في تقريره الأخير المرفوع إلى جلالة الملك مجلس المنافسة : دينامية النمو بعيدة عن بلوغ أهداف النموذج التنموي الجديد المحددة في 6 %

 

توزيع المحروقات في المغرب يدر على الشركات المهيمنة أرباحا عالية والمنافسة «شبه منعدمة»

المجلس أصدر عقوبات مالية تفوق 72 مليون درهم ضد شركات خرقت قوانين المنافسة

من أصل 29 شركة، أفريقيا و فيفو إنيرجي وطوطال تستحوذ على
54 % من مبيعات السوق

 

أكد مجلس المنافسة في تقريره السنوي الأخير برسم 2022 أن دينامية النمو الاقتصادي التي يسجلها المغرب «ليست في مستوى كاف يؤهلها لتلبية احتياجات الإقلاع الاقتصادي، وبلوغ الأهداف التي سطرها النموذج التنموي الجديد، من ضمنها تسجيل متوسط معدل نمو سنوي بنسبة تفوق 6 في المائة بحلول سنة 2035».
وأوضح التقرير الصادر في العديد الجديد من الجريدة الرسمية، أنه ثبت أن التوقعات المصاغة في بداية سنة 2021 ، والتي راهنت على إعادة ضبط ذاتي للأسواق عند الخروج من الأزمة الصحية، كانت في نهاية المطاف أقل واقعية بسبب سمات تطور العرض والطلب.
وفي إطار مهمته الرئيسية المتمثلة في ضبط الأسواق الداخلية وفق ما تمليه قوانين المنافسة، أكد المجلس أنه أصدر 177 قرارا و 4 آراء سنة 2022. وتغطي هذه القرارات والآراء مختلف مجالات تدخله، والمتمثلة في مراقبة التركيزات الاقتصادية ومحاربة الممارسات المنافية لقواعد المنافسة والبت في طلبات الرأي المندرجة في مهامه الاستشارية.
وتمثل المراقبة الاحترازية للتركيزات الاقتصادية، من حيث الحجم، العنصر الأساسي لنشاط الهيئات التداولية بمجلس المنافسة، حيث بلغ عدد القرارات الصادرة في هذا الشأن 142 قرارا بنسبة تبلغ 78 في المائة من مجموع القرارات والآراء الصادرة برسم 2022 . وتتكون الحصة المتبقية من القرارات ذات الصلة بالممارسات المنافية لقواعد المنافسة، بنسبة بلغت 19 في المائة من إجمالي نشاط الهيئات التداولية، وكذا الأنشطة الاستشارية بنسبة تبلغ 2 في المائة. وبصفة عامة، يتوافق هذا التوزيع مع ما هو معتمد من لدن سلطات المنافسة على المستوى المقارن.
وبخصوص الملفات التنازعية، ولأول مرة منذ إحداثه، عمل المجلس على تفعيل صلاحية إصدار العقوبات المنصوص عليها في القانون رقم 104.12 حيث أصدر، 31 قرارا فرض بموجبها عقوبات بغلاف مالي إجمالي قدره 72٫064 مليون درهم، ردا على ممارسات منافية لقواعد المنافسة رُصدت في إطار التحقيق في شكاية توصل بها المجلس، وكذا عدم التبليغ عن عمليات تركيز اقتصادي عالجها المجلس في إطار 3 إحالات ذاتية بالإضافة إلى عدم التبليغ عن عمليات تركيز اقتصادي عالجها المجلس في إطار 27 طلبا للتسوية.
من جهة أخرى ذكر المجلس في تقريره السنوي بالمبادرة التي قام بها لإبداء رأيه بهدف تحليل التذبذبات الأخيرة لأسعار بيع بعض المنتوجات والمواد، وتأثير الارتفاع الحاد للأسعار على السير التنافسي للأسواق الوطنية. ويأتي هذا القرار في سياق اقتصادي وطني مطبوع بتصاعد أسعار بيع المحروقات (الغازوال والبنزين) في المضخة في السوق الوطنية، والتي بلغت مستويات قياسية طيلة الأشهر الأولى من سنة 2022 .
وأكد المجلس أن أسواق التخزين والاستيراد تتميز بنسبة تركيز عالية حيث سجلت قدرات الموزعين في مجال تخزين الغازوال والبنزين ارتفاعا بنسبة 15 في المائة في الفترة الممتدة بين 2018 و 2021 ، بسعة بلغت 1،2 مليون طن سنة 2021 . ويثير مخزون الأمان للمنتجات النفطية إشكالية دائمة لكونه لا يستجيب للمستوى المنصوص عليه في النصوص التنظيمية، والمتمثل في 60 يوما من استهلاك المنتجات المكررة.
وتنطوي سوق الاستيراد على نسبة تركيز عالية للفاعلين فيها، إذ تنجز أربع شركات هي (أفريقيا، وطوطال إنيرجي و فيفو إنيرجي وبيتروم) ، قرابة 68 في المائة من حجم الواردات، وتتوفر على أزيد من 61 في المائة من قدرات التخزين المحدثة. كما نبه التقرير كذلك إلى أن سوق توزيع الغازوال والبنزين الوطنية تتسم كذلك بمستوى تركيز عال، إذ تضم 29 شركة وتستحوذ ثلاث منها (أفريقيا و فيفو إنيرجي وطوطال) على حوالي 54 في المائة من حصص السوق، بينما تنجز 6 منها نحو 70 بالمائة من المبيعات.
ولم يعمد الفاعلون سنة 2020 إلى تمرير انخفاض عروض الأسعار المسجلة عالميا إلا بشكل جزئي، وذلك بخفض أسعار البيع في السوق الوطنية بنحو 12 في المائة، في الوقت الذي تهاوت فيه أسعار برميل النفط الخام بنسبة 34 في المائة وأسعار شحن الغازوال على ظهر السفينة بنسبة 36 في المائة. ولم يقدم الفاعلون على تمرير ارتفاع عروض أسعار الغازوال العالمية سنة 2021 ، إلا بشكل جزئي، عبر رفع سعر البيع في السوق الوطنية بنسبة 11 في المائة فقط، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار برميل النفط الخام بنسبة 67 في المائة.
وأكد المجلس أن نشاط توزيع الغازوال والبنزين في المغرب يدر أرباحا عالية نظرا إلى مستويات المردودية المالية التي يمكن جنيها منه. غير أن هذه المردودية لا تحفز الفاعلين على التنافس بواسطة الأسعار، طالما أن النتائج الإيجابية ذات الصلة بحساباتهم المالية تظل مضمونة بغض النظر عن الظرفية أو عدد الفاعلين. ويعزى هذا الوضع بالخصوص إلى عدم تسجيل خروج لأي من الفاعلين في هذه الأسواق طوال العشر سنوات الماضية.
على ضوء هذه المعطيات، خلص المجلس إلى أن المنافسة بالأسعار في أسواق الغازوال والبنزين شبه منعدمة أو بالأحرى أبطلت، إذ لوحظ أنه في الوقت الذي تراجعت فيه الأسعار عالميا سنة 2020 وفي الربع الأول من سنة 2021 ، فضل هؤلاء الفاعلون مضاعفة هوامش ربحهم بدلا من السعي إلى الزيادة في حصص السوق بتطبيق تخفيضات هامة في أسعار البيع.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 31/10/2023