أكد السير ليام فوكس، رئيس المجموعة البرلمانية البريطانية حول اتفاقيات أبراهام (مجموعة داخل البرلمان البريطاني عام 2021)، أن تجديد الولايات المتحدة تأكيد اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه يعد «قرارا مستنيرا يخدم التنمية والاستقرار في المنطقة».
وقال السير فوكس، يوم الأربعاء الماضي، إن «تجديد التأكيد على الموقف الأمريكي خبر ممتاز وقرار مستنير من شأنه بلا شك أن يخدم التنمية والاستقرار في المنطقة».
وأضاف السير فوكس، الذي شغل عدة مناصب وزارية مهمة، أن هذا القرار الأميركي، الذي جددت واشنطن التأكيد عليه يوم الثلاثاء، يوفر أفضل الآفاق للتوصل إلى حل عادل وواقعي لهذا النزاع الإقليمي.
من جهة أخرى، دعا المملكة المتحدة وباقي الدول الأوروبية إلى أن تحذو حذو الولايات المتحدة، مشيدا في الوقت نفسه بالدور المحوري الذي يلعبه المغرب في قضايا التنمية والأمن والسلام على مستوى منطقة غرب إفريقيا بأكملها.
وأشار إلى أن المغرب لطالما حافظ على علاقات ممتازة مع القوى الكبرى في الغرب، مؤكدا أن هذه العلاقات «في أعلى مستوياتها حاليا».
و أضاف السير وليام فوكس قائلا: «هناك وعي متزايد في هذه البلدان بالدور الاستراتيجي المهم للغاية الذي يضطلع به المغرب ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بل أيضا كبوابة نحو القارة الإفريقية».
وكان وزير الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية، ديفيد لامي، الذي كشف، أمام البرلمان البريطاني، أن لندن تمهد بالفعل لموقف جديد من ملف الصحراء، إذ أورد «ما زلنا نُجري مناقشات مع أصدقائنا المغاربة، هذا موضوع معقّد، الموقف لا يزال كما كان في عهد الحكومة السابقة، وبالطبع، نحن نواصل مراجعة هذا الموقف بينما نتابع مناقشة هذه القضايا في المنطقة».
وكان ذلك جوابا عن سؤال شفوي بمجلس العموم من النائب المنتمي لحزب المحافظين أندرو ميتشل، والذي استفسر عن إمكانية «تحرك المملكة المتحدة، كما فعلت الحكومتان الفرنسية والأمريكية، لدعم خطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية».
هذه الخطوة الجديدة تأتي بعد أيام فقط من حسم حكومة ستارمر موقفها بخصوص استثمارات الشركات البريطانية في الصحراء، فاسحة أمامها للتوجه إلى المنطقة دون أي عراقيل، مع التأكيد على فصل هذا الملف عن ملف الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية رغم محاولة اللوبي الداعم لجبهة «البوليساريو» بالبرلمان استصدار موقف يربط بين الأمرين.
وجاء التأكيد أيضا عبر مجلس العموم البريطاني، من خلال جواب كتابي صادر عن وزير الدولة البريطاني المكلف بالسياسة التجارة والأمن الاقتصادي، دوغلاس ألكسندر، بتاريخ 24 مارس 2025 ردا على سؤال توصلت به الحكومة من النائب الداعم للطرح الانفصالي في الصحراء، غراهام ليدبيتر بتاريخ 14 مارس 2025.
وأوردت الفقرة الثانية من الجواب، كما نشره الموقع الرسمي لمجلس العموم «أما فيما يتعلق بالصحراء الغربية، فإن الأمر متروك للشركات لاتخاذ قراراتها الخاصة بشأن ممارسة الأعمال التجارية هناك»، وأضاف «تواصل المملكة المتحدة دعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من جميع الأطراف».
في السياق نفسه، قال وزير الدولة البريطاني السابق لشؤون الدفاع، أندرو موريسون، إن تأكيد الولايات المتحدة مجددا اعترافها، بسيادة المغرب على صحرائه «موقف سديد».
