أكد عبد الحميد الفاتيحي الكاتب العام للفدرالية الديمقراطية للشغل، أن عملية إصلاح منظومة التربية والتكوين تتطلب إشراك الطاقات الفاعلة في الميدان من نساء ورجال التعليم للمساهمة في حل إشكالية التعليم، حيث أشار في هذا الصدد إلى أنه في كل المراحل تم تجريب مجموعة من الوصفات لإخراج منظومة التربية والتكوين من وضعها الصعب لكن في غياب الاهتمام بأوضاع العاملين بقطاع التعليم، موضحا في نفس الوقت بأنه منذ ثمانينيات القرن الماضي والسلطة، لحسابات سياسية ضيقة، لا تترك المجال لأي مشروع أن يأخذ طريقه الصحيح، وأن يخلق التراكمات الضرورية في المجال التربوي لإنتاج رجال ونساء قادرين على بناء المجتمع وبناء الدولة، علما بأن القطاع يزخر بالطاقات والكفاءات القادرة على رفع التحدي، ولكن للأسف لم تعط لها الفرصة لتبرز أنها قادرة، من منظور وطني، على أن تعطي لمنظومتنا التربوية أفقها الذي يجب أن تسير فيه، مؤكدا على أن الوعي حاضر عند كافة مكونات المغاربة والمؤسسات السياسية بمختلف درجاتها، والأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والمجتمع المدني، وأن وضعنا في تراتبية الإحصائيات والتقييمات الدولية مخجل، ومسؤولية هذا الوضع لا تقع على كاهل نساء ورجال التعليم.
أكد المسؤول الأول بالفدرالية الديمقراطية للشغل في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الجهوي الأول للنقابة الوطنية للتعليم (ف د ش) بجهة الدارالبيضاء – سطات، الذي انعقد يومي السبت والأحد 13 و 14 ماي 2017 بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين- غاندي بالدار البيضاء، تحت شعار: «من أجل جهوية مواطنة دفاعا عن جودة ومجانية التعليم وصونا لحقوق وكرامة الشغيلة التعليمية»، أضاف بأن المقاربة التي اتخذتها النقابة الوطنية للتعليم في مخططها الاستراتيجي، سواء على المستوى التنظيمي أو على مستوى مقاربة الملفات التعليمية، قادرة على أن تعطي الإضافة النوعية الضرورية في هذه المرحلة كفاعل نقابي، في هذا التوجه الإصلاحي للمنظومة لتكون قادرة على أن ترفع من مكانة بلدنا، مؤكدا على أن أي بلد مستقبله في تعليمه، و على المكونات النقابية اليوم أن تجتمع على كلمة سواء في أن تكون طرفا حقيقيا في الدفع بالتوجه لإصلاح حقيقي، مشددا على أن نساء ورجال التعليم النقابيات والنقابيين سيكون لهم دور تاريخي في هذه المرحلة، ليكونوا في مقدمة المدافعين عن منظومة تربوية عالمة، قادرة على أن تعطي لأبناء وبنات هذا الشعب المكانة التي يستحقون. وأكد على أن خيار المؤتمرات الجهوية كمقدمة للمؤتمر الوطني، هو وعي بضرورة تقاسم القرار النقابي على مستوى الجهات، وأن الجهوية مدخل لمعالجة القضايا الشائكة لمنظومتنا التربوية.
