الكاتب الأول للحزب يدعو لمراجعة نمط الاقتراع الانتخابي اللائحي لتأثيره السلبي على التمثيلية الانتخابية بالبلاد
قضية المرأة المغربية والمساواة قضية مركزية وفي صلب المعركة الديمقراطية للاتحاد الاشتراكي
التأمت مؤسسة كتاب الجهات والأقاليم لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في اجتماع، يوم السبت 31 مارس 2018 بالمقر المركزي بالرباط، برئاسة إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب، وبحضور الحبيب المالكي، رئيس المجلس الوطني، وكذلك أعضاء من المكتب السياسي، خلال هذا للقاء رسم إدريس لشكر خارطة طريق تنظيمية من أجل جعل سنة 2018 سنة لإعادة البناء للأداة الحزبية على مستوى الأقاليم والأجهزة المحلية، ثم استعرض أيضا القرارات التي اتخذها المكتب السياسي والآليات التنظيمية لتنزيل هذه القرارات على أرض الواقع.
ويعتبر هذا اللقاء الأول من نوعه لهذه المؤسسة الوسيطية بعد المؤتمر الوطني العاشر والمجلس الوطني الأخير، هذه المؤسسة التي لعبت أدوارا أساسية في ترجمة مقررات المؤتمر الوطني التاسع وقرارات المجلس الوطني واللجنة الإدارية سابقا ويعول عليها لخلق الدينامية التنظيمية في الأجهزة الحزبية في اتجاه تفعيل وأجرأة القرارات الحزبية الوطنية، يقول الكاتب الأول للحزب.
في مستهل هذا الاجتماع، الذي اتخذ نقطة أساسية وحيدة في جدول إعماله متمثلة في ترجمة مقررات المؤتمر الوطني العاشر وقرارات المجلس الوطني، ذكر الكاتب الأول للحزب أن العنوان الكبير للمرحلة السياسية قد تم التعبير عنه من خلال البيان السياسي الختامي للمجلس الوطني الأخير، حيث تضمن توصيفا سياسيا للمرحلة السياسية التي كانت متميزة بالضبابية، وكان الاتحاد الاشتراكي الحزب الوحيد الذي تحدث عن هذه الضبابية السياسية التي كانت تعيشها البلاد، قبل أن يؤكد المؤتمر الوطني العاشر أن الاتحاد الاشتراكي، هو الحزب المتماسك والواضح في قراراته وخطه السياسي، وفي المقابل عرفت العديد من الهيئات السياسية اهتزازات وكانت لها صورة سلبية عن النخب السياسية في المجتمع. وأشار لشكر في ذات السياق إلى أن الاتحاد الاشتراكي كحزب من الأغلبية الحكومية معتز وفخور بأدائه، سواء من خلال وزرائه في حكومة سعد الدين العثماني أو من خلال فريقيه البرلمانيين بالغرفتين، ثم من خلال رئاسة مجلس النواب، مبرزا في هذا الصدد على أن الحزب كان أكثر انضباطا للقرارات الحكومية ويلتزم بكل ما تم الاتفاق عليه داخل التحالف الحكومي.
وعلى المستوى السياسي أيضا، نبه الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي لما يعرفه المشهد السياسي من غموض والتباس وخلط، مبرزا أن مرده سوء التمثيلية الانتخابية بالبلاد، إذ من الملاحظ أن أول الفارين من تأطير وقيادة الحراك الاجتماعي هم من لهم أغلبية في الانتخابات وهذا معناه أن هذه التمثيلية الانتخابية مشوهة ويسودها خلل في العملية الانتخابية برمتها، وساق لشكر مثالا صارخا على ذلك، قائلا إن الاتحاد الاشتراكي قد تحمل مسؤولياته النضالية والتأطيرية في العديد من الاحتجاجات، خاصة في المناطق التي له أغلبية انتخابية فيها، كحراك زاكورة الذي كان يدافع عن الحق في الماء الذي يساوي الحق في الحياة، حيث كان المنتخبون والمسؤولون داخل الحراك الاجتماعي في حوار دائم ومستمر وبتنسيق مع المركز والسلطات المركزية، لذلك، يقول لشكر، خلال المؤتمر الوطني العاشر والمجلس الوطني شددنا على مراجعة شاملة للعملية التمثيلية الانتخابية.
