في حوار مع مروان الراشدي نائب رئيس مقاطعة الحي المحمدي المفوض له الجانب الثقافي والرياضي

نسعى ليكون المهرجان الوطني لظاهرة المجموعات موعدا قارا يستقطب كل المجموعات بالمغرب

رغم الإقبال الجماهيري على المهرجان، والحضور القوي والكثيف، لم يسجل أي ارتباك أو فوضى، وهذا إن دل على شىء، فإنما يدل على وعي الساكنة ونضجها

 

كشف مروان الراشدي نائب رئيس مقاطعة الحي المحمدي المفوض له الشأن الثقافي والرياضي وعضو مجلس مدينة الدار البيضاء، أن الاهتمام بظاهرة المجموعات من خلال مهرجان وطني يقام كل سنة، هي قناعة كل مكونات المقاطعة والمجتمع المدني لعدة اعتبارات أساسية، بغض النظر على كون هذه الظاهرة نشأت وترعرعت بهذا الحي ومنه انطلقت إلى باقي ربوع المملكة، بل إن الاهتمام هو من أجل أيضا ضمان الاستمرارية من خلال الأجيال الجديدة الموهوبة.
وشدد مروان الراشدي على أن المقاطعة تسعى إلى تجويد هذا المهرجان من خلال إضافة واقتراح عدد من الأفكار التي سترى النور في القادم من الدورات على أرض الواقع.
في هذا الحوار، يفصل مروان الراشدي هذه الاقتراحات، ويبسط باسم مقاطعة الحي المحمدي والمجتمع المدني المحلي أهم ما ميز الدورة الأولى والثانية وما سيميز الدورات المقبلة من هذا العرس الفني الذي تسعى الجهة المنظمة لكي يكون موعدا سنويا قارا، يستوعب أكثر عدد من الفرق والمجموعات الغنائية على امتداد التراب الوطني.

o لماذا  مهرجان وطني  لظاهرة المجموعات؟ هل الأمر مرتبط  بنشوء  هذه الظاهرة  بالحي المحمدي؟

n كما يعلم الجميع، فإن الحي المحمدي حي الفن بامتياز، ومنه انطلقت أصوات  ومجموعات وفرق غنائية عديدة  من مختلف الأصناف. لكن يبقى أهم  مايميز  الحي المحمدي هو أنه كان الحاضنة الأولى  ومنطقة  النشأة والتأسيس لهذه المجموعات، ومنه انطلقت إلى باقي ربوع الوطن، لتتجاوز فيما بعد حدود الإقليم نحو العالم العربي ثم إلى العالم. من هنا، التقت إرادة فعاليات مقاطعة الحي المحمدي، مكتبا وأعضاء المجلس، وتم الاتفاق على احتضان هذه الظاهرة في منشأها الأصلي، والاحتفاء بها سنويا، والتأريخ لها من خلال المواضيع التي تكون  مثار نقاش كل دورة  من دورات المهرجان، وكذلك  الحرص على استمراريتها، من خلال تحفيز الجيل الجديد حتى تستمر هذه الظاهرة  التي نحتفي اليوم بمرور خمسين سنة على ولادتها.

o ما هي الإضافة الجديدة التي جاءت يها الدورة الثانية مقارنة مع الدورة الأولى؟

n بعد الإقبال الكبير والنجاح الباهر  الذي عرفته الدورة الأولى من كل الجوانب، أدخلنا  عددا من التعديلات على فقرات الدورة الثانية، التي رأينا  أنها ضرورية  لتجويد هذه التظاهرة الفنية والثقافية، وإعطاء إضافة جديدة للمهرجان في دورته الثانية. من ذلك، أن إدارة مهرجان المجموعات الغنائية، بعدما كانت تحت إشراف مقاطعة الحي المحمدي، تم إسنادها إلى فعاليات المجتمع المدني، حيث أصبحت تتشكل من ممثلين عن التنظيمات المدنية الفاعلة والمهتمة بالموضوع. وكذلك بعدما كانت السهرات الفنية تنظم في القاعات المغلقة، أصبحت تنظم في الهواء الطلق، بحكم الإقبال الكبير للمواطنين على فقرات المهرجان، سواء من أبناء الحي المحمدي أو من الدار البيضاء عموما  ومن خارجها أيضا. وكما لاحظتم ذلك، فمع هذا الإقبال الجماهيري على المهرجان، والحضور  القوي والكثيف، لم يسجل أي ارتباك أو فوضى، وهذا إن دل على شىء، فإنما يدل على وعي الساكنة ونضجها، ومدى تعطش المواطنين لمثل هذه  السهرات. كما أعطينا الأولوية أيضا في هذه الدورة  للندوات الفكرية، بل سلطنا الضوء على ظاهرة المجموعات، والبحث في سبل استمراريتها، إذ نظمنا الندوات خارج  أيام السهرات، بخلاف الدورة الأولى. كما حرصنا هذه السنة على أن نزاوج في الحضور بين  الرواد والمجموعات المحلية، بخلاف الدورة السابقة، التي كان الرواد لوحدهم والمجموعات لوحدها. وكما تتبعتم، فالسهرات جمعت الاثنين؛ الرواد، مثل تكادة، مسناوة، الغيوان، السهام، جيل جيلالة… وأيضا المجموعات المحلية بشرط أن تقدم الأغاني التي من إنتاجها هي، وليس إعادة غناء أغاني الرواد. وهذا ما ساهم  في إنتاج أعمال فنية جديدة. وبذلك، نكون قد حققنا فكرة الاستمرارية التي رسمناها أفقا لعملنا المتوخى من هذه التظاهرة الفنية. كما حرصنا أيضا على إضافة نمط غنائي جديد، في الدورة الثانية، ويتعلق الأمر بالظاهرة الكناوية.

