الذكور أكثر عرضة للسل وعدد الإصابات الجديدة سنويا يتجاوز 36 ألف حالة
كيف هي وضعية مرض السل في المغرب؟
إن مرض السل هو أحد مشكلات الصحة في العالم بأسره، وبحسب الدراسات والإحصائيات فهو يعتبر أحد العوامل العشرة المسببة للوفيات.
وبحسب لغة الأرقام تم خلال سنة 2016 تسجيل أكثر من 10 ملايين إصابة عبر العالم بالمرض، مقابل أكثر من مليون ونصف حالة وفاة، 95 في المئة منها سجلت بالدول الفقيرة أو تلك التي توصف بكونها في طريق النمو، هذا في الوقت الذي تؤكد فيه منظمة الصحة العالمية على أنه يتم تسجيل حوالي 600 ألف حالة إصابة بالسل المقاوم للأدوية في السنة الواحدة.
في المغرب، يصيب السل الذكور بنسبة 58 في المئة، والنساء بنسبة 42 في المئة، مابين 15 و 44 سنة وخلال الفترة مابين 2006 و 2016 بلغت نسبة حضور المرض ما بين 86 و 91 حالة جديدة لكل 100 ألف مواطن، بمعدل سنوي يصل إلى 36 ألف حالة إصابة جديدة، الأمر الذي يعتبر مقلقا رغم كل المجهودات التي تبذل في هذا الصدد، أخذا بعين الاعتبار أنه في الوقت الذي يعرف فيه السل الرئوي انخفاضا في المعدلات فإن السل غير الرئوي هو يواصل تقدّمه، كما هو الحال بالنسبة لسل الأمعاء، والسل اللمفاوي « سل الولسيس».
ماهي أعراض السل الرئوي؟
من أبرز أعراض السل الرئوي، السعال لأكثر من أسبوعين، الحمى، التعرّق ليلا، فقدان الشهية، النقص في الوزن، هذه الأعراض تستوجب زيارة المصاب بها للطبيب، وهنا يجب أن يعلم القراء بأنه في الدارالبيضاء هناك 10 مراكز مختصة في محاربة داء السل على صعيد كل عمالة، ويسهر الأطباء بها على اكتشاف المرض وتشخيصه بالأشعة وتحليلة البصاق بالمجان، وبعد التأكد من المرض يتم توجيه المريض صوب المركز الصحي القريب من محل سكناه لتسلم الأدوية التي يجب أن يتناولها بانتظام لفترة تتراوح ما بين 6 و 8 أشهر بدون انقطاع حسب كل حالة على حدة، لأن الانقطاع عن الدواء يؤدي إلى ظهور حالات للسل المقاوم للأدوية، والتي تتطلب علاجا يمتد إلى 24 شهرا، مع الخضوع على امتداد 8 أشهر للحقن وتناول حوالي 16 قرصا من الدواء بشكل يومي، أخذا بعين الاعتبار أن هذه الحالات أضحى كذلك من السهل اكتشافها بعد ساعتين من الخضوع لتحليلة الحمض النووي، خلافا لما كان عليه الوضع في السباق إذ كان يتعين انتظار مدة 3 أشهر لمعرفة إصابة المريض بالسل الرئوي المقاوم من عدمه.
p لكن السل يواصل زحفه على أجساد المرضى ويتسبب في عدد من الوفيات، فما هي أسباب ذلك؟
n إن الإصابة بالسل ترتبط بمحددات سوسيو اقتصادية تلعب دورا كبيرا في استمرارية انتشار هذا المرض، أهمها ظروف السكن، الفقر والهشاشة، الاختلاط، الكثافة السكانية الكبرى وسوء التغذية، إذ أن حوالي 70% من المرضى هم ينتمون إلى الأحياء الهامشية لكبريات المدن كالدار البيضاء، سلا، فاس وطنجة، وهي هوامش معروفة بكثافة ساكنتها وهشاشة أوضاعها المعيشية، وبالتالي وجب تظافر الجهود بشكل جماعي لمواجهة السل.