ومن جهته اعتبر الصادق الرغيوي نائب الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العضو في الفدرالية الديمقراطية للشغل، في كلمة له بالمناسبة، أن استمرار الوضع الحالي للمنظومة يؤدي ثمنه نساء ورجال التعليم من صحتهم ومن تدهور أوضاعهم. وسجل في هذا الصدد أن الأستاذ الذي يعتبر الحلقة المركزية في إصلاح منظومة التربية والتكوين، مازال ينتظر تحسين أوضاعه المهنية، وإعادة النظر في المناهج والبرنامج وكل ما يتعلق بحقوقه المهنية، علما بأن عملية الإصلاح دخلت سنتها الثالثة في إطار تنزيل الرؤية الاستراتيجية لإصلاح أوضاع التعليم. واعتبر أن شعار المؤتمر الجهوي الأول للنقابة يختزل جزءا من هموم واهتمامات النقابة الوطنية للتعليم (ف د ش) في المرحلة الحالية، لأن المدرسة العمومية الآن تتعرض لهجوم شرس من طرف الرأسمال المتوحش الذي يريد أن يجعل من التعليم سلعة كباقي السلع، وبالتالي القضاء على المدرسة العمومية وعلى جودتها ومجانيتها التي ناضلت من أجلها الحركة الوطنية المغربية، فالمجانية وجودة المدرسة العمومية، تضيف كلمة المسؤول النقابي، هي في صلب اهتمامات النقابة الوطنية للتعليم، وكرامة وحقوق نساء ورجال التعليم، وبالرغم من الإجماع الحاصل، من خطب ملكية والمجلس الأعلى للتعليم، على أن التعليم هو القضية الثانية بعد الوحدة الترابية، إلا أنه لا يحظى بالاهتمام الكافي. إذ لا يمكن هزم الجهل والأمية وإفلاس المدرسة العمومية، بجنود مهزومين، بل يجب مواجهته بجنود وهم على أحسن حال وبعدة وعتاد قوي، وهؤلاء الجنود هم نساء ورجال التعليم، وذلك بتحسين وضعيتهم والحفاظ على كرامتهم في المجتمع. كما ذكر بخلاصات اللقاء الذي جمع مؤخرا النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية بالوزير الحالي لوزارة التربية والتكوين حيث تم طرح كل القضايا التعليمية العالقة والتي كانت موضوع مذكرة مطلبية رفعها التنسيق النقابي المكون من النقابة الوطنية للتعليم (ف د ش)، الجامعة الحرة للتعليم والجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي) التي تتضمن مجموعة من المطالب ومن ضمنها تنفيذ ما تبقى من اتفاق أبريل 2011 ومعالجة مشكل ترسيب 150 أستاذا متدربا، بالإضافة إلى ملف المدراء سواء خريجي المسلك أو الممارسين وملف ضحايا النظامين وملف المساعدين التقنيين والإداريين وملف الأساتذة العاملين خارج إطارهم الأصلي وملف الأساتذة المبرزين وملف التخطيط والتوجيه وملف المتصرفين والدكاترة وملف الأساتذة المجازين وكذا ملف النظام الأساسي الذي أجلت الوزارة بمقتضاه معالجة كافة المشاكل العالقة بدعوى معالجتها ضمن النظام الأساسي الجديد، حيث طالب، في هذا الصدد، بضرورة إخراج نظام أساسي جديد لموظفي وموظفات وزارة التربية الوطنية، يراعي المماثلة والملاءمة مع الأنظمة الأساسية الأخرى لموظفي الوظيفة العمومية، لا أقل ولا أكثر، على اعتبار أننا مواطنون من المفروض أن نكون متساوين مع باقي الفئات في الوظيفة العمومية، تشير كلمة المسؤول النقابي، الذي لم يفوت الفرصة للتذكير بالرمز التاريخي للنقابة الوطنية للتعليم، الفقيد عبد الرحمان شناف، مؤكدا على أن مناضلات ومناضلي النقابة الوطنية للتعليم هم استمرار لهذه المدرسة التي أسسها عبد الرحمان شناف إلى جانب مجموعة من المناضلين والمناضلات، مؤكدا في نفس الآن على أنهم حاملو المشعل من أجل المبادئ التي استشهد من أجلها الكثيرون والتي شرد ونفي في سبيلها العديدون، استمرارا لمرحلة تاريخية عانى فيها كثيرا نساء ورجال التعليم. كما وقف الصادق الرغيوي على السياق السياسي» الذي عشناه بعد مرحلة الحكومة الأولى بعد دستور 2011، وبعد نهاية ما سمى البلوكاج السياسي، وبداية مرحلة جديدة «مسجلا» أن الحكومة السابقة كانت حكومة إجهاز ممنهج ومنظم على حقوق نساء ورجال التعليم وعلى حقوق الشغيلة المغربية بكافة قطاعاتها وفئاتها»، مؤكدا على أن الطبقة الوسطى هي المستهدفة في ظل الحكومة السابقة، ولا يمكن أن تؤدي الطبقة العاملة وحدها ثمن هذا الإفلاس وهذا الفشل، في حين تعطى للباطرونا ورجال الأعمال مجموعة من الامتيازات، واصفا التصريح الحكومي الأخير، بتصريح نوايا حسنة، مشددا على «أننا لا نتعامل فقط مع النوايا الحسنة، ولن نحاكم النوايا في انتظار الأفعال». وعلى المستوى التنظيمي ذكر ممثل المكتب الوطني، بالدينامية التنظيمية التي أطلقتها النقابة الوطنية للتعليم، منذ بداية الموسم الحالي، حيث تم تجديد أزيد من 200 فرع محلي، وأزيد من 60 مكتبا إقليميا، وانعقاد مجموعة من المؤتمرات الجهوية في انتظار استكمال عقد مؤتمرات جهوية أخرى، لمواكبة اللامركزية والتقطيع الترابي الجديد، ومواكبة المتغيرات على مستوى وزارة التربية الوطنية، بإعطاء اختصاصات أوسع للأكاديميات.
