في 16 مايو 2003، شهد المغرب سلسلة من الهجمات الإرهابية التي استهدفت عدة مواقع حيوية في الدار البيضاء ومدن أخرى، حيث نفذ عدد من الانتحاريين تفجيرات بأسواق ومقاه مكتظة مما أسفر عن مقتل العديد من المدنيين وإصابة المئات ،ً وكانت هذه الأحداث دافعًا لمراجعة شاملة للسياسة الوطنية في مواجهة ظواهر التطرف والتحديات الأمنية الأخرى حيث تم اعتماد استراتيجية وطنية شاملة لمحاربة التطرف ترتكز أساسا على إدخال تغييرات جوهرية على مستوى الإطار القانوني،
من خلال إصدار قانون مكافحة الإرهاب رقم 03-03، إضافة إلى ملاءمة التشريعات المغربية مع المعايير والقوانين الدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، كما أطلقت الدولة مشاريع وبرامج تنموية كبرى تستهدف محاربة الفقر والهشاشة، ضمن مقاربة تنموية واجتماعية تهدف إلى معالجة الجذور الاقتصادية والاجتماعية للتطرف، كما تم إصلاح الحقل الديني، عبر تنظيمه وهيكلته وفق منهج وسطي معتدل، إلى جانب إدخال إصلاحات جوهرية في المنظومة التربوية والتعليمية، فضلا عن إصلاحات مؤسساتية وأمنية عميقة.
وقد أسفر تطبيق هذه الاستراتيجية عن نتائج إيجابية، إذ أصبحت المقاربة الأمنية التي يقودها الملك محمد السادس نموذجا ناجحا على المستويين الداخلي والدولي، حيث بات المغرب مركًزا محوريًا في الدبلوماسية الأمنية وقاعدة صلبة لمواجهة الإرهاب والجريمة
المنظمة وفاعلا أساسيا في التصدي للمخاطر التي تهدد الأمن القومي، سواء القادمة من منطقة الساحل الإفريقي أو التهديدات التي قد تؤثر على استقرار الجوار الأوروبي والمناطق المحيطة، علما أن التحديات الإرهابية لا تزال تشكل تهديدا قويًا، نظرا للارتباط الوثيق بين المغرب ومنطقة الساحل التي تشهد توسعًا مستمرا في نشاط العمليات الإرهابية. خاصة أن العمليات تشمل تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين التابع للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بالإضافة إلى تنظيم داعش ولاية الساحل، المعروف أيضا بتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى.
وقد شكلت الضربة الإرهابية التي شهدها المغرب سنة 2003 رجة أمنية بالغة الخطورة، دفعت الدولة إلى إعادة النظر في استراتيجيتها الأمنية وتطوير آليات التنسيق بين مختلف الأجهزة المختصة .
ورغم أن ذكرى أحداث 16 ماي الإرهابية تُعيد إلى الذاكرة الوطنية جرحا عميقًا في الجسد المغربي، جرحا كشف عن وجود عقلية متطرفة دخيلة إلى لا تمت بأي صلة إلى التربة المغربية وإلى روحها المتشبعة بقيم الاعتدال والتسامح، فإن هذه الذكرى، رغم ألمها، تُعد محطة سنوية نستحضر من خلالها كيف تمكن المغرب، بفضل وعيه الجماعي ويقظة مؤسساته، من تحصين نفسه ضد هذا الوباء الفكري الذي يتنافى مع جوهر الإسلام ورسالة السلام التي يحملها. وقد استطاع المغرب ، بعد مرور
سنوات على تلك الفاجعة، أن يحقق إنجازات كبيرة في مجال الأمن الاستباقي وتفكيك الخلايا الإرهابية، حتى بات يُقّدم كنموذج دولي يُحتذى به.
كما أن المغرب ظل محصنًا بإمارة المؤمنين وبأجهزته الأمنية، وبالإجماع الوطني، في مواجهة كل محاولات الاختراق التي تسعى إليها جهات معادية أو تنظيمات متطرفة تنشط في بعض بؤر التوتر داخل القارة الإفريقية.
