قال النائب البرلماني محمد الملاحي إن»مناقشة الفريق الاشتراكي اليوم لمشاريع القوانين الرامية لتسوية الإشكالات الاجتماعية والقانونية والعقارية التي أنتجتها وخلفتها القوانين المعمول بها لما يناهز قرن من الزمن، تأتي في سياق ما تحقق من إصلاحات ومكتسبات مهمة في مجال الحقوق والحريات بفضل تقاطع إرادة جلالة الملك محمد السادس وإرادة الحركات النسائية والمنظمات الحقوقية والقوى السياسية الحية ببلادنا، التي ناضلت من أجل تكريس وترسيخ قيم ومبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية».
وأوضح محمد الملاحي، في الجلسة العمومية ليوم الثلاثاء الماضي، أن الإرادة الملكية تجسدت في العديد من المناسبات كان أهمها، كل من الرسالة الملكية التي وجهها جلالته للمشاركين في المناظرة الوطنية للعقار بالصخيرات سنة 2015 والتي دعا فيها إلى إيجاد حل نهائي لإشكالية الأراضي الجماعية والسلالية والدعوة إلى إصلاح هذه الأراضي وفتح حوار وطني بشأنها لمساهمة في التنمية في إطار مبادئ الحق والعدالة، وكذا الخطاب الملكي السامي أمام أعضاء مجلسي البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة، يوم الجمعة 12 أكتوبر ،2018 الذي دعا فيه إلى تعزيز المكاسب المحققة في الميدان الفلاحي، وخلق المزيد من فرص الشغل والدخل، وخاصة لفائدة الشباب القروي، بهدف انبثاق وتقوية طبقة وسطى فلاحية، وجعلهاعامل توازن ورافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على غرار الدور الهام للطبقة الوسطى في المدن، مؤكدا على توجيه الحكومة لبلورة آليات مبتكرة لمواصلة تحفيزالفلاحين على المزيد من الانخراط في تجمعات وتعاونيات فلاحية منتجة.
كما أكد جلالة الملك محمد السادس، يضيف النائب البرلماني الاتحادي، أن تعبئة الأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية قصد إنجاز المشاريع الاستثمارية في المجال الفلاحي لايمكن إلا أن تشكل رافعة قوية لتحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي وخاصة لذوي الحقوق. كما أكد في ذات الخطاب على تعزيز التضامن بين مختلف الشرائح الاجتماعية، وتحسين ظروف العيش المشترك بين جميع المغاربة، والحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية.
وفي هذا الصدد قال النائب البرلماني، خلال مناقشة ثلاثة مشاريع قوانين تتعلق بأراضي الجماعات السلالية، «إن إصلاح الإطار القانوني المنظم للجماعات السلالية لملاءمتها مع السياق الاقتصادي والاجتماعي والقانوني، والحد من الاختلالات والصعوبات والاكراهات التي يعرفها هذا النظام العقاري، بعد مصادقتنا اليوم على مشاريع القوانين الثلاثة، يتطلب تعبئة كل الإمكانيات المادية والبشرية من أجل الاستغلال والاستثمار الناجع للأرصدة العقارية المتاحة والخالية من المشاكل والتي يمكن توظيفها لخلق التنمية المحلية».
كما يتطلب، إلى جانب إصلاح المنظومة القانونية، يضيف الملاحي، تعبئة الرصيد العقاري لإحداث التجهيزات العمومية وإنجاز مشاريع الاستثمار في مختلف الميادين وخاصة في الميدان الفلاحي، وتعبئة الأراضي الفلاحية الجماعية للاستثمار في الميادين الفلاحية والتجارية والخدماتية بما يمكن من توفير فرص كثيرة للشغل وخلق الثروة والمساهمة في الاقتصاد الوطني.
وشدد النائب البرلماني الاتحادي، باسم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، على ضرورة جعل الأراضي الجماعية فضاءً لاستقرار جزء هام من ساكنة العالم القروي، وخاصة الشباب منهم، من خلال تمكينهم من الاستثمار في هذه الأراضي وبالتالي خلق فرص الشغل والتشغيل الذاتي، وكذا الارتقاء الاجتماعي بساكنة العالم القروي كعنصر ارتكاز في التنمية ومحاربة الفقر واكتساب وسائل العيش الكريم، بالإضافة إلى العمل على توجيه كل المبادرات إلى السكان القرويين، وخاصة الشباب منهم، وتأطيرهم في أفق خلق طبقة فلاحية متوسطة في العالم القروي.
