وقف كل محاولات الاستغلال السياسي للدعم الاجتماعي المباشر ورفض تحويل ثقة المغاربة
في الدولة الاجتماعية إلى احتياط انتخابي ضيق خلال الاستحقاقات القادمة
تثمين مبادرة القيادة الحزبية الرامية إلى إعادة التوازن المؤسساتي من
خلال بناء جبهة للمعارضة تهدف إلى صيانة الخيار الديموقراطي
عقد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مجلسه الوطني، يومه السبت 27 يناير 2024، في ظل سياق تميزه التطورات المتلاحقة التي تطبع المشهد السياسي العام وطنيا وإقليميا وعالميا، والتي تفاعلت معهابلادنا بقيادة جلالة الملك بما يلزم من التبصر والحكمة، مما مكنها من تعزيز المكتسبات وتنويع الشراكات وترصيد الدعم الدولي لصالح قضية وحدتنا الترابية.
وإذ يثمن المجلس الوطني، جملة وتفصيلا، مضامين التقرير السياسي الذي تقدم به الأخ الكاتب الأول للحزب والتفاعل الإيجابي للاتحاديات والاتحاديين معه، يحيي النجاحات الديبلوماسية لبلادنا من أجل تحصين الوحدة الترابية، فإنهيشيدبالتطورات التنموية والاستثمارية التي تشهدها مناطقنا الجنوبية، ويحيي الأسلوب العقلاني الهادئ في مواجهة المحاولات اليائسة للخصوم لخلق جو التوتر بالمنطقة وصرف بلادنا عن المضيفيطريق التنمية الشاملة والريادة الإقليمية.
وفي هذا الصدد، يغتنم المجلس الوطني الفرصة ليجدد التأكيد على مواقف حزبنا المتضمنة في «نداء العيون» الذي ترجم الوفاء الدائم للاتحاد الاشتراكي، باعتباره تاريخيا ووظيفيا استمرارا لحركة التحرير الوطني الشعبية، لإجماع المغاربة حول تحصين الوحدة الترابية والانخراط في عملية الإقلاع التنموي الشامل لبلادنا.
كما يثمن المجلس الوطني مواقف بلادنا، رسميا وشعبيا، المتضامنة مع الشعب الفلسطيني ومبادرات جلالة الملك، رئيس لجنة القدس، لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، ودعم الحقوق الفلسطينية المشروعة.
وإذ يثمن الإجماع الوطني للمغاربة، والذي عكسه التضامن المنقطع النظير بين كل عناصر الأمة المغربية إثر فاجعة زلزال الحوز، فإن المجلس الوطني يعتبر أن التماسك الاجتماعي مدخل أساسي للدولة الاجتماعية، انسجاما مع شعارنا: «الدولة القوية العادلة والمجتمع الحداثي المتضامن». وانطلاقا من مرجعيته الاشتراكية الديمقراطية، يشدد على التلازم بين الديمقراطية والتنمية كخيارين استراتيجيين لإرساء مقومات دولة المؤسسات وسيادة القانون والحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية.
وإذ يسجل بارتياح كبير الأوراش الكبرى التي أطلقها جلالة الملك، سواء خارجيا في ما يتعلق بتنمية الواجهة الإفريقية الأطلسية وتمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، أو داخليا في ما يتعلق بالحماية الاجتماعية ومراجعة مدونة الأسرة، وتدبير إشكالات الفلاحة، الماء والطاقة، فإن المجلس الوطني يعبر عن قلقه الشديد من العجز السياسي والمؤسساتي والتواصلي الذي يعتري التدبير الحكومي في مواكبة هذه الأوراش الطموحة، وعدم قدرتها على تصريف التوافق المجتمعي حول الدولة الاجتماعية ومقتضياتها. ولعل التدبير الحكومي الارتجالي لملف التعليم وهدر الزمن التربوي خير دليل على العجز الحكومي. ويعتبر أن الحكومة، بتجاذباتها السياسية بين مكوناتها الداخلية وبحثها عن الخلاص الفردي، وبافتقادها للكفاءة السياسية والتشريعية والأخلاقية، لم تستطع التخلص من الهيمنة التقنية، والرفع من إيقاع أدائها لمسايرة الثورة الاجتماعية الهادئة التي أطلقها جلالة الملك.