من التأسيس إلى التحديث ٠٠٠ميكانيزمات مديرية الأمن أمام ضيوف كبار
لقد شهدت الأجهزة الأمنية، منذ تاريخ صدور الخطاب الملكي، تطورًا لافتًا على مستوى التركيبة البشرية والعقلية، وعلى صعيد فعالية وعصرنة المعدات واللوجيستيك، فضلاً عن مواكبة تشريعية متقدمة، في إطار سياسة جنائية تستجيب لحاجيات المواطن في الأمن والاستقرار.
لقد كان من أولى ثمار فلسفة المفهوم الجديد للسلطة، النجاح الجماعي في تجاوز الأزمات والضربات الإرهابية، وعلى رأسها تفجيرات 16 ماي 2003، التي خرج منها المغرب قوياً، متحدًا ومتماسكًا، بفضل اعتماد مقاربة أمنية تشاركية، شملت إشراك الفاعل الإعلامي والحقوقي والمواطن. كما دشنت هذه المقاربة مرحلة جديدة من الإصلاحات العميقة، حملت معها تحولات ملموسة على مستوى تجديد الخطاب الديني، وخلق مؤسسات جديدة، وعلى مستوى التواصل والإعلام، والتراكم التشريعي والقانوني.
لم يتوقف طموح المغرب عند هذا الحد، فقد شهدت سنة 2018 زيارة تاريخية لجلالة الملك محمد السادس إلى مقر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (الديستي)، أعلن خلالها عن جيل جديد من العمل الأمني، وأسلوب حديث يروم الارتقاء بالأداء الأمني وتجويده، بفضل كفاءات أمنية وطنية ذاع صيتها خارج الحدود، حتى بات جهاز “الديستي” علامة فارقة في الجودة والفعالية لحماية الأشخاص والممتلكات، ولضمان السلم الاجتماعي.
وفي ذكرى التأسيس، يتم استحضار الزخم والتراكم الإيجابي الذي ساهم بشكل كبير في تطور المنظومة الأمنية بالمغرب، سواء على مستوى طرق الاشتغال والنتائج الملموسة، لاسيما انخفاض أو ارتفاع معدلات الجريمة، أو على مستوى ارتفاع نسبة ثقة المواطن المغربي في أجهزته الأمنية، وبفضل انفتاح الأجهزة الأمنية على الإعلام الوطني، والهيئات الحقوقية، وتنظيم أبواب مفتوحة أمام المواطنين لتمكينهم من الاطلاع على طريقة اشتغال المؤسسات الأمنية. كل ذلك من أجل الحفاظ على السلم الاجتماعي، كواحد من الغايات الكبرى للمفهوم الجديد للسلطة.
وهنا يجب استحضار ما قامت به الفرق التابعة للمكتب المركزي للاتحاد القضائية المعروف اختصارا بالبسيج بإحباط وتفكيك العديد من الخلايا الإرهابية، كان آخرها تفكيك “خلية الأشقاء” يوم 25 يناير 2025 بمنطقة حد السوالم، وكيف تم إفشال مخطط إرهابي بفضل يقظة الأجهزة وحنكتها الكبيرة. وهي العملية النوعية التي لاقت استحسانًا واسعًا لدى المواطنين، وزادت منسوب الثقة في المؤسسات الأمنية، وهو ما ينعكس إيجابًا على الحفاظ على السلم الاجتماعي.
فإذا كانت بعض الأنظمة تمنع المسيرات والوقفات في الشارع العام، فإن المغرب، بفضل الورش الملكي المتعلق بالمفهوم الجديد للسلطة، وبفضل مسؤولي أجهزته الأمنية، وكفاءتهم العالية وحسهم الوطني، يعطي الضوء الأخضر لتنظيم تلك المسيرات والوقفات، لارتفاع منسوب وعي المواطن المغربي بضرورة الحفاظ على الأمن والممتلكات والسلم الاجتماعي، باعتبار ذلك مسؤولية جماعية، في إطار مقاربة تضامنية وتشاركية.
