«أتمنى أن تكونوا بخير أهلنا بالدار البيضاء».
بهذه الكلمات المكثفة بكل معاني الانتماء الى الإنسانية، خاطب المفكر وعالم الاجتماع الفرنسي جاك أتالي المغاربة عبر شريط فيديو قصير، لكنه محمل بالدلالات العميقة وبرؤية استشرافية لما بعد هذه المرحلة العصيبة التي يجتازها العالم اليوم، وضمنه المغرب بعد تفشي وباء كورونا المستجد.
وببعد نظره وبرؤية نقدية ، شدد أتالي على أن الأزمة التي يمر منها العالم اليوم، أبرزت أن الحاجة أضحت ملحة اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، إلى الاهتمام بالقطاعات التي أبدت تعاطفا أكثر ووجدت في الصفوف الأمامية لمواجهة هذا الوباء وهي قطاع الصحة بكل مهنه ومؤسساته الاستشفائية وتجهيزاته، وهي حاجة تتشابه فيه كل الدول وليس المغرب وحده.
القطاعات التي أثبتت اليوم أولوية العناية بها، دفعت جاك أتالي الى التأكيد على أننا اليوم، والآن، مدعوون إلى الاهتمام بنوع جديد من الاقتصاد أسماه بـ»اقتصاد الحياة»، وهو اقتصاد يضعنا أمام سؤال جوهري يتعلق بالحياة في المستقبل من الأيام. الحياة التي تجعل أهم أولوياتها وركائزها: الصحة التغذية، التعليم، والبحث العلمي، الثقافة، الديمقراطية، الشفافية والسؤال الأمني والطاقات المتجددة، ما يعني أننا مقبلون على تغيير جذري في أولويات الحياة.
وأضاف أتالي في كلمته الموجهة إلى المغاربة أنه «بفضل وبسبب وبالرغم من هذه الأزمة، تعلمنا درسا أساسيا يتعلق بإدراك معنى الحياة أكثر من أي شيء آخر»، لأن رغبة الناس في الحياة تظل هي الأقوى،متمنيا من الجميع عدم نسيان هذا الدرس، في العالم وفي إفريقيا هذا الفضاء الشاسع الذي تشير التوقعات الى أنه بحلول 2050، سيعرف انفجارا ديمغرافيا مضاعفا.
ودعا أتالي المغاربة إلى بناء مغرب جديد ، مغرب في حاجة إلى مؤهلات وطاقات وعلوم وجهود أبنائه من أجل الحياة.
وكان المفكر جاك أتالي قد نشر أيضا في مدونته مقالا حول تداعيات فيروس كورونا، تحدث فيه عن التغييرات التي ستطال بنيات العولمة التقليدية، كما ستعيد بالتالي تشكيل ثوابت المجتمعات وأنماط الاستهلاك بها، مشيرا إلى أننا سنشهد ولادة سلطة شرعية جديدة لا تستند الى القوة أو العقل، بقدر ما تتأسس على التضامن والتعاطف خلال الأزمات، داعيا في النظر بعيدا «أمامنا وخلفنا لفهم ما يحدث في العالم بالضبط»، والعودة الى أساسيات الحياة حتى لا يتحول الكوكب الذي نعيش فيه الى «حقل من الأنقاض والخرائب».
ويعتبر أتالي من أكبر المفكرين والاقتصاديين في فرنسا، وواحدا من الشخصيات المؤثرة عالميا، شغل سابقا منصب مستشار سياسي للرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران، كما ترجمت أعماله الى 30 لغة.
من مؤلفات جاك أتالي المزداد بالجزائر في 1943: «غدا من سيحكم العالم»، «آفاق المستقبل»،»كارل ماركس أو فكر العالم»، «اليهود والعالم والمال»، «الأزمة، وماذا بعد؟»، «التحليل الاقتصادي للحياة السياسية».
في رسالة وجهها للمغاربة : جاك أتالي يؤكد قدرة المغرب على التعافي بفضل طاقات أبنائه
الكاتب : حفيظة الفارسي
بتاريخ : 09/04/2020