راهن فريق الدفاع الحسني الجديدي بكل مكوناته وبقوة على منافسات كأس العرش للعودة من جديد إلى الواجهة، والصعود لثاني مرة في تاريخه إلى منصة التتويج، عبر بوابة الكأس، بعدما ضاع منهم الموسم الماضي لقب البطولة، ورغم أن القرعة لم تكن رحيمة بالدفاع، خاصة في ثمن وربع ونصف النهاية، التي أوقعتهم على التوالي في مواجهة كل من اتحاد طنجة وشباب الريف الحسيمي والنهضة البركانية، فقد تمكن الفريق الجديدي من تخطي كل هاته العقبات وبلوغ المباراة النهائية عن جدارة واستحقاق، حيث شاءت الصدف أن يواجه مرة أخرى غريمه التقليدي الرجاء البيضاوي، وبالمجمع الرياضي الأمير مولاي عبد لله، الذي كان شاهدا قبل أربعة مواسم على تتويج فرسان دكالة على حساب نفس الفريق، في نهاية تاريخية منحت أول لقب للدفاع، رفقة المدرب الجزائري عبد الحق بنشيخة.
لقد كان الدكاليون يمنون النفس بإهداء ثاني لقب للجديدة، إلا أن ضربات الترجيح التي ابتسمت للدكاليين في 2013، أدارت ظهرها لهم أمام الرجاء، ورجحت كفة الفريق الأخضر الذي تمكن من الظفر بالكأس الفضية. وشكل هذا الإخفاق صدمة كبرى للدفاع، بمختلف مكوناته، خاصة وأن كل الظروف كانت مواتية لأشبال طاليب للفوز باللقب الغالي، الذي كان في المتناول بشهادة المحللين والمتتبعين للشأن الكروي الوطني.
رصيد بشري من دون بدائل
كشفت مباريات مرحلة الذهاب من البطولة عن الكثير من الاختلالات البشرية والتقنية داخل الفريق الدكالي. فإلى جانب سوء تدبير المباريات المؤجلة، والأداء غير المستقر للحارس يحي الفيلالي، الذي فقد الثقة والتركيز في عديد المباريات، وقدم فيها هدايا ثمينة للمنافسين، وبروز النزعة السلبية في اللعب لدى بعض المهاجمين، الساعين إلى تلميع صورتهم والرفع من أسهمهم في سوق الانتقالات، برز ضعف كرسي الاحتياط، حيث أن المدرب عبد الرحيم طاليب اضطر إلى التخلي عن نظام التناوب، وأصر في عديد المباريات على إقحام لاعبين مجربين وفي أسوأ أحوالهم، بدل الاعتماد على بدلاء غير جاهزين، وهو دليل واضح على ضعف الرصيد البشري للنادي، الأمر الذي يفرض على طايلب أن يتعامل بالذكاء المطلوب مع هذا المعطي، سيما وأنه مقبل على إياب سيكون بدون شك حاسما وشاقا، سينافس خلاله الفرسان، إلى جانب لقب البطولة، على منافسات عصبة الأبطال الإفريقية، التي تتطلب لاعبين من مستوى عال من الخبرة والتجربة.
ورغم بدايته الغامضة، بسقوطه في فخ التعادل السلبي بميدانه في مستهل البطولة أمام شباب أطلس خنيفرة، فقد تمكن فارس بسرعة من استجماع قواه، وفرض شخصيته بتحقيقه لنتائج إيجابية، أرسل من خلالها إشارات قوية لمنافسيه، خاصة بعد تفريط النادي في خمسة من ركائزه الأساسية (أزارو، لكرو، حدراف، دياكيتي وكوليبالي)، وتم تعويضهم بأربعة لاعبين دوليين من إفريقيا جنوب الصحراء، إلا أن ما أثر سلبا على مسار الفريق هو كثرة المؤجلات التي كسرت إيقاع الجديديين، ومن حسن حظهم أنهم حافظوا على مسارهم الناجح في كأس العرش، التي جرت وفق نظام الذهاب والإياب، مما أتاح الفرصة أمام المدرب طاليب لإقحام أكبر عدد ممكن من اللاعبين، خاصة الوافدين الجدد للوقوف أكثر على مستواهم الحقيقي.
المؤجلات التي كادت أن تعصف بمجهودات الفريق
من سوء حظ الفريق، أنه وجد نفسه، مباشرة بعد الاخفاق في كأس العرش، أمام برمجة مضغوطة للمباريات المؤجلة، وفي غياب عدد هام من ثوابته الأساسية، الذين تساقطوا تباعا كأوراق الخريف بداعي الإصابة، إلى جانب تراجع أداء بعض اللاعبين، مما أدى بطاليب إلى القيام بدور المسعف (ديباناج)، حيث اضطر إلى إجراء بعض «الترقيعات» لتدبير الخصاص، الذي عانى منه الفريق، وهي تدابير لم تكن كافية لحل المشكل، بدليل أن الدفاع خسر كل مؤجلاته التي خاضها على التوالي أمام الوداد البيضاوي والفتح الرياضي بالرباط، والنهضة البركانية بملعب العبدي، فمن أصل ست مباريات، خاضها في ظرف ثلاثة أسابيع، تلقى الدفاع أربع هزائم، ومن ثمة دخل فارس دكالة مرحلة فراغ طال أمدها بعض الشيء، ووضعت مدربه في قلب العاصفة، حيث وجهت له انتقادات شديدة من قبل بعض الجماهير الجديدية، التي حملته جزءا من المسؤولية في تراجع أداء ونتائج الفريق، الذي حصد سبعة انتصارات في مرحلة الذهاب، مقابل تعادلين وخمس هزائم، وهي حصيلة لابأس بها، جعلته ينهي الشطر الأول من البطولة في المركز الرابع برصيد 24 نقطة، على بعد 5 نقاط من المتصدر حسنية أكادير، بطل الخريف.
هل سيعالج الصنهاجي وخشوش العقم الهجومي؟
رغم النداءات المتكررة للمدرب طاليب، الذي أكد حاجته إلى مهاجم قناص بمواصفات خاصة، لم تبد إدارة الدفاع الجديدي حماسا للدخول إلى سوق الانتقالات الشتوية، مما يعني أنها لم تكن متحمسة لإبرام أية صفقة، بفعل توفر الفريق على أربعة لاعبين دوليين أجانب، لكنها سعت جاهدة لإبرام بعض الصفقات المحتشمة، حيث تم التعاقد مع مهاجمين، ويتعلق الأمر بكل الصنهاجي الودادي، القادم من الدوري القطري، وخشوش، الوافد من بطولة الهواة، حيث يعول طاليب عليهما كثيرا لفك طلاسيم العقم الهجومي، في الوقت الذي وافق الدفاع الجديدي، في مرحلة الانتقالات الشتوية، على إعارة لاعبه الشاب، زكرياء لعيوض، إلى فريق المغرب التطواني إلى نهاية الموسم الحالي، وذلك استجابة لطلب فريق الحمامة البيضاء الذي يعاني أزمة نتائج، وكذلك نزولا عند رغبة اللاعب لعيوض الذي يسعى من خلال هاته التجربة الكروية إلى الهروب من شبه عطالة كروية، بعدما وجد صعوبة كبيرة في فرض رسميته، في ظل تواجد لاعبين متمرسين يشغلون مراكز في خط الدفاع.
كما فسخ عقد اللاعب الحواصي، الذي أثيرت العديد من التساؤلات حول انتدابه، في الوقت الذي كان الفريق قد أعلن عن إغلاق اللائحة.