في مداخلة لابتسام مراس بلجنة القطاعات الاجتماعية:

الفريق الاشتراكي ينوه بمشروع قانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية وينبّه إلى الصعوبات التي قد تعترض تنزيله وتحول دون تحقيق أهدافه الرئيسية

 

أكدت ابتسام مراس أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي له مرجعية اشتراكية، يراهن على الدور الأساسي للدولة في الرعاية الاجتماعية، ويعتبر أن الحماية الاجتماعية تعدّ إحدى أهم القضايا الأساسية والجوهرية في مشروعه المجتمعي، فهي كانت ولا تزال ضمن أولويات البرنامج السياسي والانتخابي للحزب على مدى مساره النضالي، مبرزة أنه على الرغم من تسجيل التقدم الذي أحرزه المغرب في العديد من المجالات التنموية والاقتصادية، إلا أن الأثر الاجتماعي يبقى قليلا إن لم يكن منعدما على الفئات الاجتماعية الهشة والفقيرة، لذلك فإن إقرار قانون إطار للحماية الاجتماعية، يعتبره الحزب تعاقدا اجتماعيا جديدا ضمن المشروع التنموي الجديد يشكل فيه التعاضد والحماية الاجتماعية للفئات المستضعفة والهشة أحد الأولويات الأساسية.
وشدّدت النائبة البرلمانية في مداخلة لها أمس الجمعة بلجنة القطاعات الاجتماعية، وهي تخاطب وزير المالية، خلال مناقشتها لمشروع قانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، على أن هذا المشروع وإن كان الفريق الاشتراكي ينوه به ويعتبره بمثابة ثورة اجتماعية حقيقية ضد الفقر والهشاشة، وبأنه مشروع طموح يهدف إلى ضمان الكرامة الإنسانية، وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية، ويندرج أيضا في قلب منطوق الفصل 31 من الوثيقة الدستورية، إلا أن هناك العديد من المخاوف المرتبطة بإمكانية تعثر تنزيل هذا القانون الإطار وعدم تحقيق أهدافه الرئيسية، خاصة ما يتعلق بتعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض من خلال توسيع الاستفادة من هذا التأمين ليشمل كل الفئات المعنية ومنها الفئات المعوزة المستفيدة من نظام المساعدة الطبية، وتوسيع التنزيل التام للتأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، وتوسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد لتشمل الأشخاص الذين يمارسون عملا ولا يستفيدون من أي معاش، وذلك من خلال تحقيق التنزيل التام لنظام المعاشات الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين، وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل.
ونبّهت النائبة البرلمانية عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلى أن مردّ القلق والتخوف من تعثر تنفيذ وتنزيل مضامين مشروع قانون الإطار، يعود بالأساس لما سبق أن عبر عنه الفريق الاشتراكي عند مناقشة القانون رقم 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، الذي لم يتم تنزيله منذ سنة 2017 بسبب غياب رؤية حكومية واضحة، وعدم الاستشارة والتنسيق القبلي مع ممثلي فئات المهنيين والمستقلين المعنيين، الفرقاء الاجتماعيين وكافة المتدخلين  مما أدى إلى التأخر في إصدار بعض المراسيم التطبيقية وعدم إصدار أخرى بعد مرور ما يناهز الأربع سنوات، بسبب كيفيات أداء وتحصيل الاشتراكات المتعلقة بهذا التأمين …..إلى غير ذلك من الإشكالات.
