في تقديم كتاب: ” الحي المحمدي وجوه وأمكنة ” لحسن نرايس بالمحمدية .. كل العالم عند نرايس، مجرد ضاحية من ضواحي الحي المحمدي

احتضن فضاء 5 أكتوبر بمدينة المحمدية ، حفل تقديم وتوقيع كتاب: “الحي المحمدي وجوه وأمكنة ” للكاتب حسن نرايس، مساء الجمعة الماضي ، شارك فيه كل من الشاعر والكاتب عبد الحميد جماهري وعبد الإله رابحي وشفيق الزكاري، من تنظيم جمعية “هوس” بمناسبة إطلاق الخريطة الثقافية للجمعية.
وفي شهادة للشاعر عبد الحميد جماهري حول الكاتب حسن نرايس عنونها : ب “أبحث دوما عن عين ولد الحي الذي يداعب اللغة كإرث غيواني أمازيغي بيضاوي عْروبي عربي وفرنسي متجاور” قال جماهري إن “كل العالم عند حسن نرايس، مجرد ضاحية من ضواحي الحي المحدي ،
وما باريس سوى ريشة في حنين النورس إلى مداه.
ينازعني فيه الشاعرُ فيَّ، فيوحي إليَّ بأن أبدأ كالتالي:
كان العمر سيكون طقسا باردا، لو أنني لم أتعرف عليه، وهو يسرق الدهشة، كجِده الأمازيغي الأول من مدينة الإضاءات، ويحيلُ الكلماتِ إلى مخزون احتياطي واسع من النور… والصداقةَ إلى فصلٍ كامل في الغبطة.
ويصر الشاعر فيَّ أن أعود معه إلى الينابيع الأولى، بين أحضان الحي المحمدي، كما سمعته منه وهو يضع مِلْكِيته في القلب، ويَحُثني، كي أعود   معه إلى أسمائه التي تتلألأ الآن في ذاكرته وأراهن أنه كان سيقول في استكمال الجملة أسماؤه التي تتلألأ الآن في ذاكرتي كما الوشم في ظاهر اليد، كما هو الحال مع صعلوكه الأول طرفة بن العبد، الذي طافْت به باريس في ليالي المعرفة الفاخرة
وأضاف جماهري: “ينازعني فيه الصحفي فيَّ، ذاك الذي قادنا إلى المسرات معا، وأقول هذا الحي الْتمعَ باسمه، يستيقظ في ماكيت، كما يقول رفاقنا في المهنة، صنعها في الأعماق ساحرة وسحرية
ليستْ لدَيَّ عادةٌ بسيطة في تعريفه، حيث أسرد فيه سيرة غنية، بتواريخ مضيئة ومساهمات تفيض عن الصفحات والكتب وحياة شاسعة في الفن والأدب والصحافة والمواقف الانسانية وبراءة اختراع النكت الطازجة، لا يضاهيه فيه إلا القلة القليلة…”.وختم عبد الحميد جماهري شهادته بالقول “َمَنْ منا لم يطمح مثلا بأن يجودَ عليه مزاج الطيب الصديقي بعبارة خالدة مثل هاته؟
الحسن الذي وضع لروحه جناحين السينما والصحافة يسكن أيضا الشعر والرواية و يبدع في المسرح
ولهذا جاور الكثير من الخالدين فأصدقاؤه يمتدون من شكري إلى زفزاف إلى الخوري إلى خير الدين إلى نور الدين الصايل إلى محمد مفتاح ومحمد خيي ومحمد الشوبي ورفيق بوبكر، عبدالإله عاجل وفتاح النكادي وغير ذلك من الاسماء التي أسعفني في بناء صداقتها مشكورا وقلبُه
دليلُنا في محبته ومحبتنا
وفي قراءة عبد الإله رابحي لكتاب “الحي المحمّدي، وجوه وأمكنة” عنونها بـ”مديح المكان”، توقف رابحي عند قولة تشيخوف التي افتتح بها الأستاذ حسن نرايس ذخيرته المحمدية (نسبة للحي المحمدي)حين قال:” أول علامات الشيخوخة، أن تتحوّل من إنسان يحلم إلى إنسان يتذكّر” مؤكدا أنها تنطبق أيضا على المكان نفسه، ف”كلّما تأرجح المكان من الحلم إلى التذكر عبّر عن شيخوخته، عن تاريخه، عن عتاقته، عن ذاكرته الحيّة، لذا ترانا لا نعتني بأمكنتنا لأننا نبخس تاريخها الملتبس، مضيفا أن “ثمّة أشياء تظلّ مغروزة في رؤوسنا موشومة في ذاكرتنا” لأنّها ببساطة ترسّب الوقائع والأحداث والوجوه والكائنات الجامدة، والنابضة بالحياة بلبس في التقييم، وتمرّد عن التصنيف” .
حسن نرايس في هذا الكتاب، ثقول رابحي “ليس مؤرّخا يكتب الأحداث، بل أديبا يكتب الآثار المخلّفة في الدواخل من صهد الدروب وبردها، حرّها وقرّها، صيفها وشتائها فأي الفصول يعتمدها المكان، ويصدقها؟ … ومتى كان للمشاعر عقلا يؤدّبها؟ لقد كان حسن أكثر صدقا حين قال: ” الذاكرة قد لا تختزل المشاهد كما هي”، ولعل ” قد” التقليل هنا” إنّما تعود الى هذا اللبس الذي تفرضه علينا ذاكرة المكان،والذي يصل قمّته في هذا المزج العجيب بين القبح والجمال، بين المدح والهجاء والرثاء، استدراكه في قوله: ” كدت أقول إنّ تلك الأيام الخوالي، كانت بعضا من الزمن الجميل، لكنه أيضا زمن مضمّخ بقطران الفقر المدقع والجهل فوق جهل الجاهلينا” (ص29)… ؟
وختم رابحي قراءته بالوقوف عند العلاقة مع المكان التي اعتبر أنها “رغبة في أن نقبض على المنفلت، وقد كانت مايك بال على حق، ذات تشريح لتقنية الوصف، حين قالت: يستعصي وصفُ وصفِ الأمكنة لأننا لا نعرف من يصفها…ساردها أم شخوصها أم هي تنطق من تلقاء نفسها؟ “.


الكاتب : مصطفى الإدريسي

  

بتاريخ : 20/11/2024