في المؤتمر الإقليمي السابع للاتحاد الاشتراكي لأكادير إداوتنان.. إدريس لشكر الكاتب الأول للحزب: مدينة أكادير أصبحت اليوم من ضمن مدننا التي يجب أن تحظى بعناية فائقة، وهي المعبر إلى الصحراء وإلى إفريقيا ندعو إخواننا بأكادير إلى العمل على انبعاث جديد بهذه المدينة التي تعد قلعة اتحادية صامدة

قال الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إدريس لشكر، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السابع للحزب بأكادير إداوتنان المنعقد يوم الأحد 29 يونيو2025: إن الحزب يعتبر مدينة أكادير من المدن التي لها أدوار كبيرة قامت بها عبر التاريخ المغربي المعاصر، فالكل يذكر دور أبناء المنطقة في الحفاظ على اللمة ووحدة الشعب المغربي وكذا على استقلاله، حيث لعبت أدوارا كبيرة قام بها المقاومون وأعضاء جيش التحرير من أبناء هذه المنطقة الذين يشهد لهم التاريخ بذلك.
وبهذه المناسبة ذكر إدريس لشكر، الحضور، بالعديد من المناضلين الكبار والمقاومين الأشاوس الذين ضحوا بأموالهم وأرواحهم من أجل استقلال الوطن والدفاع عن الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية في زمن الاستقلال، مؤكدا أن نبات هذه الأرض كله رموز ومناضلون سوسيون عملوا من أجل استقلال الوطن، وعملوا من أجل تحريره من الأجنبي مضحين في سبيل ذلك بالغالي والنفيس.
كما ضحوا، يقول الكاتب الأول، من أجل وحدة المغرب عند انطلاق مسيرته الوحدوية، حيث كانت هذه المدينة، بالأمس، تُنعت تاريخيا وجغرافيا بجنوب المغرب، وكان الكل يعتبرها دائما مدخلا للجنوب، أما اليوم فقد تحولت إلى وسط المغرب ومركزه، وبالتالي فهذه المدينة تربطنا بها علاقة متينة نحن أبناء الجنوب الوافدين عليها بالرغم من أننا تركناها لنعيش بالمركز، يقول لشكر.
«ومع ذلك، نجدد القول مرة أخرى، يضيف الكاتب الأول، إن أهل سوس كانوا خير سفراء لثقافتهم حيثما حلوا وارتحلوا،
فمن وجدة شرقا وطنجة شمالا والدارالبيضاء والرباط وسطا والصحراء جنوبا، أينما حل السوسي يكون في «راس الدرب» في رأس الحومة، في راس الحي، فأهل سوس هاجروا وهاجرت معهم ثقافتهم»، مضيفا بالقول:»أنا ولد بقال وأمي ربة بيت، وكلاهما من أهل سوس، من هذه المنطقة، ولدت في الرباط بالصدفة لأنه في تاريخ معين كانت هناك مجاعات وكانت الهجرة، ونحن كنا رحل من منطقة شبه صحراوية، هي في أسفل جبال الأطلس الصغير التي هي تغجيجت، وكل «الكسيبة»التي كنا نملكها من جمال وماعز كانت تتعرض للنفوق بسبب الأمراض مما أدى إلى الهجرة التي عرفتها بلادنا بحثا عن الكلأ والمراعي وعن العيش الكريم، حين لم تكن هناك لا طرقات معبدة ولا طرق سيارة، وكانت الهجرة كلها معاناة في معاناة».
وأوضح الكاتب الأول في كلمته التي ألقاها في هذا المؤتمر الذي حج إليه عدد كبير من المناضلين والمناضلات الاتحاديين وضيوف المؤتمر من الأحزاب السياسية والنقابات وفعاليات المجتمع المدني، أن شعار المؤتمر يطرح عدة أسئلة من قبيل: عن أية عدالة مجالية يبحث إخواننا بأكادير، وهل يبحثون عن العدالة المجالية بين الجهات والأقاليم؟
مضيفا وهو يوجه خطابه إلى ساكنة أكادير، «عليكم أن تفتخروا بمنطقتكم وقد متعتكم الله بجغرافية متميزة، متعكم بالبحر وبالفنادق وبالسياحة، والتي ساهمت في وصول الطريق السيار إليكم، وستؤدي إلى وصول القطار السريع في السنوات القادمة، وبالتالي، شئنا أم أبينا، فالمنطقة نالت حظها من هذه العدالة رغم الضربات الموجعة التي تلقتها عبر التاريخ الحديث سواء من الزلزال أو «كوفيد» أو الجفاف «.
وقال الكاتب الأول إن مدينة أكادير أصبحت اليوم من ضمن المدن التي يجب أن تحظى بعناية فائقة، وأن تحظى بتدبير وإدارة جيدين، لأنها مدينة المدخل إلى سوس برمته، فهي المعبر إلى الصحراء والمعبر إلى إفريقيا، وهي أيضا كانت ولا تزال المنطلق لوحدة المغرب، ولهذا يجب أن نعتز بها لأن المغرب حقق وحدة بلاده في الوقت الذي كانت فيه كل دول العالم تعرف تشتتا وتشرذما وتفتيتا .