واستعرضت ابتسام بعض الصعوبات والإشكالات التي يعتبرها الفريق الاشتراكي عوامل غير مساعدة على تطبيق القانون المؤطر لهذا الورش المجتمعي واستجابته للتوجيهات الملكية السامية ولخلاصات وتوصيات المناظرة الوطنية وكذا لتطلعات المواطنات والمواطنين وضمان ديمومته واستمراريته، مشددة على أن إنجاح هذا الورش يبقى رهينا بتأهيل المنظومة الصحية المهترئة كما ظهر جليا مع الأزمة الصحية الراهنة المرتبطة بجائحة كوفيد 19 بسبب ضعف البنيات التحتية الصحية بشكل عام، وصعوبة الولوج للخدمات الصحية من طرف مختلف فئات المجتمع، والنقص الحاد في الأطر الطبية من أطباء وممرضين، وغياب العدالة المجالية، والتفاوت بين الجهات في توزيع الموارد المالية والبشرية والمرافق الصحية، بالإضافة إلى ضعف الخدمات العلاجية خاصة الضرورية منها، وعدم الاستثمار الأمثل للرأس المال البشري. وأشارت المتحدثة على أن من بين الصعوبات نظام التعويض عن فقدان الشغل، الذي يعتبر أحد أهم آليات تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية لفائدة شريحة مهمة من الأجراء فاقدي الشغل لأسباب غير إرادية والذين أخرجوا  في بحث جدي عن عمل جديد وذلك انسجاما مع مضامين الاتفاقية رقم 102 بشأن المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي الصادرة عن منظمة العمل الدولية والمصادق عليها من طرف بلادنا، مؤكدة على أنه تبين على أن هذا النظام ومنذ إقراره بالمغرب لم يكن مؤهلا لتوفير التعويضات لمن فقدوا فرص عملهم بسبب الجائحة في الأشهر الماضية، وذلك بسبب صعوبة الولوج لهذا التعويض، حيث أن عدد المستفيدين لا يتجاوز حاليا 20 ألف شخص، ما يمثل فقط ثلث الطلبات المودعة لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مما يقتضي ضرورة تبسيط شروط الاستفادة من النظام لتحقيق الغايات منه وتوفير الحماية الاجتماعية لهذه الفئات.
وأبرزت البرلمانية الاتحادية مرّاس، في مداخلتها لمناقشة مشروع قانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، أن الفريق الاشتراكي يعتبر أن تحقيق الحماية الاجتماعية للفئات الهشة على وجه الخصوص، وفق ما تقتضيه مبادئ الحكامة والعدالة الاجتماعية والفعالية والإنصاف والشفافية، يقتضي ( بالإضافة إلى ما سبق) تقييم القوانين المؤطرة والنظر في مدى فعاليتها وقابليتها للتنفيذ والتطبيق، لأنه في كثير من الأحيان تم التشريع فقط من أجل التشريع، مذكّرة وزير المالية بعدم التزام الحكومة بإرفاق مشاريع القوانين بدراسة أثرها على المجتمع عامة وعلى الفئات المستهدفة بها، لجعلها قابلة للتطبيق وتحقيق الأهداف المتوخاة منها كما ينص على ذلك القانون التنظيمي رقم 65.13، كما يقتضي الأمر أيضا تحقيق نجاعة البرامج، والسياسات العمومية المرتبطة بمجال الدعم الاجتماعي التي تتسم بالتشتت المفرط وضعف في التنسيق بين المتدخلين، وغياب التناسق والالتقائية بين القطاعات الحكومية، مع الحرص طبعا على تكريس وتثمين المكتسبات وترصيدها.
واختتمت ابتسام مداخلتها بالتأكيد على أن الحماية الاجتماعية ليست بالعملية التقنية، المرتبطة فقط بتعبئة الموارد وبتوفير مصادر التمويل، بل هي عملية مرتبطة ببعد سياسي وحقوقي ودستوري، وبترسيخ الديموقراطية ودولة القانون، وبتقليصِ الفوارق الاجتماعية، وتعزيز التماسك الاجتماعي والاستقرار، وإقامة منظومة موسعة وعادلة للحماية الاجتماعية تستهدف مختلف فئات المجتمع، من خلال بلورة وتنفيذ سياسة اجتماعية متكاملة تقطع مع الطابع الخيري «للمساعدة الاجتماعية»، وتعيد النظر في الحقوق الاجتماعية بوصفها مكونا أساسيا من مكونات حقوق الإنسان، وفي الآليات الموجهة لتوفير الخدمات التربوية والصحية وضمان الحق في السكن والشغل والعيش الكريم.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 13/03/2021