وقد حرصت المديرية العامة على أن يتزامن الافتتاح الرسمي لهذه التظاهرة مع تخليد الذكرى 69 لتأسيس الأمن الوطني، وهي المناسبة التي تميزت بإقامة حفل رسمي بالفضاء المعد لتظاهرة أيام الأبواب المفتوحة بمدينة الجديدة، إلى جانب كبار الشخصيات المدنية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية المغربية، وفود تمثل أجهزة الأمن والاستخبارات الداخلية بمجموعة من الدول الشقيقة وممثلي منظمات دولية تعنى بالتعاون الأمني الدولي. بهذه المناسبة، استضافت المديرية العامة للأمن الوطني خلال احتفالات ذكرى تأسيسها السنوية الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، ورئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية أنتربول، ورئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، وأمين المجلس الأعلى للجامعة وبمشاركتها هذه الاحتفالات بحضور المدير العام للشرطة الوطنية الإسبانية، و المفوض العام للاستعلامات بالمملكة الإسبانية واللواء المسؤول عن الاستعلامات بالحرس المدني الإسباني، ومديرة التعاون الدولي الأمني بوزارة الداخلية الفرنسية، وعدد من ممثلي قادة الشرطة والاستخبارات في الدول الشقيقة والصديقة.
حفل التميز بين التكنولوجيا الحديثة والمهارات الخاصة
وانطلق هذا الحفل بكلمة للمديرية العامة للأمن الوطني، ألقاها عميد شرطة إقليمي، استعرض فيها دلالات تخليد الذكرى 69 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني، قبل استعراض غايات وأهداف تنظيم الدورة السادسة لأيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني، باعتبارها مبادرة مواطنة، تروم تعزيز الانفتاح المرفقي والتواصل المؤسساتي مع المواطنات والمواطنين، تلتها كلمات كل من رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية والأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، نوهت بمكانة المغرب ضمن منظومة التعاون الأمني الدولي.
وقد استهل الحفل باستعراض كبير لمختلف فرق ووحدات الشرطة من مختلف التخصصات، يتقدمهم حملة الأعلام وفصيلة فوج عمداء وضباط الشرطة بالمعهد الملكي للشرطة، تلتها مجموعة من الفصائل التابعة للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، ومن بينها الهيئة الحضرية وفرق السير والجولان وفرقة مكافحة العصابات والمحافظة على النظام والقوات الخاصة، حيث تم أيضا خلال هذا الاستعراض تقديم مختلف مركبات الشرطة وآليات التدخل والحماية والعمليات الخاصة، خصوصا تلك المختصة بتفكيك المتفجرات ومراكز القيادة المتنقلة وآليات مكافحة الشغب ومركبات التدخل والخفر ودوريات الشرطة.
ولأول مرة، شهد الاستعراض السنوي بمناسبة ذكرى تأسيس المديرية العامة للأمن الوطني، عرض جميع السيارات التابعة للشرطة، والتي تحمل الهوية البصرية الجديدة التي تتضمن اللغة الأمازيغية إلى جانب العربية والفرنسية، وذلك في إطار بلورة شراكة مع الوزارة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، تهدف إلى إدماج المكون الأمازيغي بشكل كامل على جميع عربات الأمن الوطني.
الدورية الذكية «أمان».. منظومة ذكاء اصطناعي بميزة صنع مغربي
تميز هذا الحفل، بعرض النموذج الأول من الدورية الذكية «أمان»، وهي عبارة عن سيارة دورية ذكية جرى تطويرها بشكل كامل من قبل الفرق الهندسية والتقنية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، تم تزويدها بمنظومة متكاملة للمراقبة البصرية بالكاميرات بزاوية 360 درجة، وهي المنظومة التي تم ربطها بتطبيقات القراءة الآلية للوحات ترقيم السيارات والتعرف على الأشخاص عن طريق قراءة بصمة الوجه.
هذه الدورية الذكية تتميز بقدرتها العالية على التحقق البصري من المركبات والأشخاص أثناء تجولها بالشارع العام، باستعمال منظومات مبنية على أساس نماذج للذكاء الاصطناعي، جرى تطويرها بشكل كامل من قبل مهندسي وتقنيي المديرية العامة للأمن الوطني، مع إدماجها وربطها بشكل آني مع قاعات القيادة والتنسيق والوحدات الشرطية الميدانية والمتنقلة.