وفي هذا السياق دعا لشكر إلى مراجعة نمط الاقتراع الانتخابي المعتمد حاليا بالمغرب، حيث قال «ألم يحن الوقت لمراجعة النظام الانتخابي اللائحي بالرغم من أننا أول حزب دعا له حين كان عبد الرحمان اليوسفي في قيادة الحزب؟ «، مضيفا أن التجربة في الميدان أثبتت أن هذا النمط أفرز عدة سلبيات تؤثر على التمثيلية الحقيقية لإرادة الشعب وعلى الديمقراطية التي نسعى إليها.
وعاتب الكاتب الأول الأحزاب الأخرى التي تقر بعدم ملاءمة هذا النمط الانتخابي لكنها لا تبادر إلى تأكيد ذلك رسميا لدى الجهات المعنية كما فعل حزب الاتحاد الاشتراكي قبل الانتخابات التشريعية السابقة.
ولم يفوت الكاتب الأول الفرصة دون الحديث عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي كان يتسم بنوع من التردي خلال السنوات الخمس الفارطة مبرزا أنه اليوم يمكن أن تضاهي الحصيلة الاقتصادية لسنة فقط خمس سنوات خلال الولاية الحكومية السابقة.
وبخصوص قضية المرأة والمساواة، سجل الكاتب الأول للحزب «أن قضية المرأة مركزية في المعركة الديمقراطية، وأن الممارسات التقليدانية التي تجر شعبا إلى غياهب الجمود والانغلاق، والمتنافية مع ثقافة حقوق الإنسان، لا يمكن لنا كحزب يساري ديمقراطي حداثي إلا التصدي لها انطلاقا من القيم والمبادئ التي تشبعنا بها لعدة عقود، ولذلك كنا دائما مبادرين ولا نخشى لومة لائم في هذه القضية».
وأبدى الكاتب الأول للحزب استغرابه من مفارقة تنتهج من طرف البعض قائلا إنه حينما تتم ممارسة العنف ضد المرأة، سواء في الحافلة أوالشارع، يكون هناك احتجاج وتصد، لكن حين يمارس هذا العنف بشكل أكبر وخطير في نازلة شغلت الرأي العام، يتم الاختباء وراء ذريعة قرينة البراءة، متأسفا لكون قادة ويساريين يتحدثون بهذا المنطق في هذا الموضوع، بل يجري الحديث من قبلهم عن نظرية المؤامرة وعن تسييس القضية، مؤكدا أن هناك تناولا سيئا لهذه القضية ودعا الاتحاديات والاتحاديين للدفاع عن حقوق المرأة وحريتها والمساواة في هذه الحقوق التي لا تقبل التجزيء أو التمييز.
وأشار لشكر إلى أن الاتحاد الاشتراكي كان مبادرا وسيبقى كذلك بخصوص كل ما يتعلق بالدفاع عن حقوق الشعب المغربي، سواء على المستوى السياسي والاقتصادي أوالاجتماعي، وفي كل ما يتعلق بالتنمية الشاملة للبلاد، لأن هذا ما يميزه عبر التاريخ عن باقي الأحزاب الأخرى كحزب سياسي ديمقراطي، وذكر لشكر بمثال صارخ في هذا الباب «حين بادرنا وطالبنا بمجرد فتح باب الحوار الجدي لمراجعة الإرث كي نصل إلى اجتهادات، تمت مواجهتنا بإيديولوجية مغلفة بالدين كما هو الحال الآن بالنسبة للفعاليات السياسية والحقوقية والجمعوية والثقافية التي حذت حذونا في هذا الاتجاه».
وبخصوص المشروع التنموي الجديد أكد لشكر أن «الاتحاد الاشتراكي قد نادى بذلك منذ التسعينيات وأن هذا النموذج الاقتصادي قد استنفد مهامه وأهدافه وطالبنا بمراجعته، وأدبيات ووثائق الحزب تشهد على ذلك وبإمكانكم الرجوع إليها، لذلك قررنا في قيادة الحزب أن ننظم ندوة يومي 19 و 20 أبريل الجاري حول «المشروع التنموي الجديد» ، يشارك في هذه الندوة الدولية قيادات فكرية من أوروبا وأمريكا اللاتينية وقيادات حزبية»، مبرزا أن مشاركة فعاليات دولية ليس من أجل تلقي الدروس باعتبار أن للمغرب تجربته وخصوصياته ولكن هذا الإشراك الدولي يأتي انطلاقا من تبادل الخبرات والتجارب ومساءلتها، مشددا على أن تجربة المغرب السياسية والاجتماعية عبر عقود هي من أعطته المناعة اللازمة لتجنب ما وقع في منطقة البحر الأبيض المتوسط والتعاطي مع ذلك بشكل موفق.