واسترسل إدريس لشكر قائلا : «لم يكن سهلا وقتها في 1975م حين انطلاق «المسيرة الخضراء»، لم يكن سهلا في إطار التوازنات الدولية التي كانت تعرفها المنطقة، ولم يتخيل أحد أن النضال من أجل الوحدة سيكون ممكنا خلال هذه المراحل لأننا كنا ضحية عدائين: عداء كان الجيران القريبون منا أولا طرفا فيه، وعداء كان يملى من طرف قوى القطبية التي كانت تقتسم العالم ما بين عالم نظام الحزب الوحيد أي الرؤية الشمولية من جهة، والعالم الغربي من جهة أخرى.
وأكد الكاتب الأول أن مؤسسي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية قبل تغيير اسمه إلى الاتحاد الاشتراكي ينبغي أن نعترف أنهم أهل سوس، بالرغم من أن بعضهم كان يقول إن الاتحاد تأسس من طرف الطبقة العاملة والبعض الآخر يؤكد أنه تأسس من فروع بقايا جيش تحرير والمقاومة المسلحة، الذين كانوا يتعرضون بعد الاستقلال للقمع والضغط، والبعض الثالث ذهب إلى أنه تأسس من النخب الشابة والمثقفة داخل الحركة الوطنية، والتي كانت مساهمة في خلق مشاكل داخل حزب استقلال وأدت إلى الانفصال.
فهذه العوامل الثلاثة كلها، يضيف لشكر، يمكن أن نزيد عليها عاملا أساسيا ساهم في تأسيس الاتحاد وهو أن أهل سوس عبر التاريخ اختاروا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية دون بقية الأحزاب، واليوم ندعو إخواننا بأكادير إلى العمل على انبعاث جديد بهذه المدينة التي تعد قلعة اتحادية صامدة.
وتحدث الكاتب في كلمته عن الميثاق الجماعي لسنة 1976، والذي جاء ليكرس سلطة تدبير المدن والقرى في الوقت الذي كانت فيه السلطة الجماعية كلها في يد الإدارة الترابية للوطن تحت سلطة القياد والباشوات والعمال، بحيث لم يكن قبل 1976 أي دور للمنتخبين في تسيير مدنهم وقراهم، في هذه السنة التي أطلقت فيها المسيرة الخضراء مع المغفور له الحسن الثاني، مشددا على أن الاتحاد حظي بأكادير بأصوات الساكنة ومن يومها والأكاديريون والأكاديريات يصوتون للاتحاد الاشتراكي، لماذا؟ لأن أكادير من بعد الزلزال ظلت قرية صغيرة تدور حولها أحزمة البؤس والفقر، وهي أحياء السكن غير اللائق، لكن لما قرر الاتحاديون والاتحاديات المنتخبون تحسين وضعية هذه الساكنة القاطنة بدور الصفيح بنوا لها بيوتا بهذه الأحياء الجديدة مراعين في ذلك الحقوق الإنسانية الأساسية، من أهمها الحق في المدينة أي السكن داخل المدينة لتبقى الساكنة الأصلية بأحياء المدينة وليس خارجها كما يقع اليوم بعدة مدن مغربية.
في الوقت الذي نشهد فيه بعدة مدن أخرى، يؤكد إدريس لشكرـ أن ساكنة دور الصفيح يبنون لها أحياء وسكنا يبعد عن مكانها الأصلي بعشرين أو ثلاثين كيلو مترا، وهذا السكن هو عبارة عن مجموعة من الصناديق الضيقة، حيث تم ذلك بعقلية لا تراعي حقوق المواطنين، ليطرح السؤال : أين حسن الجوار والاحترام داخل هذه المخططات ؟
وهذا عكس ما قام به الاتحاديون الذين لما قرروا القضاء على مدن الصفيح قاموا بعمل جيد في ما يتعلق بتأسيس أحياء جديدة في أماكنها وخلق سكن يتلاءم مع معيش المواطن والمواطنة، لذلك نفهم لماذا اختار الشعب بهذه المدينة الاتحاد الاشتراكي لتسيير المدينة لما يقارب أربعين سنة.
لكن للأسف، يردف الكاتب الأول، ماذا حدث بعد ذلك ؟ الذي حدث هو أن الداء والمرض انطلق من أحشائنا وصار التسابق بيننا على المواقع، والتسابق بيننا في الأنانيات، ولا نعطي أي تفسير في التاريخ لهذا الذي وقع، ولا نجد لذلك أي تفسير، وتبقى مع ذلك ظاهرة بشرية وإنسانية عامة.