وبعد مضي ما يقرب من نصف الولاية الحكومية، يؤكد المجلس الوطني على استفحال الوضع المؤسساتي الذي طبعه التغول منذ تشكل الحكومة كما نبه إلى ذلك حزبنا في حينه، إذ سعت مكونات الأغلبية الحكومية على المستوى المركزي، وفي الجهات والأقاليم والعمالات والجماعات، إلى تكريس منطق الهيمنة والتحكم. ورغم هذا النزوع الهيمني، لم تستطع مكونات الأغلبية ضمان التجانس بينها نظرا لبروز تناقضات وصراعات داخلها يتم تدبيرها بمنطق الغنيمة، وضدا على مصالح المغاربة. وتبعا لذلك، يستنكر المجلس الوطني هذا الوضع الذي فرض أولويات جديدة على الإدارة الترابية التي تم إثقال كاهلها بتدبير تناقضات الأغلبية. فالتغول الذي بدأ بإغلاق الأبواب على مختلف مكونات الأمة وبسط هيمنته أفقيا وعموديا على المؤسسات التنفيذية والتمثيلية، بات يتطاول على مؤسسات الدولة متحايلا عليها بتضليلها تكريسا لقوتها العددية.
وجوابا على هذه الاختلالات السياسية وتأمينا للمسار المؤسساتي السليم، يثمن المجلس الوطني مبادرة القيادة الحزبية الرامية إلى إعادة التوازن المؤسساتيمن خلال بناء جبهة للمعارضة تهدف إلى صيانة الخيار الديموقراطي. وإذ يثمن التنسيق مع حزب التقدم والاشتراكية وتطوير آلياته وطنيا ومحليا وقطاعيا، يؤكد على أهمية العمل معكل مكونات اليسار الوطني والفاعلين الاجتماعيين وكل الديمقراطيين لتفعيل مبادرات تهم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للشعب المغربي، وتهم الإصلاح المؤسساتي والسياسي الذي ينبغي أن يبدأ من الآن بإصلاح المنظومة الانتخابية.
وتأسيسا على ما سبق، يدعو المجلس الوطني إلى ما يلي:
أولا، دعوة كل مكونات اليسار الوطني إلى حوار موسع يتجه إلى المستقبل لاستشراف الأجوبة الممكنة لمعالجة إشكالية مساهمةالاشتراكية في البناء الوطني، ديمقراطيا وتنمويا، على ضوء التغيرات والتحولات المتسارعة.
ثانيا، العمل مع مختلف مكونات المعارضة المؤسساتية من أجل توفير شروط تقديم ملتمس رقابة بالنسبة لمجلس النواب، وتقديم ملتمس مساءلة الحكومة بمجلس المستشارين، وذلك ردا على محاولات الحكومة إفراغ المؤسسة التشريعية من محتواها وتعطيل أدوارها، خاصة في ظلتهرب رئيس الحكومة ووزرائها من جلسات المساءلة الشهرية والأسبوعية.
ثالثا، وقف كل محاولات الاستغلال السياسي للدعم الاجتماعي المباشر ورفض تحويل ثقة المغاربة في الدولة الاجتماعية إلى احتياط انتخابي ضيق خلال الاستحقاقات القادمة، في معاكسة صريحة لدعوة جلالة الملك لجعل مشروع الدعم الاجتماعي فوق كل الاعتبارات وخارج كل الأجندات الانتخابية. وهو ما يستدعي التدخل لإعادة الأمور إلى نصابها بتطبيق الفصل 159 من الدستور بدل الفصل 71 منه، بما يقتضي تحصين الدعم الاجتماعي المباشر بواسطة وكالة مستقلة غير خاضعة للسلطة الحكومية.
وفي ظل العجز الذريع للحكومة في مواجهة الاختلالات الاجتماعية وتدهور القدرة الشرائية للمواطن وتفاقم الفوارق الطبقية، يحمل المجلس الوطني الحكومة إلى مسؤولية الاحتقان الاجتماعي ومآلاته.
وفي الأخير، يحيي المجلس الوطني الدينامية التنظيمية التي يشدها الحزب، دوليا ووطنيا وإقليميا وقطاعيا، ويؤكد على ضرورة مواصلتها لنفس التعبئة والانضباط النضالي لإنجاز مهامنا السياسية في وفاء لقيمنا ومبادئنا الاتحادية وخدمة لمصلحة وطننا.