وعلى المستوى التنظيمي أوضح إدريس لشكر أن حزب الاتحاد الاشتراكي هو الحزب الوحيد الذي تمكن من التحيين والملاءمة للقوانين طبقا للتشريعات الحالية وتم وضعها رسميا لدى لجهات المختصة، كما أن القيادة الحزبية عملت على تنفيذ كل القرارات التنظيمية التي تخص الهيئات المنصوص عليها في أنظمة الحزب، حيث تم التسريع بتشكيلها، كهيئة الأخلاقيات والتحكيم وهيئة الإدارة والمراقبة المالية، كما أشار إلى أن القيادة الحزبية عملت على هيكلة هذه الهيئات وهيكلة المكتب السياسي نفسه ثم أقرت فرق عمل موضوعاتية ومجالية حسب الجهات، وستجتمع فرق العمل المكونة من المكتب السياسي برئاسة منسقيها مع الجهات وستكون إحدى أولى مهامها الأساسية والقاعدية هي فحص عمليات التبطيق وتحيينها بالجهات والأقاليم لتكون الصورة واضحة في ما يتعلق بالعضوية بالحزب وما يترتب عن هذا المعطى من حقوق وواجبات، وبالتالي هذا يقود لزاما إلى تحسين بنيات الاستقبال وتفعيلها بفتح مقرات الحزب والقيام بأنشطة متعلقة بذلك كتنظيم حفلات عمليات التبطيق والأبواب المفتوحة لذلك.
وحذر لشكر كتاب الجهات والأقاليم من أن «الانتخابات المقبلة ستتطلب من الحزب تقديم 30 ألف مرشح وهذا رقم ليس بالسهل ويتطلب اشتغالا حزبيا تنظيميا من الآن، لذلك قررنا أن تستغرق عمليات التبطيق ثلاثة أشهر على أبعد تقدير من أجل ضبط الخريطة التنظيمية للحزب لنجعل من سنة 2018 سنة لإعادة بناء التنظيم الحزبي وذلك بعقد المؤتمرات الإقليمية ومعالجة الأوضاع التنظيمية في الشبيبة الاتحادية والمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات».
من جهة أخرى ندد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالمجزرة النكراء التي اقترفها الجيش الإسرائيلي في حق أبناء الشعب الفلسطيني يوم الجمعة الماضي بمناسبة احتجاجهم السلمي ضد سياسة الاستيطان الإسرائيلي وتهويد القدس الشريف من قبل سلطات الاحتلال.
وجاء هذا التنديد على لسان إدريس لشكر، في ذات الاجتماع، إذ اعتبر أن ما ارتكبته سلطات الاحتلال مجزرة نكراء في حق أبناء الشعب الفلسطيني حيث راح ضحيتها 17 شهيدا وأكثر من 1400 جريح بنيران الجيش الإسرائيلي في حق أبناء شعب يحتج سلميا بمناسبة يوم الأرض على سياسة الاستيطان والاحتلال الإسرائيلي.
وجدد لشكر دعم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية للقضية الفلسطينية التي يعتبرها المغاربة قضية مركزية خاصة في هذا الظرف الدقيق، مؤكدا في نفس الوقت أن الاتحاديات والاتحاديين وكل المغاربة مستمرون في مساندة الشعب الفلسطيني إلى أن يحصل على حقه في دولته فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
هذا وعرف هذا اللقاء نقاشا جديا وصريحا في إطار الوضوح والمكاشفة التي يتميز بها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيث تدخل كتاب الجهات والأقاليم لإغناء وإثراء مقترحات القيادة الحزبية من أجل تفعيل الأداة الحزبية والتواجد السياسي في الساحة الوطنية والمشهد الحزبي بشكل مميز ومتفرد.
كما عقدت مجموعة فرق العمل اجتماعاتها الأولية وجدولتها في أفق بداية الاشتغال من أجل تحيين البطائق بالإقاليم وضبط الخريطة التنظيمية.