وقد كانت الظاهرة حاضرة منذ العهد الأولى للمسلمين فبعد أن كللت مجهودات النبي صلى الله عليه وسلم بالنجاح في رسالته انطلقت الفتنة الكبرى عقودا بعد ذلك وبدأ المسلم يحارب المسلم وتطورت في بعض الأحيان إلى حروب بين المسلمين.
وأكد الكاتب الأول أن ما وقع للاتحاد بأكادير يعد نموذجا لما وقع بجميع المدن والدول، ولهذا أقول لإخواننا بهذه المدينة :»نحن في الاتحاد قلة (وما فينا ما يتقسم)، وخرجت من بيننا ليس مع هذه القيادة الجديدة، لكن منذ خمسة وعشرين عاما، انشق عنا أكثر من 6 أو 7 أحزاب، وكل من خرج ادعى أنه سيشكل البديل للاتحاد الاشتراكي، ويقول أيضا إن ما بقي في الاتحاد فاسد، وإنه هو الذي من يملك الحقيقة، وهو الملاك والباقي شياطين، ولكن من خرج منا اصطدم ، للأسف، بالواقع الحي، وعرف الحقيقة كاملة وأدرك حجمه الحقيقي ولم يستطع تحقيق تمثلاته الخيالية غير الواقعية .
وتحدث إدريس لشكر عن موقعنا داخل المجلس الجماعي لأكادير، حيث أكد أن «موقعنا كاتحاديين، ليس في المعارضة بل علينا أن نساهم في استكمال الأوراش التي انطلقت في أكادير، والتي كان وراءها الاتحاديون السابقون، ولذلك طرح علينا سؤال جوهري: هل سندخل في الأغلبية أم سنبقى خارجها ؟ ولهذه الأسباب فكرنا في هذه الأوراش التي بدأناها لأزيد من 40 سنة».
وثمن الكاتب الأول مجهودات الاتحاديات والاتحاديين في تنزيل المشروع الملكي الكبير بهذه المدينة، ولهذا اخترنا، يقول لشكر، الاستمرار في إنجاز نفس الأوراش خاصة أن المغرب اليوم يعرف سياقات وطنية كبيرة منها التحضير لكأس إفريقيا ولتنظيم كأس العالم ولإعداد الطريق السيار ولإعداد للقطار السريع (التي جي في)، وإعداد المدينة لتكون عاصمة لوسط المملكة، اقتصاديا وعمرانيا، وببنية تحتية تجعل المدينة نافذة تطل على إفريقيا والقارة الأمريكية.
وقال الكاتب الأول إن الميناء الأطلسي بالداخلة ستكون أول بوابة له من الموانئ المغربية هي بوابة ميناء أكادير، ولهذا نريد أن يلعب الميناء الأطلسي أدوارا داخل إفريقيا لأنه يعد محطة أساسية للتجارة العالمية التي تعمل على الربط بين الشمال والجنوب عبر مدينة أكادير، ولهذه الاعتبارات كلها اختار الاتحاديون أن يكونوا بين هذه الأغلبية المسيرة للمجلس الجماعي لأكادير.
ومن جهة أخرى نوه إدريس لشكر بأخينا البشير خنفر، الذي قام بدور كبير في تدبير شؤون الحزب على مستوى الإقليم، ونوه بالتشبيب الذي عرفه حزبنا بهذه القلعة الاتحادية وبانفتاح الحزب على كفاءات وطاقات مهمة من خلال تجديد هياكل الحزب وضخ دماء جديدة من كل القطاعات المهمة، ونوه بالعمل النقابي الفيدرالي، وأخبر الجميع أنه سيتم عقد أكبر مؤتمر إقليمي للفيدرالية الديمقراطية للشغل بمدينة أكادير.
ودعا الكاتب الأول الجميع إلى الالتفاف حول القضية الوطنية الأولى لتجنيب البلاد مخاطر الفتن والحروب المدمرة التي عرفتها العديد من دول الشرق الأوسط، وأن نتجنب الدخول في مشاحنات وردود غير محسوبة العواقب، خاصة أن السمارة تعرضت لقصف همجي من قبل جبهة البوليساريو لجر المغرب إلى مستنقع حرب مدمرة، كما يحدث اليوم في معظم الدول العربية بالشرق الأوسط بإفريقيا وآسيا.
ودعا الجميع أيضا إلى الدفاع عن القضية الفلسطينية بعيدا عن المزايدات السياسوية التافهة وحقوقها المشروعة لإقامة دولة مستقلة لها كامل المواصفات الشرعية التي تحظى بها جميع الدول المنضوية تحت لواء الأمم المتحدة.
كما حث الكتابة الإقليمية الجديدة على بناء الحزب تنظيميا وسياسيا وفتح المجال لكل الطاقات والكفاءات التي يزخر بها المجتمع، والاستعداد منذ الآن للاستحقاقات القادمة.


الكاتب : عبد اللطيف الكامل

  

بتاريخ : 01/07/2025