وكانت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الجهوي الأول للنقابة الوطنية للتعليم (ف د ش) بجهة الدار البيضاء – سطات والتي اعتبرت بحق عرسا نضاليا بامتياز، قد شهدت تقديم فقرات زجلية وشعرية وموسيقية من تنشيط بعض الفرق الموسيقية وأطفال جمعية أمل لذوي الاحتياجات الخاصة الذهنية التي تفاعل مع إيقاعاتها الحضور الكبير والمتمثل في حضور فعاليات سياسة ونقابية وتعليمية وحقوقية، وفي مقدمة الحضور الكاتب العام للفدرالية الديمقراطية للشغل وأعضاء من المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم ورئيس قسم الموارد البشرية بأكاديمية الدارالبيضاء- سطات ورئيس التضامن الجامعي المغربي ومجموعة من المناضلين المؤسسين للنقابة، كما تخلل الحفل الافتتاحي تكريم عدة وجوه نقابية من مختلف أقاليم الجهة ساهمت في تأسيس النقابة ودافعت بإيمان قوي عن مبادئها ومواقفها في زمن عرف بسنوات الجمر والرصاص وأدت بذلك ثمنا غاليا من تضحياتها إثر تعرضها للتعسف والطرد من الوظيفة العمومية، ومن ضمن المكرمين العربي الجابري، محمد زعتري، محمد منان، خديجة الراجي، محمد حميري، خديجة سلام، الباتول النجاجي، محمد كمال، صالح آيت صالح، أحمد اعشيشةـ أحمد مغلوض، ثورية مبروك وفاطمة عدي.
كما تناول الكلمة ممثل الأكاديمية محمد عزيز الوكيلي رئيس قسم الموارد البشرية بها الذي اعتبر أن العلاقة التي تربط النقابة الوطنية للتعليم بمصالح الأكاديمية هي علاقة تعاون واحترام وتقدير، خدمة للناشئة ولنساء ورجال التعليم، اللواتي والذين يكن لهن ولهم كامل التقدير والاحترام، مشيرا إلى أن هذه المنظمة النقابية، في إشارة إلى النقابة الوطنية للتعليم (ف د ش)، انتقلت من الدور الذي كانت تلعبه سابقا، أي نقابة الملفات المطلبية، إلى نقابة مواطنة بامتياز، من خلال مساهمتها في عمليات الإصلاح التي تشهدها المنظومة، وفي إظهار الاختلالات التي مازالت تشكو منها هده الأخيرة، مشيرا إلى «أننا في مرحلة مفصلية من حياة هذه المنظومة، وأنه مؤمن بأن الإصلاح ممكن، لكن بانخراط الجميع، قطاع وصي، شركاء المنظومة، المجتمع المدني، الأسرة ونحن نساء ورجال التعليم».
ومن جهته اعتبر رئيس التضامن الجامعي المغربي عبد الجليل باحدو ، أن السياق العام الذي يعيشه المغرب، يتطلب هبة وطنية، وانخراطا جماعيا لكل من يعنيهم أمر المنظومة التعليمية ومستقبل المغرب، وذلك للتنزيل الأسلم للتصور الاستراتيجي بكل أبعاده ومقاصده، بغاية تجاوز الاختلالات المزمنة التي تعيشها المدرسة المغربية، ومساءلة التجارب السابقة بفكر متطلع للتطوير والتجديد، وتبني منهج ملائم وشامل يراعي أولوية المرحلة والأفق الزمني الطويل، ضمن استراتيجية تعليمية تجعل التعليم في خدمة التنمية والإنسان هدفا لها، وليس وسيلة لها فقط، مؤكدا على أن التضامن الجامعي المغربي أكد في أكثر من مناسبة على أنه ينبغي وضع إصلاح التعليم ضمن تصور استراتيجي عام لمعالجة الاختلالات الهيكلية التي يعرفها المغرب ضمن إطار حكامة جيدة شاملة، يحكم كافة مناحي الحياة العامة، تسيرها إرادة سياسية حقيقية، وإرادة كفؤة تعتمد مبادئ المشاركة والمساءلة والشفافية. وذلك بإشراك الفاعلين في مجال التربية والتعليم في التخطيط والتنفيذ، حيث أنه لا يمكن أن يتم أي إصلاح بدون مشاركة فعالة لكل مكونات المنظومة التعليمية، وبقدرة المدرسة العمومية على القيام بدورها الريادي في الإصلاحات، وفي التنمية وإنشاء مواطنة كريمة إذا ما تم إنصافها بتوفير منهج جديد ومضامين جديدة وأطر تربوية وإدارية مبدعة قادرة على تأهيل مواطنين ومواطنات الغد علميا وعمليا.
