في زمن الحق في المعلومة : الوكالة الوطنية للتأمين الصحي تتجاهل أسئلة «الاتحاد الاشتراكي» بعد تأكيد استعدادها الردّ عليها منذ أكثر من شهر ونصف

 

تعرف بلادنا منذ أسابيع غليانا بسبب مطالبة أطباء القطاع الخاص بمراجعة التعريفة المرجعية الوطنية التي تم توقيعها أول مرّة في 2006، وتقرر حينها مراجعتها كل 3 سنوات، الأمر الذي لم يتحقق، إذ ظلت نفس الاتفاقية سارية المفعول، ويتم بناء عليها تعويض المؤمّنين عن مصاريف ملفاتهم المرضية باحتساب فحص طبي عند الطبيب العام، نموذجا، على أساس 80 درهما، وعند الطبيب الاختصاصي على أساس 150 درهما، إضافة إلى تدخلات أخرى، والحال أن الواقع يعتبر بعيدا كل البعد عن هذه التسعيرة، مما يخلق سجالات وصدامات بين المواطنين والأطباء في العيادات والمصحات.
اتفاقية يؤكد المختصون على أنها سجينة الماضي، لم تستحضر التطورات المتسارعة وارتفاع الأسعار في كل المجالات، مما يجعل المواطنين المؤمّنين يتحملون أكثر من 54 في المئة من مصاريف العلاج من جيبهم الخاص، وهو ما يجعل الكثيرين وبسبب الهشاشة وعدم القدرة على تسديد هذه المصاريف يكتوون بتبعات أمراضهم. وضعية معتلّة، دفعت “الاتحاد الاشتراكي” إلى الاتصال أولا، بمسؤولي الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، وتوجيه أسئلة كتابية إليهم بعد الاتفاق معهم على هذه الخطوة في 24 يناير، أرادت الجريدة من خلالها الوقوف على مكمن الخلل والأسباب التي دفعت إلى عدم مراجعة هذه الاتفاقية، والاستفسار عن المانع الذي حال دون دخول الاتفاقية الأخيرة التي تم توقيعها حيّز التنفيذ، وكذا معرفة موقف هذه الوكالة التي من مهامها ضبط وتأطير نظام التأمين الصحي الإجباري الأساسي عن المرض، والسهر على احترام مقتضيات القانون المتعلقة بالتغطية الصحية وكذا تدبير الموارد الممنوحة لنظام المساعدة الطبية “راميد”، من احتجاجات أطباء القطاع الخاص والمصحات الخاصة، والدور الذي يمكنها أن تقوم به لتوحيد الرؤى مع الصناديق الاجتماعية للمساهمة الجماعية في تطوير المنظومة الصحية وتلبية احتياجات المواطنين، خاصة في سياق التنزيل لمقتضيات ورش الحماية الاجتماعية وعلى رأسه تعميم التغطية الصحية، مع ما يعني ذلك من إكراهات وتحديات.
أسئلة، تم تأكيد التوصل بها من طرف مسؤولي الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، مع تقديم وعد بتقديم أجوبة بخصوصها، الأمر الذي تأخر في البداية تحت مبرر عقد المجلس الإداري، ولاحقا عند استفسارنا من جديد تم إخبارنا بأن المدير العام أعطى الصلاحية للمصالح المعنية بتوفير الأجوبة، الأمر الذي لم يتحقق، مما جعلنا نتصل من جديد للتذكير، فكان الجواب أن المسؤول الأول عن الوكالة وافق على تقديم الأجوبة وبأنه سيتم إعدادها وإرسالها، وظل الوضع على نفس المنوال إلى أن انصرمت أكثر من شهر ونصف عن إرسال أسئلة تشغل بال المهتمين بالشأن الصحي والمواطنين، وينسجم طرحها مع مقتضى دستوري، الذي أكد على الحق في المعلومة، من أجل تقديم التوضيحات اللازمة، خاصة وأن هذا الملف تحيط به علامات استفهام عديدة تزيد من غموضه وتعقّده، بشكل غير مفهوم؟
تسويف ومماطلة لأكثر من شهر ونصف، قامت بهما إدارة مؤسسة عمومية ممولة من المال العام، تسهر على ضمان تنزيل حق دستوري بشكل سليم، ويتعلق الأمر بالفصل 31 من دستور 2011، وتؤكد على أن لها رؤية جديدة تتمثل في “العمل بكل شفافية وفعالية على الاستجابة الفورية لانتظارات الفاعلين والمتدخلين في المجال”، لكن يبدو أن هناك خلفيات أخرى تتحكم في طبيعة تفاعلاتها، تنهل مما هو حزبي وتصب في ما هو أغلبي، مما يعتبر شكلا جديدا من أشكال التواصل الديمقراطي ومنظورا آخر لتقوية دولة المؤسسات والمساهمة في تطوير العمل الصحفي في بلادنا؟


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 09/03/2022