وتمتلك هذه السيارة المطورة بقدرات محلية، كفاءة عالية في قراءة بصمة الوجه، كما يمكنها التعرف على المركبات المطلوبة، بالإضافة إلى امتلاكها نظاماً فائقاً في الاتصال والبث المباشر مع غرفة عمليات القيادة، حيث تنفرد هذه الدورية بعرض عدة أنظمة أمنية ذكية في شاشة كبرى تضيء مقصورتها الداخلية، ويمكن للدورية الأمنية المتطورة في المستقبل أن تلعب دورا محوريا في العمليات الأمنية الميدانية، من قبيل تنظيم حركية السير والجولان والتعامل مع بعض مظاهر الجريمة والانحراف.
توشيح حموشي توشيح للأمن المغربي
وقد تواصل هذا الحفل بقيام الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب ورئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بتوشيح المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني عبد اللطيف حموشي، بوسام الأمير نايف للأمن العربي من الدرجة الأولى والدرع الخاص به، والذي يمنح للشخصيات الأمنية القيادية التي كان لها دور مهم وإسهام متميز في ضمان الأمن والاستقرار على المستوى العربي، تقديرا للدور الذي يلعبه في تعزيز العمل العربي المشترك في مجال التعاون الأمني.
وإلى جانب العروض السمعية البصرية، تضمّن الحفل عروضا حيّة قدمتها مختلف وحدات وفرق الشرطة، من بينها عرض الفرقة الرياضية التابعة للمعهد الملكي للشرطة، والتي قدمت لوحة تعكس الجاهزية البدنية والذهنية لموظفي الشرطة المتدربين، وعروض لحملة السلاح مرفوقين بالفرقة الموسيقية، وعرضا مشتركا لفرقة الدراجيين وفرق الخيالة.
وقد تواصل هذا الحفل بتوشيح 11 من موظفي الشرطة العاملين والمتقاعدين، والذين أنعم عليهم جلالة الملك، بأوسمة ملكية سامية، من بينهم ستة موشحين بوسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الممتازة واثنين موشحين بوسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الأولى وثلاثة موشحين بوسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الثانية، قبل أن يتم اختتام الحفل بعرض شاركت فيه 600 طائرة درون صغيرة الحجم، صنعت لوحات تجسد رموز المملكة، ورحبت بالحاضرين كما تمنت لهم زيارة موفقة لتظاهرة أيام الأبواب المفتوحة.
أزيد من خمسين رواقا يجمع بين الإداري والميداني
فعلى غرار الدورات الخمس السابقة بمدن الدار البيضاء ومراكش وطنجة وفاس وأكادير، أعدت المديرية العامة للأمن الوطني هذه السنة، وعلى مساحة عشرين ألف متر مربع، فضاءات عرض متنوعة، تتكون من فضاءات مغطاة تتضمن أكثر من 50 رواقا تم تجميعها ضمن أروقة موضوعاتية، تعرض وفق تقسيم دقيق موجزا لمهن وتخصصات الشرطة، مع التركيز على تلك التي تتميز بعامل الجذب لدى المواطنين، من قبيل توظيف التكنولوجيا لخدمة الأمن والشرطة العلمية والتقنية والفرق الشرطية المتخصصة، فضلا عن فضاءات خاصة بالتوعية والتحسيس لفائدة الناشئة وكافة المواطنين.
يستقبل زوار تظاهرة الدورة السادسة لأيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني، فضاءٌ مخصصٌ لتقديم الاستخدامات الأمنية للتكنولوجيات الحديثة، من خلال أربعة أروقة، يقدم الأول، عبر زاوية عرض 360 درجة، النموذج الأولي من الدورية الذكية «أمان» التي طورتها الفرق التقنية التابعة للأمن الوطني،
فيما يعرض الرواق الثاني جانبا من استعمالات الطائرات المسيرة في مجال الدعم البصري للعمليات الأمنية الميدانية، من خلال استعمال منظومة متكاملة من الدرونات عالية الدقة والتكنولوجيا والقادرة على التصوير في مختلف الظروف العملياتية.
خصصت المديرية العامة للأمن الوطني رواقا متكاملا، يتضمن رؤية كاملة حول منظومة الشرطة العلمية والتقنية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، انطلاقا من التدخل للتعامل مع مسرح الجريمة مرورا عبر أروقة تتضمن شروحات مستفيضة مدعومة بعروض محاكاة حية لعمل مصالح المختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية، من قبيل فحص السموم ومعالجة البصمات والخبرات الجينية وتحليل الآثار الرقمية واستغلالها.
