في المؤتمر الإقليمي الثالث للحزب بالفقيه بنصالح .. الكاتب الأول إدريس لشكر: ربع الشباب عاطل… وأزمـة الصحة والتعليم تفضح عجز الحكومة وتفرض تدخلا عاجلا

التغول الحزبي اختلّ معه التوازن المؤسساتي وكمّم صوت المعارضة

الدولة الاجتماعية ليست شعاراً انتخابياً بل تعاقدا مع الشعب المغربي

نور الدين زوبدي: الإقليم ظُلم مرتين، مرة بسبب الجفاف، ومرة ثانية بسبب الإهمال الحكومي الممنهج

 

 

أكد إدريس لشكر، الكاتب الاول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن بلادنا تعيش هذه الأيام على وقع احتجاجات الشباب تطالب بالشغل والصحة والتعليم، وأن 25 في المئة من الشباب في وضعية بطالة مما يفرض على الحكومة إيجاد حلول عاجلة وأن يجد الشباب فرصا ومناصب للعمل.
وشدد الكاتب الأول في كلمته خلال ترأسه أشغال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الاقليمي الثالث للحزب بالفقيه بنصالح المنعقد مساء الخميس 2 أكتوبر 2025، تحت شعار «عازمون على النضال من أجل تنمية عادلة ومنصفة للإقليم» أن أزمة الشغل والصحة تعتبر من الإشكالات الكبرى ببلادنا، ومن حقنا أن نتساءل عن ما أنفق على قطاع الصحة في السنوات الاخيرة، مسجلا أن ذلك لم يكن إبداعا أو تفكيرا من هذه الحكومة.
وأضاف لشكر، أنه منذ أزمة كوفيد 19، اعتبر جلالة الملك أن الصحة يجب أن تكون أولوية بالنسبة لكل المغاربة، وذلك بعد التراجع الكبير الذي عرفه القطاع في سنوات ماضية مع سياسة التقويم الهيكلي، والعجز الواضح حتى في توفير العلاج للمواطنين في العديد من المناطق والجهات. مشددا على أن قطاع الصحة عبر التاريخ كان دائما يعتبر إشكالا ولم يكن في المستوى والمعايير المطلوبة دوليا مؤكدا أن التدبير الملكي الحكيم لقطاع الصحة خلال جائحة كورونا، جعل بلادنا في مستوى متقدم ونموذجا يحتذى به حتى في الدول المتقدمة أحيانا التي عجزت عن تدبير المرحلة والحفاظ على أرواح مواطنيها. موضحا أن جلالة الملك طيلة ال25 سنة جعل من الصحة والحريات وطي صفحة الماضي والمصالحة والمفهوم الجديد للسلطة، ثم الاوراش الكبرى والمشاريع الاستراتيجية ومشاريع الطاقات المتجددة والمطارات والموانئ، أولويات بالنسبة لبلادنا وضمن انشغالات جلالته، وذلك لتحقيق التنمية والتقدم والازدهار.
وأشار الكاتب الأول إلى أنه تم بذل مجهود وطني كبير لإنجاح هذه المشاريع الاستراتيجية من شمال المملكة إلى جنوبها، وذلك لتنعكس التنمية على جميع المواطنين في مختلف الجهات والأقاليم. موضحا أن جلالة الملك أكد في خطابه الأخير بمناسبة عيد العرش على أن المغرب يسير بسرعتين، وبالتالي المواطنين في الداخل لم يستفيدوا من التنمية وكانت هناك تفاوتات بين الأقاليم والجهات خاصة الواجهة المتوسطية والبحر الأبيض المتوسط، وبالتالي جاء الخطاب الملكي لإنصاف هذه الأقاليم والمناطق البعيدة ورد الاعتبار لها والعمل على تنميتها مشددا على أن «الاتحاد الاشتراكي منذ تعيين رئيس الحكومة اعتبر أن هذه الحكومة، حكومة التغول، وذلك ما أدى إلى اختلال التوازن المؤسساتي، وتم تشكيلها من ثلاثة أحزاب هيمنة على تسيير الجهات كلها ومجالس الأقاليم وكل الجماعات المحلية.» مشيرا إلى أن التغول سيطر على حقوق المعارضة، حيث إن هذه الأحزاب خاصة الحزب الأول والثاني لا يتوفران حتى على صحافة حزبية للتواصل والحوار مع المواطنين وشرح البرامج، وأن هذا التغول وعدم الإنصات هو الذي طبع عمل الحكومة خلال ال4 سنوات من ولايتها حتى الآن.