واختتمت الجلسة الافتتاحية بكلمة الكاتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم (ف د ش) بجهة الدارالبيضاء – سطات، سعيد مفتاحي، الذي ذكر بالسياقات الوطنية والجهوية التي ينعقد في إطارها المؤتمر الجهوي الأول المشار إليه وبالتحديات التي تواجه التنظيم النقابي على المستوى الجهوي إثر نقل الاختصاصات التي تهم القضايا التعليمية والموارد البشرية من المركز إلى الأكاديمية، مشيدا في نفس الوقت بالتنوع في الحضور للجلسة الافتتاحية للمؤتمر من فعاليات سياسية ونقابية وتعليمية وحقوقية وهو ما يعتبر دعما معنويا قويا لإنجاح المؤتمر والإسهام في تقوية ودعم المسار والعمل النقابي الجاد والمسؤول بالجهة.
وقد عرفت أشغال المؤتمر الجهوي الأول للنقابة الوطنية للتعليم (ف د ش) بجهة الدارالبيضاء – سطات الذي امتدت أطواره على مدى يومين (السبت والأحد 13 و14 ماي2017) تقديم التقريرين الأدبي والمالي في الجلسة العامة الأولى التي دامت أشغالها إلى حدود الساعة الواحدة والنصف من صباح يوم الأحد 14 ماي، حيث صودق على التقريرين بالإجماع بعد مناقشتهما من طرف المؤتمرات والمؤتمرين. وفي صباح اليوم الموالي (الأحد 14 ماي) تم عقد جلسات للورشات الخمس لمناقشة ودراسة مشاريع المقررات حيث توزع المؤتمرون على الورشات، وهي ورشة مشروع السياسة التعليمية وورشة مشروع الشؤون النقابية والملف المطلبي وورشة مشروع القانون الداخلي الجهوي، وورشة مشروع لجنة المرأة (مقاربة النوع الاجتماعي) وورشة مشروع مقرر الإعلام والتكوين. لتختتم أشغال المؤتمر الجهوي بعقد الجلسة العامة الثانية التي عرفت المصادقة على مشاريع مقررات المؤتمر وكذا المصادقة على أعضاء المجلس الجهوي المنتخب والمكون من 47 عضوا مع مراعاة تمثيلية النساء والشباب والفئات، ومراعاة تمثيلية الأقاليم في هذا الجهاز التقريري، والمصادقة على البيان الختامي للمؤتمر.
وللإشارة فإن المؤتمر الجهوي الأول للنقابة الوطنية للتعليم (ف د ش) بجهة الدار البيضاء- سطات اعتبر بحق عرسا تنظيميا ونضاليا على كافة المستويات، حيث تميزت جلسته الافتتاحية بحضور كمي ونوعي وعرفت أطواره تنظيما محكما استحسنه الجميع سواء من حيث توفير الظروف الملائمة والمناسبة للمؤتمرات والمؤتمرين والذين بلغ عددهم 193 مؤتمرا ومؤتمرة، و لا من حيث مشاريع المقررات المقدمة لأشغال المؤتمر وأيضا من حيث حرص رئاسة المؤتمر المكونة من محمد زعتري رئيسا للمؤتمر ومن أيت صالح صالح ومصطفى بوزيان وثوريا مبروك، على أن تمر أجواء المؤتمر في إطار من المسؤولية والانضباط واحترام مقتضيات الورقة الداخلية للمؤتمر تحت إشراف عضوي المكتب الوطني عبد الكريم الجوالي وعزيز كدار اللذين حرصا على متابعة ومواكبة جميع مراحل أشغال المؤتمر الجهوي الأول للنقابة بجهة الدارالبيضاء – سطات.