في مداخلة رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية لتفسير التصويت على قانون حق الإضراب

عبد الرحيم شهيد: الواقع أظهر الوجه الحقيقي للحكومة التي فضلت الوقوف إلى جانب الباطرونا ورفاهيتها على حساب الشغيلة وتضحياتها

 

خذلتم الشغيلة لأنكم تنكرتم لالتزامكم الحكومي بتفعيل توصيات تقرير النموذج التنموي الجديد المتعلقة بقانون الشغل

هناك حلقة مفقودة لإرساء المقاربة التشاركية الحقيقية التي تضمن انخراط كل الفرقاء الاجتماعيين في هذه المسطرة التشريعية

تقدمنا بأزيد من 100 تعديل رفعت الحكومة في وجهها العبارة الجاهزة «غير مقبول»، لأن سياستها مبنية على منطق الأغلبية العددية

اسمحوا لي، ونحن نناقش مشروع القانون التنظيمي 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، في قراءته الثانية أن نؤكد في المعارضة الاتحادية أننا أمام لحظة فارقة في مسار بلادنا، لم تنجح الحكومة في استثمارها بالشكل الإيجابي بما يتلاءم مع شعار الدولة الاجتماعية.
أولا، تعثر الحوار حول مقتضيات المشروع إذ لاحظ الرأي العام أن هناك حلقة مفقودة لإرساء المقاربة التشاركية الحقيقية التي تضمن انخراط كل الفرقاء الاجتماعيين في هذه المسطرة التشريعية، لأننا سجلنا التذبذب بين موقف الحكومة ومواقف النقابات في العديد من محطات الحوار بينهما: حكومة تتحدث عن توافقات ونقابات تعلن بين الفينة والأخرى عن رفضها التام للمشروع. فمن يصدق الرأي العام؟ وأية إشارة نريد إعطاءها حول الجدية من خلال السلوك الحكومي المتقلب؟
ثانيا، خذلتم الشغيلة المغربية لأنكم تنكرتم لالتزامكم الحكومي الذي أكدتم فيه (ص 59) «على تفعيل توصيات تقرير النموذج التنموي الجديد المتعلقة بقانون الشغل والتي تشمل اعتماد قانون النقابات، وإصدار القانون التنظيمي للإضراب، وتعزيز احترام الحقوق الأساسية في مكان العمل، ووضع إطار قانوني لهيكلة العلاقة بين المتدربين والمقاولة».
فهل بهذه المقتضيات المجزأة سنحمي الحقوق الطبيعية والمشروعة للأجراء، وسنعزز التراكمات التي تحققت لفائدة الشغيلة المغربية بفضل نضالات القوى الحية في بلادنا؟
ثالثا، من متطلبات الدولة الاجتماعية اعتماد مقتضيات منصفة للفئات الاجتماعية الأكثر احتياجا، وعلى رأسها الأجراء، أو على الأقل الوقوف على نفس المسافة بين أرباب العمل والشغيلة. لكن الواقع كشف زيف الشعار، وظهر الوجه الحقيقي للحكومة التي فضلت الوقوف إلى جانب الباطرونا ورفاهيتها على حساب الشغيلة وتضحياتها.
رابعا، ضاع الحق مع هذه الحكومة لأنها فقدت الشجاعة لضمان تكريس سيادة القانون، وتعزيز حقوق الشغل، وفي مقدمتها الحق في الإضراب المكفول دستوريا. نعم للتوفيق بين الحق في الإضراب وحرية العمل، نعم للموازنة بين الإضراب المسؤول والمشروع، وبين الحرص على استمرارية المرفق العمومي، لكننا نرفض بالمطلق تجاهل التجربة المهمة لبلادنا في البناء الديمقراطي والتراكمات الإيجابية التي حققتها بلدنا في مجال تدعيم الحقوق والحريات بفضل نضالات القوى الحية، وعلى رأسها الشغيلة المغربية.
خامسا، تستمر الحكومة في سياستها الصماء ومنطق الأغلبية العددية وعدم التفاعل الإيجابي مع تعديلاتنا في المعارضة الاتحادية إذ تقدمنا بأزيد من 100 تعديل رفعت الحكومة في وجهها العبارة الجاهزة «غير مقبول». الحكومة لم تكلف نفسها عناء بذل المجهود لاستيعاب مدلولها وغايتها لضمان الحق في الإضراب وحرية العمل النقابي. إنها أول حكومة في تاريخ المغرب تستحق عن جدارة لقب حكومة «غير مقبول».
الحقيقة الساطعة كالشمس في هذه اللحظة التشريعية أنكم تثبون صواب مواقفنا منذ بداية الولاية الحالية:
أنكم حكومة ليبرالية تقع على النقيض من شعار الدولة الاجتماعية لأن العدالة الاجتماعية ليست من أولياتها.
أنكم حكومة الانحياز للرأسمال ضدا على الحقوق الاجتماعية للفئات الشعبية التي تحتاج للإنصاف.
أنكم حكومة أخلفت موعدها مع التاريخ لأنها لم تغتنم فرصة مناقشة مشروع قانون الإضراب لإقرار مقتضيات تكرس التوازن بين مصالح أرباب العمل الذين يساهمون في تنمية الاقتصاد الوطني وبين حقوق عاملات وعمال يكدون من أجل تنمية الثروة الوطنية ليس ثروات خاصة.
للأسف الشديد، الصيغة التي جاء بها مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، والتي تعنتت الحكومة في تمريرها عدديا، لم تعكس التراكمات المهمة التي حققتها بلادنا في مجال البناء الديمقراطي وتعزيز دولة الحقوق والحريات، ولم تستجب لانتظارات فئة عريضة من الشعب المغربي وللمطالب التي عبرنا عنها في المعارضة الاتحادية.
لقد قضيتم السيد الوزير سبعة أشهر في طحن طواحين الهواء، هل أقنعتم السيد الوزير أحدا كان سيصوت ضد قانون الإضراب واليوم صوت لصالحه؟ فكل من كان سيصوت ضد هذا القانون التنظيمي، من قوى اليسار و جميع النقابات تصوت اليوم ضد هذا المشروع، بمفهوم المخالفة أنكم لم تنجحوا في إقناعهم بخطابكم المعسول.
هنيئا لكم السيد الوزير و لحكومتكم، فإن كنتم أبدعتم في شيء فهو المصطلحات التي تغني القاموس السياسي، فمن يعارض هذه الحكومة فهو مدنس كذاب، ومن يسحب و من ينسحب احتجاجا فهو خائن جبان، و من يصوت ضد هذه الحكومة فهو كافر أو على الأقل زنديق.
فعلى هذا الإبداع لكم السيد الوزير كل الأجر و كل الكمال.
و شكرا لكم.


بتاريخ : 07/02/2025