وأكد لشكر أن الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية انخرط في الورش الاستراتيجي لإصلاح المنظومة الصحية بكل مسؤولية، وذلك اعتبارا منه بأهمية هذا الورش وتعميم التغطية الصحية على جميع المغاربة واستفادتهم من العلاج والحق في الصحة، مسجلا أن الذي وقع بعد ذلك واتضح للجميع، أن التمويلات تذهب إلى دعم القطاع الخاص على حساب المستشفى العمومي والصحة العمومية.
كما انتقد الكاتب الأول، ممارسات بعض المصحات الخاصة في فرض الولادات القيصرية على النساء الحوامل، واشتراط الشيك كضمان للعلاج، داعيا الحكومة إلى فتح تحقيق في هذه الاختلالات.
وتابع الكاتب الأول قائلا: من بين الإشكالات التي يجب التحقيق فيها هي ولادة النساء الحوامل، بحيث إن المغرب الدولة الوحيدة التي لا تستطيع فيها النساء الحوامل أن يلدن بشكل طبيعي، بل يتم فرض الولادة القيصرية عليهن، وذلك لما يمارسه القطاع الخاص الصحي من ممارسات غير مقبولة، وبالتالي على الحكومة أن تفتح تحقيقا في هذا الامر، بالإضافة إلى الشيك على سبيل الضمان باعتباره جريمة الذي تلزم به بعض المصحات مرضاها لتلقي العلاج.» مسجلا أن كل ذلك طرحه الاتحاد الاشتراكي ولم يجد أذانا صاغية من قبل الحكومة.
مشيرا إلى أن ما ينقص هو تجويد الخدمات الصحية وتطويرها وتدبير المؤسسات الاستشفائية بطريقة مسؤولة وحكامة جيدة تجعل المواطن في صلب أولوياتها وضمان حقه في العلاج والولوج إلى الصحة، وأكد أن ميلاد حزب الاتحاد الاشتراكي ارتبط بمقاومة الظلم والاستبداد وليس حزبا يتسابق نحو ربح مقاعد انتخابية، وأن الشعب المغربي استطاع أن يتجاوز العديد من الإكراهات والمحطات التي طبعتها احتجاجات قوية في سنوات سابقة على مر التاريخ، وذلك لأن المغرب يستطيع أن يدبر أموره الداخلية وقضاياه بكل مسؤولية وحكمة.
وتابع لشكر أنه «لا يمكن أن نقبل اليوم من الحكومة أن تخرج وتقول أنا متفهمة لمطالب الشباب…بل يجب أن تكون متفهمة لكل مطالب الشعب المغربي بكافة أطيافه وفي كل المؤسسات والهيئات، وكذا تخلفها وتماطلها عن إخراج مجلس الشباب والعمل الجمعوي ليقوم بأدواره.» داعيا الحكومة إلى عدم تأجيل القرار فالشعب المغربي يريد حكومة تفكر في انشغالاته لا امتيازات على المقاس. موضحا أن اجتماع أحزاب الأغلبية لم يكن مفهوما في هذا السياق مع تصاعد الاحتجاجات، بل كان من اللازم أن تجتمع الحكومة بكافة أعضائها وتتداول في هذه المظاهرات ومطالب المحتجين.
وشدد الكاتب الأول قائلا: نحن محتاجون إلى التغيير والعمل المسؤول بكل جدية وعزيمة وإرادة، وأن الدولة الاجتماعية ليست مجرد شعار كما ترفعه هذه الحكومة بل يجب أن يكون تعاقدا مع الشعب المغربي بكل أطيافه. داعيا إلى القطع مع اقتصاد الريع في كل المؤسسات وكف الحكومة عن تمييع العديد من القطاعات، وخلص إلى «أننا منخرطون في كل الاحتجاجات المشروعة والتظاهر السلمي وضد الفوضى وتخريب الممتلكات العامة والخاصة».
وذكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن هذا المؤتمر الاقليمي ينعقد في سياق الذكرى ال27 لوفاة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، الذي عمل من أجل بناء أسس الدولة الحديثة وعمل من أجل حماية وحدتها والذود عنها، وقبله الملك الراحل المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه، الذي كافح من أجل الاستقلال، وصولا إلى عهد جلالة الملك محمد السادس الذي قاد المغرب نحو مشاريع استراتيجية وتنموية كبرى.
وشدد لشكر على أن شعار المؤتمر يعكس نضال الاتحاديين والاتحاديات داخل الإقليم من أجل تنميته والارتقاء به بغض النظر عن المواقع وبعيدا عن المزايدات، مشيرا إلى أن الإقليم يعاني العديد من الإكراهات والمعيقات على كافة المستويات مما أدى إلى تهميشه وتأخر مسلسل التنمية فيه ويسير بسرعة متدنية وبطيئة، مقارنة بباقي الأقاليم الاخرى رغم توفره على مؤهلات بشرية وطبيعية واقتصادية.
من جهته عبر نور الدين زوبدي، الكاتب الجهوي، عن السياق الذي ينعقد فيه المؤتمر الإقليمي الذي يتسم بدينامية تنظيمية نشطة، يشهده الحزب عبر مختلف الأقاليم والجهات، بقيادة الكاتب الأول وإخوانه في المكتب السياسي، وهي دينامية تهدف إلى تجديد الهياكل، وتقوية التنظيم، وإعادة ربط جسور الثقة مع المواطنين والمواطنات.
كما ينعقد في ظل أزمة اجتماعية واقتصادية خانقة، وتزايد الاحتجاجات الشعبية في مختلف ربوع الوطن، بفعل فشل السياسات الحكومية في عدد من المجالات الحيوية، وخاصة الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.
وسجل الكاتب الجهوي على أن الحزب كانت له مواقف واضحة ومسؤولة تُوِّج بقرار من مجلسه الوطني، تمثل في تحويل ملتمس الرقابة البرلماني إلى ملتمس رقابة شعبي، كآلية نضالية غير مسبوقة، تستمد شرعيتها من غضب الشارع واحتجاجاته، وتعكس انخراط الحزب إلى جانب المواطنات والمواطنين في مواجهة السياسات اللاجتماعية للحكومة.
وعن معاناة إقليم الفقيه بن صالح يقول زوبدي، الإقليم ظُلم مرتين، مرة بسبب الجفاف، ومرة ثانية بسبب الإهمال الحكومي الممنهج، سواء من طرف الحكومة السابقة أو الحالية، التي تركت الإقليم يتخبط في تداعيات الجفاف وغياب البنيات الأساسية، دون أي دعم استثنائي أو رؤية تنموية حقيقية.
فهذا الإقليم، الذي كان إلى وقت قريب من أهم مناطق الإنتاج الفلاحي بالمغرب، وكان يُسهم بأكثر من 30% من الإنتاج الوطني من الحليب واللحوم الحمراء، ويحتضن أسواقًا وطنية كبرى كسوق الفقيه بن صالح وسوق السبت، أصبح اليوم منطقة منكوبة اقتصاديًا واجتماعيًا.
ولا يمكن الحديث عن هذا التراجع دون التوقف عند أحد أبرز المؤشرات الدالة عليه، وهو ما عرفته الأسواق الكبرى للإقليم من انحدار غير مسبوق، وعلى رأسها سوق الفقيه بن صالح «لاربعا» وسوق السبت أولاد النمة، اللذان كانا إلى وقت قريب من بين أكبر وأهم الأسواق على المستوى الوطني، يعكسان الدينامية الاقتصادية للإقليم، ودوره الحيوي في الإنتاج الفلاحي والغذائي.