وقال موريسون، عضو مجلس العموم (الغرفة السفلى للبرلمان البريطاني)، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، الأربعاء، إن «قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب بشأن الصحراء المغربية هو موقف سديد».
ودعا موريسون، وهو أيضا الرئيس المشارك للمجموعة البرلمانية البريطانية متعددة الأحزاب المخصصة للمغرب في برلمان وستمنستر، حكومة بلاده إلى أن تحذو حذو الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى من خلال تبني موقف «أكثر براغماتية» بشأن قضية الصحراء المغربية.
ويرى المحلل السياسي، د. الشرقاوي الروداني»، أن التوجهات الجديدة لبريطانيا تعكس الاعتراف المتزايد بالسيادة المغربية كـ»حلٍّ مُستقرّ لصراعٍ استمر عقودًا من الزمن».
وقال، في مقالة نشرها موقع «موديرن ديبلوماسي»، إن تقدير السيادة المغربية على الصحراء ليس لفتة رمزية، بل هو قرار استراتيجي ذو فوائد ملموسة للمملكة المتحدة، كونه يُعزز تحالفًا تاريخيًا ويدعم الاستقرار الإقليمي للتصدي للتأثيرات المُعادية، ويُواكب الواقع الاقتصادي والجيوسياسي المُلحّ. ذلك أن ريادة المغرب في تعزيز الأمن والتنمية الاقتصادية تجعله حليفًا لا غنى عنه في منطقة بالغة الأهمية لمصالح بريطانيا على المدى الطويل وإعادة تأكيد أهميتها العالمية.
ويمكن للمملكة المتحدة، من خلال الاستفادة من المغرب كـ»دولة جسر» ومن خلال إدراكها لأهمية الرابط التاريخية التي تجمعها مع المغرب، تأكيد التزامها بالسيادة والتعاون والشراكة التي دامت قرونًا – مما يرسم مستقبلًا مشتركًا من الاستقرار والتقدم.
وقال الروداني إنه باعتراف بريطانيا رسميًا بسيادة المغرب على الصحراء، لن تُعيد تأكيد تحالفٍ قائم منذ قرون فحسب؛ بل ستُرسّخ موطئ قدم استراتيجي في شمال أفريقيا، وتُعزز محور واشنطن-لندن-الرباط كحصنٍ منيعٍ في وجه القوى المزعزعة للاستقرار.
ومن جملة ما يدعم صدقية هذا التوجه البريطاني الجديد أن السير ليام فوكس، رئيس المجموعة البرلمانية البريطانية حول اتفاقيات أبراهام (مجموعة داخل البرلمان البريطاني عام 2021)، أكد أن تجديد الولايات المتحدة تأكيد اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه يعد «قرارا مستنيرا يخدم التنمية والاستقرار في المنطقة».
من جانبه اعتبر د. الشرقاوي الروداني» أن المغرب (لما يميزه) يتيح للمملكة المتحدة بوابةً إلى القارة الأفريقية والبحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. وقال إنه على المستوى الاقتصادي «يُمثل النمو الديناميكي للمغرب وقربه الاستراتيجي من أوروبا – على غرار سياساته الداعمة للتجارة وريادته الناشئة في إنتاج «الهيدروجين الأخضر» و»الأمونيا» – فرصًا كبيرة للشركات البريطانية. ففي قطاع الطاقة، تُبرز استثمارات المغرب في «مشروع خط أنبوب الغاز بين «نيجيريا» و»المغرب»» دوره المتنامي في الجغرافيا السياسية للطاقة، فضلا عن قدرة الخط على إحداث تحول في أسواق الطاقة الإقليمية وتعزيز أمن الطاقة لأوروبا، وأيضا ترسيخ مكانة المغرب كشريك حيوي في مجال الطاقة. أما على الصعيد الأمني، فتتوافق خبرة المغرب في «مكافحة الإرهاب» و»تبادل المعلومات الاستخبارية» و»الأمن البحري» مع جهود المملكة المتحدة لمواجهة التحديات العالمية الملحة، بما في ذلك: «التهديدات السيبرانية» و»التجسس» و»الجريمة المنظمة». ومن الناحية الجيوسياسية، تُعزز الدبلوماسية المغربية المتوازنة وعلاقاتها المتنامية مع القوى الكبرى، قدرة المملكة المتحدة على التعامل مع الديناميكيات الدولية المعقدة مع توسيع نفوذها في أفريقيا. في هذا السياق، فإن الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء لن يؤكد فقط على تحالف تاريخي، بل سيعكس أيضًا خيارًا سياديًا للسياسة الخارجية البريطانية، يتماشى تمامًا مع رؤية ما بعد البريكسيت لبريطانيا عالمية».