ويعكس هذا الفضاء التطور الذي وصلت إليه الشرطة العلمية والتقنية التابعة للأمن الوطني، والتي تحمل منذ سنة 2017 شهادة الجودة ISO 17025 عن مجمل أنشطتها في مجال الخبرات العلمية والتقنية، حيث ينقسم هذا الفضاء إلى جناح مركزي يتوسطه رواق الشرطة العلمية والتقنية ورواق محاكاة لمسرح جريمة، يسمح بتعريف الزوار بتقنيات وضوابط وأخلاقيات التعامل مع مسرح الجريمة، من خلال عروض تبرز استعمالات الوسائل التقنية الحديثة في استخلاص الأدلة والقرائن العلمية وحفظها وفق ضوابط مهنية صارمة تراعي المعايير الدولية المعمول بها.
وتحيط بمسرح الجريمة أروقة موضوعاتية تعرّف بمختلف تخصصات الشرطة العلمية والتقنية، ونذكر هنا على سبيل التحديد:
ينقل الزوار لاستكشاف خبايا التعامل مع البصمات اليدوية الكامنة واستعمالاتها في تحديد هوية الأشخاص بشكل سريع ودقيق وآمن، من خلال مطابقتها مع قاعدة المعطيات الديموغرافية التي تتوفر عليها مصالح الأمن الوطني وتعتبر الأكبر والأكثر شمولية بالمغرب.
كما يضم نخبة من رسامي الصور التقريبية العاملين بالأمن الوطني، وهم من خريجي معاهد الفنون الجميلة، يقدمون لمحة حول تقنيات رسم الصور التقريبية للأشخاص انطلاقا من معطيات تعريفية نظرية وأوصاف عامة، وذلك باستعمال أحدث تقنيات التعامل مع الرسومات ومعالجتها.
كما يتعرف الزوار أيام الأبواب المفتوحة على استعمالات منظومة AFIS للتعريف الإلكتروني التي تتوفر عليها المديرية العامة للأمن الوطني، وهي عبارة عن نظام معلوماتي جد متطور يعمل على معالجة المعطيات البيو مترية واستعمالها في تحديد هوية الأشخاص بالبصمات وسمات الوجه.
ويعرض هذا الرواق تكنولوجيات متطورة تمكن مصالح الأمن الوطني من استخلاص الحمض النووي وتشخيص البصمة الوراثية في زمن 90 دقيقة الذي يطابق المعيار العالمي المعتمد في هذا المجال.
فيما يعرض رواق مصلحة الخبرة على الأسلحة والذخيرة آليات إخضاع الأسلحة النارية لاختبار المقذوفات ومطابقتها مع قاعدة البيانات IBIS، التي تتضمن جميع الأسلحة النارية وأسلحة الصيد المرخصة على الصعيد الوطني، فضلا عن إمكانية تنقيط هذه الأسلحة ضمن قاعة بيانات الإنتربول للأسلحة المسروقة I-ARMS. كما يعرض آليات عمل مصالح الشرطة العلمية والتقنية وإخضاع عينات المخدرات المحجوزة لخبرات دقيقة تحدد أولا طبيعتها والمواد التي تركب منها، مع القدرة على التعامل مع أنواع متعددة من المخدرات الطبيعية والمستخلصات الكيميائية، كما يعرض هذا الرواق كيفية تحليل السموم وتحديد طبيعتها ومصدرها.
ويقدم هذا الرواق أحدث التقنيات والحلول المعلوماتية التي تتوفر عليها مصالح الأمن الوطني والموجهة لاستخلاص المعطيات الرقمية من دعامات التخزين والمعدات المعلوماتية واستغلالها في الأبحاث القضائية.
أما رواق الخبرة على المستندات والوثائق فيقدم نبذة عن الخبرة الشرعية المنجزة على مختلف الوثائق الإدارية والأوراق المالية الوطنية والأجنبية وتنقيطها على مستوى قاعدة البيانات الخاصة بالإنتربولI24/7.
أما رواق مكافحة التهديدات النووية والبيولوجية والكيميائية والمواد الإشعاعية فيعرض ترسانة من المعدات والموارد التقنية التي تتوفر عليها المديرية العامة للأمن الوطني في مجال رصد المواد المشعة والنشطة كيميائيا والتعامل معها.