هذه الأسواق، التي كانت وجهة للمنتجين والتجار من مختلف مناطق المغرب، أصبحت اليوم شبه مهجورة، بفعل الانهيار المتواصل للأنشطة الفلاحية، وإفلاس عدد كبير من التعاونيات، وانسحاب الفاعلين الاقتصاديين المحليين، في غياب أي تدخل حكومي جاد يعيد للإقليم اعتباره ومكانته.
وأننأن النسيج التعاوني المنتشر على ربوع إقليم الفقيه بن صالح، والمتخصص في جمع وتسويق الحليب، والذي كان يشكل ركيزة أساسية في تحريك اقتصاد الإقليم ودعم آلاف الأسر. هذا القطاع، الذي كان يوفر فرص عمل مهمة، تعرض لإفلاس شامل أدى إلى تشريد عدد كبير من العمال والموظفين، وأضعف بشكل كبير من قدرة الفلاحين على الاستمرار في إنتاجهم، مما زاد من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الإقليم اليوم.
وتعرضت حتى أشجار الزيتون والليمون للهلاك بسبب العطش وانقطاع مياه السقي، بفعل فشل الحكومات المتعاقبة في تدبير أزمة الماء، وتجاهلها لكل التنبيهات، وتأخرها في إطلاق مشاريع التحلية والتزويد المستدام.
وحمّل الكاتب الجهوي، الحكومة السابقة واللاحقة معًا كامل المسؤولية عمّا وقع ويقع في هذا الإقليم من تهميش وغياب للعدالة المجالية.
ويزكّي هذا الواقع المتأزم، ما كشفته نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى الأخير، التي أظهرت تراجعًا ملحوظًا في عدد سكان إقليم الفقيه بن صالح، وهو ما يعكس بوضوح تفاقم ظاهرة الهجرة نحو المدن الكبرى والخارج، بسبب انسداد الأفق، وتدهور الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وغياب البدائل.
«ونحن في هذه القاعة بالذات، يقول ، لا بد أن نُذكر بأن هذا الفضاء شهد وعودًا كثيرة من وزراء الحكومة، خاصة في مجالات الماء والفلاحة والتنمية، دون أن يتحقق منها شيء.
هل نسيتم اللقاء الذي نظمته أطراف حكومية بمناسبة الانتخابات الجزئية؟
ذلك اللقاء الذي جرى التحضير له جهوياً ووطنياً، وكان هدفه محاصرة حزبنا وقطع الطريق أمامه.
ومع ذلك، فشلوا، وتمكّنا من خوض معركة انتخابية نظيفة ومسؤولة، أساسها محاكمة السياسات الحكومية، وفضح التدبير العشوائي للملفات الحيوية، وعلى رأسها الفلاحة التي تعيش أوضاعًا كارثية».
وفي الأخير نوه نور الدين زوبدي، الكاتب الجهوي، «بالدور الكبير الذي تقوم به الجالية المغربية بالخارج، التي ما فتئت تساهم في إعالة آلاف الأسر من الإقليم، وتعويض غياب الدولة عبر تحويلاتها المالية المنتظمة.
ويكفي أن نرى اليوم الانتشار الواسع لفروع شركات تحويل الأموال في المراكز والمداشر، لندرك عمق الأثر الاجتماعي للجالية.
ونثمّن عاليًا موقف الحزب الداعم لإحداث دائرة انتخابية خاصة بمغاربة العالم، إنصافًا لهم واعترافًا بمكانتهم، ولدورهم المحوري في التنمية الوطنية.

 

******************

الشرقاوي زنايدي ،كاتبا اقليميا

 

 

عبد الله وهواه ، رئيس المجلس الإقليمي

 

 

******************

تكريم مناضلي الإقليم


الكاتب : أنوار التازي – مصطفى الإدريسي

  

بتاريخ : 04/10/2025