وقال المحل المغربي إنه المغرب برز، في حقبة «البريكسيت»، كـ»شريك محوري» في أفريقيا لبريطانيا، وفي اتفاقيات من قبيل ‘اتفاقية الشراكة الثنائية لعام 2019’، وفي مجالات مثل: «الزراعة» و»الطاقة المتجددة» و»تصنيع السيارات»، مما ضمن استمرارية العلاقات التجارية والسياسية بعد البريكسيت، حيث سهّلت هذه الاتفاقية زيادة ‘التجارة الثنائية’ لتبلغ 3.1 مليار جنيه إسترليني في عام 2022.
وذكر الروداني إن الصحراء، تحت السيادة المغربية، آخذة نحو التحول إلى «مركز اقتصادي» عبر مشاريع مثل «ميناء الداخلة الأطلسي» لتكون فرصًا لا مثيل لها للشركات البريطانية، إذ من شأن الاعتراف بالسيادة المغربية أن يُحسّن مناخ الاستثمار، ويوفر اليقين القانوني والاستقرار للشركات البريطانية.
يذكر أن 31 نائبا في البرلمان البريطاني، يتقدمهم وزير الدفاع الأسبق، السير ليام فوكس، وجهوا، في ماي 2024، رسالة إلى الحكومة البريطانية، في شخص وزير الخارجية السابق ديفيد كاميرون، لمطالبة لندن بالاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، معتبرين أن خطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب تمثل الحد الوحيد النهائي والمستدام لإنهاء هذا الصراع الطويل.
واعتبرت الرسالة أن «مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب للصحراء الغربية، تتسم بالتوازن مع احترام التقاليد المحلية والتطلعات الديمقراطية، وتوفر طريقا قابلا للتطبيق نحو السلام والاستقرار الدائمين»، وأضافت «بدعم واسع النطاق من حلفائنا الغربيين وأكثر من 80 دولة في مختلف أنحاء العالم، تمت الإشادة بالمبادرة باعتبارها المسار الأكثر عملية وواقعية نحو الاستقرار، مع التأكيد على أن الوقت قد حان لتجاوز الجمود».
وحثت الرسالة الحكومة البريطانية على دعم هذه الخطة التي «تمثل في نهاية المطاف الحل الواقعي الوحيد، أمام الالتزام العالمي بحل هذه القضية»، وأوردت «اليوم، لدينا الفرصة لتبني نهج واقعي وعملي، ويجب على قيادتنا أن تدرك أن اتباع النموذج الذي رسمه حلفاؤها الرئيسيون هو بالفعل مسار العمل الصحيح، إن البقاء على الحياد أو محاولة التوصل إلى حلول بديلة لن يؤدي إلا إلى إدامة الوضع الراهن الضار الذي يعرض أمن المنطقة للخطر»، خالصة إلى أن المغرب «يستحق دعمنا الكامل والقاطع».
في انتظار التحاق بريطانيا بأمريكا وفرنسا وبقية الدول الداعمة لسيادة المغرب

بتاريخ : 12/04/2025