من جهة أخرى هناك نقص في مجال التحسيس إذ أن العديد من المواطنين هم غير ملمّين بالمرض وأعراضه بل وحتى بمجانية التكفل به، هذا المعطى الأخير المرتبط بما هو مادي قد نجده يحول دون توجّه المريض إلى الطبيب حتى يستفيد من الفحص والتشخيص لتفكيره في ثقل مادي قد تفرمل علاجه وتؤخر خطواته في هذا الصدد. حملات التحسيس هذه يجب أن تكون جماعية، وأن تولى أهمية كبرى، على غرار ماهو معمول به في العديد من الدول العربية، نموذجا، التي ينخرط الإعلام فيها بشكل قوي من أجل تسليط الضوء على حضور مرض السل ومسبباته وكيفية التعامل معه، وينبّه إلى خطورة البصاق في الشارع العام وتبعات ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، الأمر الذي وبكل أسف يغيب في إعلامنا بمختلف أنواعه، والحال أنه يمكن أن يساهم في الرفع من مستوى التثقيف الصحي للمواطن المغربي.
إن حالات الوفيات التي تسجل في صفوف عدد من المرضى هي حقيقة لايمكن إنكارها، لكن بالمقابل أصبح المغرب يتوفر في الفترة القليلة الماضية على علاج ثاني جد فعال في مواجهة السل المقاوم للأدوية، كما أنه يتم منح الأطفال أقل من 5 سنوات، الذين على صلة بمريض مصاب بالسل الرئوي المعدي، دواء وقائيا، وذلك كخطوة احترازية مخافة تعرضهم للعدوى، تفعيلا لتوجيهات منظمة الصحة العالمية.
ماهي النصائح التي يمكنكم توجيهها في هذا الصدد؟
أود التأكيد على أن مرض السل يمكن الشفاء والوقاية منه، وهو ينتج في معظم الأحيان عن جرثومة تصيب الرئتين، وينتقل من شخص إلى آخر عن طريق الهواء، فعندما يسعل أو يعطس أو يبصق الأشخاص المصابون بالسل الرئوي، فإنهم ينفثون جراثيم السل في الهواء، ولا يحتاج أي شخص إلا لاستنشاق القليل من هذه الجراثيم حتى يصاب بالعدوى.
إن الأشخاص الذين يشتكون من نقص في المناعة، خاصة الأشخاص المصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة السيدا أو بسوء التغذية أو بالسكري أو يتعاطون التبغ، يكونون أكثر عرضة لخطر الإصابة بالمرض.
عندما يصاب شخص ما بداء السل، قد تكون الأعراض بسيطة وتدوم عدة أشهر، والمتمثلة في السعال، الحمى، التعرق الليلي، فقدان الوزن، إلخ…، وهذا يمكن أن يؤدي إلى التأخر في التماس الرعاية ويؤدي إلى انتقال الجراثيم إلى أشخاص آخرين.
يمكن للشخص المصاب بمرض السل، الذي يختلط بأشخاص آخرين، أن ينقل العدوى إلى ما بين 10و15 شخصا خلال سنة، وإذا لم يعالج المصابون بشكل صحيح خلال فترة معينة، فإن ثلثهم سيلقون حتفهم.
يتم علاج مرض السل خلال دورة علاجية معيارية مدتها ستة أشهر، يزود خلالها المريض، بشكل مجاني وتحت إشراف وتتبع طبي من طرف أطباء مختصون، بأربعة أنواع من الأدوية المضادة للمكروبات، كما يقدم له الدعم والمعلومات الضرورية، والغالبية العظمى من حالات الإصابة بداء السل تجد طريقها إلى العلاج بمجرد تطبيق تعليمات الطبيب وأخذ الأدوية في الأوقات المحددة من طرف الطبيب المعالج.