وأوضح الملاحي أن الحركات النسائية والمنظمات الحقوقية والقوى السياسية الحية ساهمت طيلة عقود في الترافع من أجل ترسيخ منظومة الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وملاءمة تشريعاتنا الوطنية مع المبادئ الكونية للمساواة والعدالة وحقوق الانسان، خاصة بعد أن صادق المغرب على العديد من الاتفاقيات الدولية كاتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، التي من أهدافها حماية النساء في كافة المجالات، والعمل على تمكينهن من حقوقهن من خلال حث الدول على اتخاذ كافة التدابير السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والمجالية، الكفيلة بالنهوض بأوضاعهن، وتضمين الوثيقة الدستورية للعديد من الأحكام والمقتضيات الرامية إلى تفعيل مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق والحريات، ومكافحة كل أشكال التمييز بين الجنسين.
وأكد النائب البرلماني الاتحادي على ضرورة تقوية طبقة وسطى بالقرى، تنبثق من الأسر المعوزة المستقرة في البوادي عبر تمكينها من ظروف مناسبة للرقي الاجتماعي، وهو مطلب يعكس حرص الفريق الاشتراكي الدائم على المساهمة في النقاش العمومي حول كل القضايا المجتمعية ذات الراهنية، و»إيمانا منا بأن التوجه نحو جعل الأراضي الجماعية رافعة قوية لتحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي لذوي الحقوق، والحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية وجعل المغرب أرض التضامن والتماسك الاجتماعي».
وللإشارة، صادق مجلس النواب، في جلسة عمومية أول أمس الثلاثاء، بالإجماع، على ثلاثة مشاريع قوانين تتعلق بأراضي الجماعات السلالية.
ويتعلق الأمر بمشروع قانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، ومشروع قانون رقم 63.17 المتعلق بالتحديد الإداري لأراضي الجماعات السلالية، وبمشروع قانون رقم 64.17 المتعلق بتغيير الظهير الشريف رقم 1.69.30 الصادر في 10 جمادى الاولى 1389 (25 يوليوز 1969) بشأن الأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري.
يذكر أن مشروع قانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، يهدف إلى إعادة صياغة الظهير الشريف المؤرخ في 27 أبريل 1919 بشأن تنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، وتحيينه شكلا ومضمونا.
وتتلخص الخطوط العريضة لهذا النص في تحيين وتوحيد المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالجماعات السلالية وأملاكها، وتقييد اللجوء إلى العادات والتقاليد في تدبير شؤون الجماعات السلالية واستغلال أملاكها، واعتمادها في الحدود التي لا تتعارض مع النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، وتكريس المساواة بين المرأة والرجل أعضاء الجماعة السلالية في الحقوق والواجبات طبقا لأحكام الدستور، وتحديد كيفية اختيار نواب الجماعة السلالية والالتزامات التي يتحملونها، وكذا الالتزامات التي يتحملها أعضاء الجماعة والجزاءات المترتبة عن الإخلال بهذه الالتزامات.
ويتوخى مشروع القانون أيضا إعادة تنظيم الوصاية على الجماعات السلالية من خلال إحداث مجالس للوصاية على الصعيد الإقليمي، إلى جانب مجلس الوصاية المركزي، وتحديد اختصاصات هذه المجالس، وفتح إمكانية إسناد أراضي الجماعات السلالية المخصصة للحرث، على وجه الملكية، لفائدة أعضاء الجماعات السلالية من أجل تمكينهم من الاستقرار في هذه الأراضي وتشجيعهم على الاستثمار فيها، وفتح إمكانية تفويت أراضي الجماعات السلالية للفاعلين الخواص إلى جانب الفاعلين العموميين لإنجاز مشاريع الاستثمار، مما سيمكن هذه الأراضي من المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة؛ وإعادة النظر في كيفية كراء عقارات الجماعات السلالية، من أجل تشجيع الاستثمار، خاصة في الميدان الفلاحي، وتحديد مدة الكراء حسب طبيعة المشروع الاستثماري المراد إنجازه.
أما النص الثاني المتعلق بمشروع قانون رقم 63.17 المتعلق بالتحديد الاداري لأراضي الجماعات السلالية، فيرمي إلى إعادة صياغة الظهير الشريف المؤرخ في 18 فبراير 1924 المتعلق بالتحديد الإداري لأملاك الجماعات السلالية وتحيينه شكلا ومضمونا.
