فضيحة «الحاويات التحت أرضية» تنفجر في وجه مجلس البيضاء استثمارات بملايين الدراهم كان مصيرها الطمر؟؟

 

المبلغ الإجمالي الذي تصرفه جماعة الدارالبيضاءعلى قطاع النظافة يصل سنويا إلى 100 مليار سنتيم، أي ما يناهز ثلث ميزانية الجماعة التي تتحرك في كل سنة بما قيمته 340 مليار سنتيم، كان ذلك وفق دفتر تحملات أنجز في الولاية السابقة، حدد نوع الخدمات التي تطلبها الجماعة من الشركات التي سترسو عليها الصفقة وأيضا نوع الاستثمارات التي سيتم إنجازها في مدة ست سنوات، أي الفترة الزمنية التي حددها دفتر التحملات.
من بين أهم الاستثمارات التي تم تدوينها في هذا الدفتر، أن توفر هذه الشركات بالإضافة إلى الحاويات العادية الكبيرة المعمول بها، حاويات أخرى تحت أرضية، كما هو معمول به في مدن عالمية كبرى، هذه النقطة كانت متار جدل بين المتفاوضين، أي بين الشركات التي ستدبر النظافة وممثلي الجماعة الحضرية، وشركة التنمية المحلية «الدارالبيضاء للبيئة»، المشرف الفعلي الآن على هذا القطاع الحيوي، فالشركات كانت ترى بأن لا فائدة ترجى من هذه الحاويات فيما الطرف الثاني كان متشبثا بها إلى درجة كبيرة. كلفة وضع هذه الحاويات كبيرة جدا، وبحسب ما هو مدون في العقدة، فإنه تقرر وضع 200 وحدة من هذه الحاويات، تتوزع على المقاطعات 16، كلفة كل وحدة تصل إلى حوالي 60 ألف درهم، وهي حاويات يجب أن تتوفر لها شاحنات خاصة ليست شبيهة بالشاحنات التي تستعمل في تفريغ الحاويات العادية، الاستثمار في هذه الشاحنات تطلب توفير 10 منها قيمة كل واحدة 3 ملايين درهم، أما خدمة التدبير والصيانة بالنسبة لهذه الوحدات فقد خصص لها ما يزيد عن 6 ملايين درهم في كل سنة، وهي أموال كبيرة وكبيرة جدا كما توضح ذلك الأرقام، المصيبة العظمى هي أنه بعد أن تم وضع هذه الحاويات في بعض شوارع وساحات تراب بعض المقاطعات لم تعط النتائج المتوخاة منها، فلأنها تحت أرضية وتعمل وفق منظومة هيدروليكية هناك من المواطنين إما أنه لم يعرف التعامل معها أو يفضل استعمال الحاويات العادية، بل إن هناك من يرمي الأزبال فوقها، والأدهى من هذا والأنكى أن دفتر التحملات يخصص لشركات النظافة مليار سنتيم في كل سنة للقيام بعملية التحسيس تتحكم فيها شركة الدارالبيضاء للبيئة، إلا أنه لم تتم أي عملية تحسيس بشأن هذه الحاويات التحت أرضية، إذا ما استثنينا بعض الإطلالات البئيسة والخجولة.
خلال اللقاءات التي تعقد الآن من أجل مراجعة العقدة ما بين جماعة الدارالبيضاء وشركات النظافة، وكما صرح بذلك نائب رئيسة مجلس المدينة المفوض له قطاع النظافة، فإن جميع الأطراف اتفقوا على أن استعمال هذه الوحدات لم يلق إقبالا ولا يستعملها إلا قلة قليلة من المواطنين، وأنها أصبحت مشكلة لأن هناك من يضع الأزبال فوقها، وأكد ذات المتحدث بأنه تقرر وقف استعمالها، مشيرا إلى أن الشركات تصر على استعمال الحاويات الحديدية العادية لأن النتائج أظهرت بأنها لا تتعرض للإتلاف كما هو الشأن بالنسبة للحاويات البلاستيكية، التي يتم إتلافها أو سرقتها.
المهم أننا اليوم نقف على هدر مالي بملايين الدراهم، وهو ما يظهر بأن الدراسات لم تجر بالشكل المطلوب، ولم تضع بدائل تحد من الخسائر المالية، ويظهر أيضا بأن مستوى التحسيس ضعيف جدا مقارنة مع ما تخصص له من أموال.
هذه الملاحظة تبقى قوية جدا إذا ما علمنا بأن هذه الحاويات التحت أرضية نجح استعمالها بشكل لافت بمدينة برشيد المجاورة للعاصمة الاقتصادية!


الكاتب : العربي رياض

  

بتاريخ : 19/04/2023