فنانون وجها لوجه مع الملك -4- الموسيقار عبد الواحد التطواني: الملك يأمر بالتوقف عن العزف، وينادي الراحل صلاح الشرقي: ساوي التك أصلاح …

هناك أحداث كثيرة ومواقف متعددة ،وذكريات تراكمت على مر السنين، منها ما تآكل مع مرور الزمن، ومنها ما استوطن في المنطقة الضبابية من الذاكرة، لكن تبقى هناك ذكريات ومواقف وصور ،عصية على الاندثار والمحو ،لأنها بكا بساطة ،كان لها في حينه ،وقع في النفس البشرية، ليمتد هذا الوقع إلى القادم من الأيام من حياة الإنسان.
في هذه الرحلة، ننبش في ذاكرة كوكبة من الفنانين ،حيث منحتهم إبداعاتهم ، تذكرة الدخول إلى قلوب الناس بدون استئذان، وهي إبداعات فنية ، استحقت كل التقدير والاحترام والتنويه داخل المغرب وخارجه، كما استحق أصحابها الاحتفاء بهم ، ويجدوا أنفسهم وجها لوجه مع ملك البلاد.
هنا نستحضر، ونسترجع بعضا من ذكريات هؤلاء الفنانين المبدعين مع ملوك المغرب ، بعدما صنعوا أسماءهم بالجد والاجتهاد والعطاءات الثرية كما وكيفا، واستطاعوا فرضها في ساحة تعج بالنجوم .

 

هناك ذكريات كثيرة مازالت عالقة بذهن الموسيقار عبدالواحد التطواني، لاتفارقه لحد الآن، لأنها ذكريات مرتبطة بأجمل لحظات مساره الحياتي والفني .
يسترجع الموسيقار عبدالواحد التطواني، في لقاء مع جريدة الاتحاد الاشتراكي، إحدى هذه الذكريات، من خلال حفل خاص بالقصر الملكي، مكان الحفل،يقول التطواني، القصر الملكي العامر بالصخيرات، التوقيت أواسط الستينات،و المدعوون، جميع الأجواق الإذاعية الرسمية التابعة للإذاعة والتلفزة المغربية، الجوق الوطني برئاسة عبد القادر الراشدي، الجوق الجهوي لإذاعة الدار البيضاء برئاسة المعطي البيضاوي “ قبل ترأس إبراهيم العلمي “، الجوق الجهوي لإذاعة فاس برئاسة أحمد الشجعي، الجوق الجهوي لمدينة مكناس برئاسة محمد بن عبد السلام شافاه الله وعافاه، الجوق الملكي برئاسة الكومندار عبد القادر رتبي “ قبل ترأس الراحل عبد السلام خشان «
حينما قدم جلالته رحمه الله، يضيف الموسيقار عبدالواحد التطواني، أمر جميع الفرق المتواجدة بعزف “ معزوفة رقصة الأطلس “، هنا يجب الإشارة أن كل فرقة موسيقية تحتوي على قانون، ناي، عود إلخ، وهكذا نجد مثلا خمس آلات قانون،و لكم أن تتصوروا المشهد، تقريبا مائة عازف من جميع الأجواق المغربية،
الراحل صلاح الشرقي مع الجوق الوطني ،
الراحل محمد التدلاوي الجوق الجهوي لمدينة فاس ،
الراحل محيي الدين الشقروني الجوق الجهوي لمدينة مكناس ،الراحل الحاج بوبكر الطالبي الجوق الجهوي لمدينة الدار البيضاء ،الراحل عبد الوهاب الوشيري الجوق الملكي.
بدأ عزف المعزوفة الموسيقية “ رقصة الأطلس “ وكما يعرف الجميع في هذه المعزوفة، يوجد مقطع موسيقي في الطرف الثاني كتوزيع، يعزف فيه بطريقة ظاهرة آلة النقر اللحن الأصلي “ آلة االنقر يشرح الأستاذ عبدالواحد التطواني، هي القانون، التشيلو، الكونتروباص وآلات الإيقاع مصاحبة مع الكمان الذي يعزف جملة أخرى.
هنا تقع المفاجاة يقول التطواني، حيث يأمر جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله، الجميع بالتوقف عن العزف، وينادي الراحل صلاح الشرقي ويقول له رحمه الله : ساوي التك أصلاح …
وحينما قام الراحل صلاح الشرقي بالنقر على آله القانون، سمعنا جميعا ،أن إحدى الوترات ليست مدوزنة، هنا صاح الجميع “الله يبارك فعمر سيدي»،
لأن من له هذه القدرة على تمييز آلة موسيقية غير مدوزنة بين هذا الكم الهائل من الآلات الموسيقية، ويقصد صاحبها مباشرة وبالإسم، هو ملك فنان.
القلة القليلة جدا يضيف الموسيقار عبدالواحد التطواني، شاهد جلالته في صورة مع آلة الكورديون، ولكنهم لا يعرفون أنه عازف بارع على هذه الآلة، وبالخصوص في الموسيقى الأندلسية المغربية ،وحينما يريد جلالته العزف، يأمر بجلب آلته ليقوم بالعزف مع الفرقة الموسيقية ويقوم بأداء بعص الصنائع كصوليست.
فعلا كان جلالته ملكا وفنانا ،عشت معه أجمل اللحظات التي لازالت موشومة في ذاكرتي، ولن تنمحي، وهذا القليل من الكثير.


الكاتب : اعداد: جلال كندالي

  

بتاريخ : 27/03/2023