o اخترتم المرحوم مولاي الطاهر الأصبهاني اسما  لهذه الدورة، لماذا  هذا الاسم بالضبط؟ وهل  كانت أسماء  أخرى في جدول  الاقتراحات؟

n كما أشرنا إلى ذلك سابقا، فالحي المحمدي هو مهد هذه الظاهرة، بمعنى أنه غني بالأسماء التي تستحق  التكريم والاعتراف، أسماء عديدة، مثل بوجميع، العربي بطمة، السوسدي، محمد بطمة… وغيرهم من الأسماء الكبيرة، لكن إدارة المهرجان مع مسؤولي المقاطعة، ارتأوا  إرسال رسالة وإشارة على أن الغاية من وراء تنظيم هذا المهرحان ليس أن يبقى حبيس الحي المحمدي وذا صيغة محلية، بل نريد أن تكون له صيغة وطنية. لذلك، قررنا الانفتاح على هرم من أهرامات هذه الظاهرة من خارج الحي المحمدي، ويتعلق الأمر بالفنان  مولاي الطاهر الأصبهاني رحمه الله، لنؤكد بالملموس أنه ليست هناك أية شوفينية، بل الهدف هو التأصيل لهذه الظاهرة  والسعي  إلى  استمراريتها  في كل أنحاء المغرب.

o لم يقتصر  المهرجان على ماهو غنائي، بل امتد إلى  مناقشة الكثير من القضايا من خلال عدة ندوات، ماذا  تقصدون من وراء ذلك؟

n انصب الاهتمام في الدورة الأولى على الغناء وحده  فقط، وطبعا فهذا له أهميته القصوى، كما أن المواطن في حاجة إلى ذلك، لكن إرادتنا أكبر من ذلك. لذلك، سعينا ليكون المهرجان مفتوحا على النقاشات الفكرية أيضا، فكانت ندوات مهمة، كما كان الاهتمام بطبيعة المجموعات الغنائية التي تتميز بالكلمة الهادفة  والرصينة وأيضا بالإيقاع. وفي هذا الإطار، نظمنا  ندوتين فكريتين مهمتين؛ الندوة الأولى قاربت موضوع «تأثير فنون القول في الغناء المجموعاتي»، والندوة الثانية تناولت موضوع «إسهام  الظاهرة المجموعاتية  في تثمين الإيقاعات المغربية»، وهو ما فتح النقاش  للجميع كي يدلوا بآرائهم ووجهات نظرهم، وشاركت  فيه أيضا المجموعات الغنائية المحلية الشابة المعنية بسؤال كيف تطور أداءها وعملها مستقبلا؟ ومن بين التوصيات التي انتهينا إليها، والتي يمكن تنفيذها في الدورة المقبلة، دعوة هذه المجموعات الغنائية إلى الاستغال على الإيقاعات المغربية المختلفة  كشرط  للمشاركة في الدورة الثالثة. كما أقمنا معرضا يؤرخ للظاهرة وتاريخ المجموعات الغنائية، وعلى وجه الخصوص مجموعة تكادة، لتعريف الأجيال الجديدة بالتاريخ، وكيف كانت البدايات وصولا  إلى تحقيق هذه النجومية. كما انفتحنا على الفن الكناوي. ويمكن أن  ننفتح في الدورات المقبلة على إيقاعات موسيقية أخرى.