ويتضمن هذا النص تبسيط المسطرة من خلال جعل الإشهار ينصب على المرسوم المتعلق بتعيين تاريخ افتتاح عمليات التحديد دون طلب إجراء التحديد الذي لا داعي لإخضاعه للإشهار، وتقليص أجل تقديم التعرضات ضد مسطرة التحديد الإداري من ستة أشهر إلى ثلاثة أشهر على غرار الأجل المحدد لتقديم التعرضات في الفصل 5 من الظهير الشريف الصادر في 3 يناير 1916 المتعلق بتحديد أملاك الدولة، وسن بعض القواعد المتعلقة بالإجراءات التي يقوم بها المحافظ على الأملاك العقارية بشأن التعرضات على التحديد الإداري، والبت في هذه التعرضات من طرف القضاء، وفتح إمكانية تجزيء المسطرة حينما يكون التحديد الإداري موضوع تعرضات تشمل جزءا من العقار موضوع التحديد، وذلك من أجل المصادقة على الجزء الخالي من التعرضات، في انتظار البت في التعرضات التي تثقل الجزء الباقي.
أما مشروع قانون رقم 64.17 المتعلق بتغيير الظهير الشريف رقم 1.69.30 الصادر في 10 جمادى الاولى 1389 (25 يوليوز 1969) بشأن الأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري، فينص على استثناء الأراضي المشمولة بوثائق التعمير من تطبيق أحكام الظهير المذكور، لكونها فقدت الصبغة الفلاحية، حتى يتسنى تخصيصها للاستعمالات التي تتناسب مع طبيعتها، وتحديد كيفية تبليغ لائحة ذوي الحقوق، بعد حصرها من طرف نواب الجماعة السلالية، باعتبارها نقطة الانطلاق لعملية التمليك، وتخويل مجلس الوصاية الإقليمي صلاحية البت في الطعون التي يمكن أن تقدم ضد اللائحة.
يذكر أن مساحة الأراضي السلالية تقدر بحوالي 15 مليون هكتار، تستفيد منها ساكنة تقدر بحوالي 10 ملايين نسمة، موزعة على 4563 جماعة سلالية يمثلها 8500 نائب ونائبة، وهو ما يؤهل هذا الرصيد العقاري الهام للقيام بدور أساسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
وبهذه المناسبة، قال الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية نور الدين بوطيب، في معرض تقديمه لمشاريع القوانين الثلاثة، إن المصادقة على هاته المشاريع ستمكن من إخراج هذا الإصلاح إلى الوجود بعد انتظار طال أمده، مبرزا أن الإصلاح لم يأت من فراغ بل جاء نتيجة تراكمات وتطورات متتالية خلال السنوات الماضية.
وأبرز بوطيب أن مشاريع القوانين أخذت بعين الاعتبار تطلعات ذوي الحقوق واستجابت للتعليمات الملكية السامية، مشددا على أن المصادقة عليها ستفتح عهدا جديدا ليس فقط بالنسبة لذوي الحقوق أعضاء الجماعات السلالية، بل إن الآثار الإيجابية لهذا الإصلاح ستشمل العالم القروي برمته، نظرا لشساعة هذه الأراضي وعدد الساكنة المرتبطة بها.
واعتبر أن إصلاح طرق وتدبير وتثمين أراضي الجماعات السلالية سيؤدي إلى تحسين وضعية ذوي الحقوق وسيشجعهم على الاستقرار والاستثمار في أراضيهم، كما أنه سيؤدي إلى جلب الاستثمارات إلى العالم القروي وخاصة في الميدان الفلاحي، مما سيساهم في تطوير الإنتاج وإحداث فرص الشغل وبالتالي دمج الساكنة القروية في مسلسل التنمية، لافتا إلى أن هذا الإصلاح سيكون له أثر إيجابي على الورش المفتوح بشأن تصفية الوضعية القانونية للأراضي الجماعية، من خلال تسريع وتيرة التحفيظ العقاري والتحديد الإداري بهدف توفير عقارات محفظة، وبالتالي قابلة للتعبئة.
وخلص إلى أن هذا الإصلاح سيساهم في إنجاح الورش المتعلق بتمليك الأراضي الجماعية الواقعة في دائرة الري لذوي الحقوق، تنفيذا لتعليمات جلالة الملك محمد السادس.
في كلمة له باسم الفريق الاشتراكي خلال الجلسة العمومية لمجلس النواب:الملاحي: مناقشة مشاريع قوانين أراضي الجماعات السلالية تأتي في سياق ما تحقق من مكتسبات في مجال الحقوق والحريات
بتاريخ : 25/07/2019