستقبلا في مشروع «للا مولاتي» من خلال إلقاء عروض وربما أيضا عمل ألبوم.
و اختتمت سامية حديثها بالقول أنها تود الإشارة بكونها وفريق عملها قرروا أخذ صورة جماعية لنشرها للعموم، وذلك قصد، الخروج من تلك النمطية التي تفرض على العمل ألا يظهر به إلا المطرب أو المغني، و قصد تبيان بأن هناك أيضا فريق عمل يعتبر اللبنة الأولى للمشروع الفني، وبالنسبة لهذا المشروع هما الأصدقاء التاليين: الفنان يونس الخزان و كاتب الكلمات والشاعر كمال الخزان اللذان تمثل معهما ثلاثي متميز.
وللتذكير وكما سبق ونشرت جريدة «الإتحاد الإشتراكي» أثناء حوار أجرته مع الفنانة سامية أحمد، في ابريل الماضي، فسامية فنانة مغربية تنحدر من مدينة أسفي الساحلية العتيقة التي عرفت بتلاقح الحضارات، نشأت في أسرة تحب الأدب والفن والثقافة والفلسفة إلى حد الولع، استأنست منذ نعومة أظافرها بسماع أصوات أيقونات، منهم: أم كلثوم، صباح فخري، محمد عبد الوهاب وديع الصافي فيروز .. وتشبعت بمدرسة تجمع ما بين المسرح والأدب والموسيقى .. وترعرعت وسط الفن المغربي الجميل المتعدد المشارب مثل الأندلسي والغرناطي، و الموسيقى العذبة للحسين السلاوي و كبار القامات مثل عبد الوهاب الدكالي وعبد الهادي بالخياط و نعيمة سميح و بهيجة إدريس وغيرهم من الفنانين.
معروفة خاصة ببدايتها المتميزة التي أثارت عليها أنظار معجبيها، ألا وهي مرافقتها لأستاذها الفنان والعازف على العود المتميز، الراحل سعيد الشرايبي، ومعروفة كذلك بأغانيها الطربية و بخزانها السمعي الذي راكمته ، على حد قولها، والذي جعل منها تصر على أن تكون لها خصوصية في مسارها الفني، كما يعرف على سامية كونها أيضا، مستعدة لابتكار صيغات أخرى من الأغاني ودائمة البحث عما يحبه الجمهور الذي يحترم الفن وله أذن فنية صائبة.


الكاتب : سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 30/06/2022