o من خلال الأسماء المشاركة  في هذه الدورة، يبدو أن  أغلبها مرتبط.بالحي المحمدي كفضاء، ألم تتخوفوا  من اتهامكم بالشوفينية والتعصب للحي المحمدي؟

n أعتقد أن اختيار الفنان مولاي الطاهر الأصبهاني يؤكد  إرادتنا الحقيقية وحرصنا، كمسؤولين في مقاطعة الحي المحمدي، على ألا يكون المهرجان ذا طابع محلي، بل يمتد ليكون وطنيا. وكما هو معلوم، فقد تم تكريم  هذا الهرم الفني من خلال زوجته التي كانت حاضرة  في الجلسة الافتتاحية، وكذلك مشاركة جيل جيلالة ومجموعة أخرى من مدينة المحمدية.
من المحتمل أن تكون  الإمكانيات المادية لم تسعفنا بما يكفي من أجل الانفتاح أكثر  على مجموعات غنائية  من مدن أخرى، لكن نؤكد أننا سنسعى مستقبلا إلى دعوة  مجموعات غنائية من مدن مغربية مختلفة للمشاركة. فالغاية هي أن يكون المهرجان مفتوحا  في وجه كل الفرق المغربية من مختلف مناطق وطننا العزيز.

o هل تفكرون في تطوير المهرجان في القادم من الدورات؟

n في تقدير المنظمين، مسؤولي مقاطعة الحي المحمدي  والشركاء من المجتمع المدني، أن الدورة الأولى والدورة الثانية تشكلان مرحلة التأسيس، ولدينا طموح كبير لتطوير المهرجان حتى تكون له صبغة وطنية واضحة أكثر، وموعد قار يضبط به المغاربة  زيارتهم إلى مدينة الدار البيضاء مع موعد تنظيم أي دورة، كما هو معمول به مثلا في الصويرة لحضور مهرجان كناوة، وفي آسفي لحضور  مهرجان العيطة ط. ولنا أمل وطموح كبيران في أن يحظى مهرجاننا  بالرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

o فيما يخص الجانب التوثيقي، هل فكرتكم في ذلك  من خلال منشورات خاصة بالمقاطعة؟

n أكيد أن أي عمل غير مقرون بالتوثيق لامحالة فأثره إلى زوال. لذلك، نحرص على توثيق كل اللحظات، سواء بالنسبة لفقرات الدورة الأولى أو الثانية، حتى يبقى ذلك مرجعا للباحثين الشباب في هذا المجال وللمسؤولين  المقبلين قصد مواصلة وتنظيم هذه التظاهرة، كذلك لنا رغبة أكيدة  في حضور  الطلبة الباحثين من أجل التشبع  بهذا الفن الجميل ومعاينة فقراته عن قرب، وأن يصبحوا جزءا من فعالياته.

o ما رسالتكم، من خلال هذا المهرجان، إلى الساكنة وإلى  المواهب الجديدة؟ وهل هناك سياسة متبعة من طرفكم  لاحتضان المواهب صونا  لهذا التراث الفني  الذي انطلق من الحي المحمدي  ليغزو  المغرب كله، بل تجاوز  حدود الوطن؟

n بالنسبة للمجموعات الغنائية المحلية المتواجدة في مختلف ربوع المملكة، هناك أفكار  مطروحة لتطوير  المهرجان  من خلال مشاركتها، أي أنه قبل موعد تنظيم المهرجان، يتم تنظيم التباري بين هذه المجموعات التي لها رغبة في المشاركة، ومن تتأهل منها من حيث مستوى الكلمات والأفكار الجديدة والإيقاعات، تكون حاضرة بيننا. وبالمناسبة أيضا أشكر ساكنة الحي المحمدي، التي شاركت بشكل إيجابي في المهرجان من خلال حضورها الكبير، وتفاعلت مع فقراته بشكل تلقائي، وقدمت صورة راقية جدا. ونؤكد لها أننا، كمكتب مسير لمقاطعة الحي المحمدي وأعضاء المجلس، ملتزمون معهم كما التزمنا في هذا المهرجان وفي جميع الملفات والقضايا الأخرى التي تهم  الساكنة في حياتهم اليومية والبنيات التحتية، وسنعمل كل ما في وسعنا لتحقيق كل ذلك على أرض الواقع، وتلبية طموحاتهم  التي هي طموحاتنا، من أجل  حي جميل أنيق يشرف الساكنة ومدينة الدار البيضاء. كما أشكر رئيس مقاطعة الحي المحمدي لإيمانه بالفكرة واحتضانه لها إلى جانب أعضاء المجلس.
كما لايفوتني أن أتقدم بالشكر الجزيل باسم مكتب ومجلس المقاطعة للسيد عامل صاحب الجلالة لإقليم عين السبع الحي المحمدي على دعمه ومساندته لإنجاح المهرجان ومن خلاله إلى كل السلطات المحلية وإلى إدارة المهرجان كل بإسمه وإلى موظفي مقاطعة الحي المحمدي


الكاتب : أجرى الحوار: جلال كندالي

  

بتاريخ : 29/08/2023