وضمن فضاء واحد مندمج، تقدم المديرية العامة تجربة فريدة للتعرف على مختلف الفرق والوحدات الخاصة التابعة لقطب المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.
وهي وحدات النخبة الأمنية، تتكون من مجموعة متنوعة من عناصر الاقتحام والتدخل والقناصة المدربين على التعامل مع جميع التهديدات الإرهابية والأمنية وتأمين التظاهرات الكبرى. وهي فرق مجهزة بأحدث وسائل التدخل والأسلحة المتعددة المهام والاستعمالات، وقد شاركت عناصر هذه الفرقة بشكل فعلي في معظم عمليات تفكيك الخلايا الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة خلال السنوات المنصرمة.
وإلى جانب فضاء معدات العمل والتدخلات، تعرض القوة الخاصة التابعة لمراقبة التراب الوطني عينة من أحدث مركبات التدخل المصفحة والمجهزة لتنفيذ عمليات أمنية في جميع الظروف، فضلا عن فضاء يعرض بعض المعدات والأزياء الخاصة المستعملة للتخفي.
فيما يقرب رواق المجموعات المتنقلة للمحافظة على النظام المواطنين من تنظيم ومهام فرقة المحافظة على النظام، باعتبارها الوحدات النظامية المسؤولة عن تأمين التظاهرات الكبرى والتدخل لفرض النظام العام، مستعملة في هذه المهام معدات وظيفية للحماية والتدخل، تجمع بين الفاعلية في الحفاظ على سلامة موظفي الشرطة الجسدية وضمان أمن المواطنين وحماية أرواحهم.
فيما يتضمن رواق فرق مكافحة المتفجرات عرضا لمختلف التقنيات وروبوتات التدخل لتفكيك المتفجرات والتعامل مع الأجسام المشكوك فيها التي تتوفر عليها المديرية العامة للأمن الوطني، كما يمكن الزوار من تقاسم تجربة مجموعة من الكفاءات الأمنية العالية التدريب في مجال تفكيك المتفجرات.
رواق الفرقة المركزية للتدخل BCI يعرف بها وهي من فرق النخبة التابعة للأمن الوطني، ويحدد مهمتها في التدخل لتحييد الخطر في الوضعيات الأمنية الصعبة وفي الجرائم الخطيرة.
فيما رواق الشرطة السينوتقنية، أو الكلاب المدربة للشرطة، خصوصا الإمكانيات البشرية والمادية والقدرات الميدانية التي تتوفر عليها، من خلال عرض سلالات الكلاب المدربة المستعملة، وما تحظى به من رعاية صحية وتكوين في مختلف التخصصات.
كما يسلط هذا الرواق الضوء أيضا على بعض الكلاب المدربة التي حققت حصيلة تقنية استثنائية، وكذا الأزياء المهنية والمعدات الخاصة بالتدريب والتدخل، فضلا عن عرض نموذج من السيارات المجهزة الموجهة خصيصا لنقل الكلاب المدربة.
فيما فضاء السلامة الطرقية يعرف بمختلف الوسائل والآلية التي وضعتها المديرية العامة للأمن الوطني رهن إشارة فرق السلامة الطرقية، خصوصا أجهزة المراقبة الذكية لتجاوز السرعة ووسائل التوعية حول احترام قانون السير، كما يضم رواقا معدا بشراكة مع الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية يشمل مسارا مصغرا للتوعية بالسلامة الطرقية موجه للأطفال، وهو الفضاء الذي يعرض أيضا ولأول مرة جهاز محاكاة للقيادة، يقدم تجربة فريدة في توعية سائقي السيارات حول مخاطر وأخطار القيادة على الطريق.
فيما رواق شرطة الخيالة يعرض مجموعة فنية من الأزياء الوظيفية الخاصة بمختلف تخصصات شرطة الخيالة، وهي الأزياء التي تتنوع بين تلك الشرفية والمخصصة للتدخلات، فضلا عن أزياء دوريات شرطة الخيالة التي يتم تسييرها بالشواطئ والمناطق الغابوية والسياحية. ويعرض هذا الرواق أيضا مجموعة من الجوائز والميداليات والكؤوس التي أحرزها خيالة الأمن الوطني خلال مشاركتهم في مختلف المنافسات الرياضية على الصعيدين الوطني والدولي
ويقرب فضاء وثائق الهوية ومنظومة الهوية الرقمية الزوار من منظومة الهوية الرقمية التي طورها خبراء المديرية العامة للأمن الوطني انطلاقا من الإمكانيات التكنولوجية التي يوفرها الجيل الثاني من بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية، والمرتبط بمنصة الطرف الثالث الموثوق به للتحقق من الهوية، والتي تمكن المواطنين من الاستفادة من حزمة الخدمات العمومية والخاصة عن بعد ودون الحاجة للتنقل، كما يعرض هذا الفضاء ولأول مرة خدمة طلب بطاقة السوابق القضائية بشكل آلي. كما يتضمن أيضا جناحا خاصا بالجيل الجديد من سندات الإقامة الإلكترونية التي تمنحها المديرية العامة للأمن الوطني للأجانب الراغبين في الإقامة بالمملكة المغربية، يقدم شروحات وتوضيحات لزواره من المواطنين والأجانب والسياح حول المسطرة الخاصة بإنجاز هذه الوثيقة التعريفية. ويقدم أيضا نبذة متكاملة على «منظومة الطرف الثالث الموثوق به للتحقق من الهوية»، باعتبارها آلية معلوماتية متكاملة تسمح للمواطنات والمواطنين بالولوج الآمن لحزمة من الخدمات التي تقدمها القطاعات العامة والخاصة، بشكل يصون معطياتهم ذات الطابع الشخصي، من جهة، وتسمح لمن يحمل منهم بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية بالتعريف بنفسه والتحقق من هويته واستعمالها في مختلف المعاملات الإدارية والمصرفية، بشكل آني وآلي ومؤمن لدى مزودي الخدمات، من جهة ثانية.
بينما رواق الحدود الذكية يقدم محاكاة عملية حول آخر التكنولوجيات والحلول الذكية التي تستعملها شرطة الحدود المغربية في ضمان انسيابية المسافرين وعبورهم السلس والآمن عبر المنافذ الحدودية الوطنية، وذلك من خلال بوابة العبور الجديدة المدمجة بنظام تدبير المنافذ الحدودية SGPF.
رواق الحماية القانونية للنساء والأطفال:
يستعرض المنصة الرقمية «طفلي مختفي»، التي طورها خبراء مصالح الشرطة للبحث عن الأطفال المصرح باختفائهم عبر تسخير مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن رواق مخصص للتعريف بالآلية الوطنية للتكفل بالنساء ضحايا العنف وآخر مخصص للتوعية الصحية والنفسية لفائدة الناشئة.
فضاء متحف الأمن الوطني:
إلى جانب الفضاء المخصص لعرض مجموعة من السيارات التاريخية التي تم استعمالها من قبل مصالح الشرطة على مدار 69 سنة من تاريخ تأسيس الأمن الوطني، فقد جهزت المديرية العامة للأمن الوطني فضاءً خاصا يعرض مجموعة من التجهيزات التي تتنوع بين أزياء وظيفية ووسائل اتصال وكاميرات تعود لفترات تاريخية متنوعة، طبعت تاريخ مؤسسة الأمن الوطني.
ما يشبه الختم
أمام التحديات الأمنية التي يواجهها المغرب، يبرز اسم عبد اللطيف حموشي كعنوان لثقة متجددة في كفاءة استثنائية ونادرة في زمننا هذا.
بصمته الهادئة، صراحته الهادفة، يقظته وفطنته وروحه الوطنية، كلها مميزات جعلت من حموشي ربما الشخص الوحيد الذي أعاد رسم صورة رجل الأمن كما يتمناها المغاربة: صامتٌ لا يتكلم كثيرًا، لكنه كثير الفعل حينما تستدعي الضرورة، وحازم حين يتعلق الأمر بأمن الوطن والمواطنين.
وفي ذكرى تأسيس الأمن الوطني، بدا حضور عبد اللطيف حموشي جليًا في كل تفاصيل الصورة، مُجسِّدًا مؤسسة مواطِنة لا هدف لها سوى خدمة الوطن والوفاء له.